أسدل الستار، ليلة أول أمس الأحد، على فعاليات الدورة السابعة عشرة من مهرجان كناوة موسيقى العالم، بسهرة متميزة بساحة مولاي الحسن بالصويرة، التي عُرفت بالتعايش بين المسلمين واليهود على مدى قرون، أنتج تراثا حضاريا ومعماريا مازال يميز هذه المدينة الساحلية. (سوري) وأحيا سهرة الاختتام المعلم حميد القصري، الذي يتقن فن "تكناويت" ويبرع في العزف على آلاتها الخاصة (الهجهوجولكنبري)، رفقة الفنان المالي باسيكوكوياتي، صاحب الآلة الموسيقية التقليدية المسماة (نكوني)، التي سبق ظهورها آلة "الكمبري، ومجموعته نغونيبا. وسبق للمعلم القصري أن اعتلى منصة مهرجان كناوة أكثر من مرة، خلال الدورات السابقة، حيث جمعته بعازفين أجانب عروض موسيقية متميزة، جمعت بين اللحن الغربي والإيقاع "الكناوي" الإفريقي. ورغم انفتاحه على ألوان موسيقية عالمية، حافظ المعلم القصري على أصالة تراث فن كناوة ليصنفه الجمهور ضمن أشهر الأعلام الموسيقية لهذا الفن، لإطرابه عشاق فن كناوةبصوته الجوهري وعزفه المتقن، وأغانيه التراثية الخالصة، التي تؤصل لعراقة هذا الفن ولجذوره الراسخة في الثقافة المغربية والعالمية. وأهم ماميز حفل الاختتام، حضور عبد السلام بيكرات، والي جهة مراكش، رفقة عامل إقليمالصويرة، بشكل عاد من دون بروتوكول، لينضماإلى عشاق الموسيقى الكناوية، الذين ظلوا يرددون الأغاني التي صدح بها المعلم القصري في سماء المدينة، واستطاعت الإيقاعات الكناوية، التي حركت جنبات منصة مولاي الحسن، أن تلهب مشاعر عبد السلام بيكرات والي جهة مراكش، عندما ظل يتفاعل معها بالتصفيقات. وعلى مدى 4 أيام، استضافت الصويرة فرقا موسيقية للفن الكناوي من كل أنحاء المغرب وأخرى قادمة من بلدان إفريقية ومن أمريكا، في إطار الدورة السابعة عشرة لمهرجان كناوة موسيقى العالم، التي تعتبر، حسب مهتمين، حدثا يتجاوز البعد الاحتفالي الفلكلوري إلى الكشف عن وجه آخر لطبيعة بلدان المغرب العربي بعمقها الإفريقي وامتداداته الثقافية والحضارية. واعتلت المنصات، التي أقيمت في أكثر من فضاء داخل مدينة الصويرة، التي احتضنت بين أسوارها القديمة حكايات تعايش لعدد من الثقافات والديانات يهودية ومسلمة، عربية وإفريقية أمازيغية، فرق "الفن الكناوي"، لإحياء سهرات فنية استمتع من خلالها جمهور المدينة، وآخرون قدموا خصيصا لمتابعة المهرجان من كل أنحاء المغرب ومن خارجه، بإيقاعات أهازيج كناوة، استمرت إلى ساعات الصباح الأولى، غير عابئين بلسعات رياح المدينة البحرية ولا بأجوائها الباردة. ويستمد مهرجان كناوة، الذي يقام سنويا بالمدينة، من كل هذا الزخم الثقافي الذي تعبر عنه هذه الموسيقى الروحية، الأهمية التي أضحى يكتسيها والاهتمام الإعلامي والثقافي الذي يسلط عليه، فبالإضافة إلى فرق كناوة المحلية،تُقدم عروض يشارك فيها فنانون عالميون يؤدون مقاطع من فن الجاز، الذي يتقاطع في منشئه التاريخي عن الاستعباد والتهميش ومعاناة الزنوج بأمريكا وأوروبا، مع موسيقى كناوة، لتلتقي على خشبة واحدة وعلى إيقاع واحد، رواية إنسانية اختار أصحابها أن يكتبوها بالموسيقى.