فتحت صباح الإثنين مكاتب الإقتراع في الإنتخابات الرئاسية المصرية التي تجري على يومين ويتوقع أن يفوز بها القائد العام السابق للجيش عبد الفتاح السيسي. ويواجه السيسي الذي أطاح الرئيس الإسلامي محمد مرسي قبل 11 شهرا وشن حملة قمع واسعة ضد جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها مكتسبا بذلك شعبية كبيرة، منافسا وحيدا هو القيادي اليساري حمدين صباحي. وتشكلت طوابير طويلة من الرجال والنساء، خصوصا كبار السن، منذ الصباح الباكر امام العديد من مكاتب الاقتراع في القاهرة، بحسب صحافيين من فرانس برس. ووصل السيسي، بعيد فتح مكاتب الاقتراع بدقائق، إلى مركز في منطقة مصر الجديدة (شمال شرق القاهرة) للإدلاء بصوته. وداخل مركز الاقتراع، قال السيسي للصحافيين "الدنيا كلها تشاهدنا لترى كيف سيصنع المصريون التاريخ والمستقبل اليوم وغدا"، مضيفا "المستقبل سيكون جميلا وعظيما". وقالت له سيدة مسنة ذات شعر أبيض كانت تدلي بصوتها "كنا نعتزم ترك البلد ولكنك أنقذتنا من الدمار الشامل" فرد عليها السيسي "ستظلون في البلد وستعيشون في أمان". واتخذت إجراءات أمنية مشددة حول مركز الإقتراع الذي يدلي فيه السيسي بصوته، إذ أغلقت الطرق المؤدية إليه بالأسلاك الشائكة وكان هناك كلاب بوليسية تطوف حوله كما حلقت مروحية فوق المدرسة التي أقيم بها مركز الإقتراع. إلا أن أجواء احتفالية سادت في الوقت نفسه حول مركز الإقتراع، إذ كانت سيدات تزغردن وأخريات تصفقن وتلوحن بأعلام مصر. وأكد عدة ناخبين أنهم جاءوا ليعطوا أصواتهم للسيسي. وقال ميلاد يوسف وهو محامي مسيحي في التاسعة والعشرين من عمره أعطى صوته لصباحي في انتخابات 2012 وشارك في ثورة كانون الثاني/يناير 2011 وفي تظاهرات 30 حزيران/يونيو ضد مرسي "نحن بحاجة ؟إلى رجل قوي، رجل عسكري". أما عمر عبد الحليم وهو مهندس متقاعد في الرابعة والسبعين من عمره فقال "السيسي رجل المرحلة المقبلة فقد أنقذ البلد من عصابة الإخوان ووقف موقفا بطوليا إلى جانب الشعب". وتغطي صور السيسي جدران العاصمة منذ عدة أشهر وهو يعد بالنسبة لغالبية من المصريين الرجل القوي القادر على إعادة الأمن والاستقرار للبلاد بعد ثلاث سنوات من الفوضى والإضطرابات أدت الى تدهور الأوضاع الإقتصادية وغلاء الأسعار وارتفاع نسبة البطالة. لكن خصومه يقولون إن مع إنتخابه المتوقع فإن الجيش سيكرس سيطرته على السلطة التي استعادها مع إطاحة مرسي بعد عام أمضاه في السلطة وارتكبت خلاله جماعة الإخوان أخطاء عدة أثارت غضب المصريين ضده. وتعد نسبة المشاركة الرهان الرئيسي في هذه الانتخابات التي يريد السيسي أن يجعل منها دليلا على شعبته الكبيرة وعلى شرعيته التي تشكك فيها جماعة الاخوان المسلمين. ودعا الإوان إلى مقاطعة الانتخابات التي يعتبرونها باطلة لأنها جاءت نتيجة "انقلاب" السيسي على مرسي المنتخب ديموقراطيا. وطلب السيسي نفسه الجمعة من المصريين التصويت بكثافة. وقال في مقابلة تلفزيونية "عليكم النزول الآن أاكثر من أي وقت مضى في تاريخ البلاد. انزلوا وأظهروا للعالم كله أنكم 40 او 45 (مليونا) وحتى أكثر" في حين يبلغ أجمالي عدد المسجلين في اللوائح الإنتخابية في مصر 53 مليونا. وتشهد البلاد حملة تعبئة واسعة من أجل تحفيز الناخبين على المشاركة. وتذيع التلفزيونات الخاصة والعامة منذ عدة ايام أغان وكليبات قصيرة تدعو المصريين إلى "النزول" يومي الانتخابات. وانضمت مؤسسة الأزهر إلى هذه الدعوة. وقال الأمام الأكبر شيخ الأزهر أحمد الطيب في بيان الأحد أن "التقاعس عن المشاركة في التصويت عقوق للوطن". وأضاف في ما أسماه "نداء الأزهر الشريف إلى الشعب المصري"إنه يدعو "كل مصري ومصرية إلى تلبية نداء الوطن بالمشاركة والنزول للادلاء باصواتهم في الانتخابات". وفي إشارة إلى دعوات لمقاطعة الانتخابات صدرت عن شيوخ مقربين من الإخوان المسلمين، ومن بينهم الشيخ يوسف القرضاوي، قال بيان الأزهر إن " ما يصدر عن بعض المغرضين بالداخل والخارج من آراء مضللة واستدلال خاطئ بنصوص القرآن والسنة لتحريم المشاركة في الانتخابات الرئاسية انما هي Bراء شاذة ومضلة". وناشد القرضاوي الأحد الناخبين المصريين الأحد عدم انتخاب "رجل يفرح بمجيئه الصهاينة (..) وعصى الله، وخان الأمانة". ومنذ عزل مرسي، شنت السلطات حملة قمع ضد أنصار مرسي أوقعت 1400 قتيل على الأقل بحسب منظمة العفو الدولية، كما تم توقيف 15 الفا آخرين. في المقابل قتل قرابة 500 من أفراد الجيش والشرطة في اعتداءات مسلحة ضد قوات الأمن عبر البلاد، بحسب الحكومة. ومع استمرار تلك الهجمات بات غالبية المصريين يعولون على السيسي لإعادة الأمن والاستقرار إلى البلاد التي تعاني من تراجع للسياحة ومن نقص في النقد الأجنبي وارتفاع في معدلات البطالة والتضخم وانحسار للاستثمارات الأجنبية. بالمقابل, يقدم القيادي اليساري حمدين صباحي نفسه باعتباره المرشح المعبر عن مبادئ وأهداف ثورة 25 يناير التي عكسها شعارها الرئيسي "عيش، حرية، عدالة اجتماعية، كرامة انسانية". وصباحي، الذي أكد أنه قرر الترشح بناء على إلحاح الشباب الذين يخشون عودة نظام مبارك الاستبدادي، لعب دورا مركزيا في جبهة الإنقاذ الوطني التي تشكلت في تشرين الثاني/نوفمبر 2012 لمعارضة مرسي ونظمت تظاهرات واحتجاجات عديدة ضده مهدت لخروج الملايين في 30 حزيران/يونيو الماضي للمطالبة برحيله. وأعلن العديد من النشطاء السياسيين البارزين من بينهم علاء عبد الفتاح أنهم سيصوتون لصالح صباحي لأنهم يعتقدون أن حكم السيسي سيكون عودة إلى عهد مبارك. وفي لقاء مع رؤساء تحرير الصحف المصرية أخيرا، قال السيسي "أنتم تكتبون في الصحف أن لا صوت يعلو فوق صوت حرية التعبير. ما هذا؟". واضاف مستنكرا "من السائح الذي سيأتي لنا ونحن نتظاهر كل يوم بهذا الشكل. هل تنسون أن هناك ملايين من البشر والأسر غير قادرة على كسب قوت يومها بسبب توقف السياحة؟". وفي اللقاء نفسه، قال السيسي ان مصر بحاجة الى اكثر من عشرين عاما لتصبح ديموقراطية حقيقية.