نظمت التنسيقية الوطنية للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، أمس الثلاثاء بالرباط، مائدة مستديرة، تحت شعار "المبادرة الوطنية للتنمية البشرية رافعة للتحولات الاجتماعية"، تخليدا للذكرى التاسعة للمبادرة. (كرتوش) وأبرز المشاركون في المائدة المستديرة أن المبادرة مكنت من انخراط مختلف الفاعلين، كما عبأت إمكانيات مالية مهمة، كفيلة بتجذير التحولات الاجتماعية العميقة، التي يعكسها التحسين المستمر لظروف عيش السكان المستفيدين. وتطرق المشاركون في هذا اللقاء، الذي قدمت فيه شهادات لمستفيدين مباشرين من المبادرة، إلى التحولات الاجتماعية التي تشهدها الفئات المستهدفة، من خلال المنجزات الكمية والكيفية، وسلوكيات وتمثلات الفاعلين، وكذا مشاركتهم في التعبير عن الحاجيات وتحقيق البرامج والمبادرات التنموية، علاوة على تعبئة الجميع في مسلسل تتبع وتقييم المشاريع، في إطار ربط المسؤولية بالمحاسبة، مضيفين أن المبادرة تساهم في تكريس السلم الاجتماعي، عبر "اعتماد منهجية ترتكز على الاستهداف كمبدأ وتكافؤ الفرص كسلوك". وأجمع المشاركون على أن المبادرة التي أعلن عنها جلالة الملك محمد السادس، شكلت "منعطفا أرخ لتحولات اجتماعية كبرى بامتياز"، وأنها "أسست لنهج فريد في تدبير الشأن العام، ومكنت من إحداث قطيعة مع الأسلوب التقليدي في تدبير الشأن المحلي، واضعة الإنسان في قلب الأولويات الوطنية والتحديات الديمقراطية والتنمية". وأبرز المستفيدون، الذين شاركوا في المائدة المستديرة، أن المبادرة "فلسفة احتضنها المجتمع وأصبحت ملكا له، كصناعة مغربية مائة في المائة، داعمة للديمقراطية المحلية، وقوة دفعتنا لتحقيق نتائج إجايبة". من جهته، قال سليمان حجام، نائب المنسقة الوطنية للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، إن المبادرة تعتبر "مشروعا مجتمعيا، أحدث نقلة نوعية وتحولا في مقاربة التنمية الاقتصادية والاجتماعية ببلادنا، استنادا إلى مجموعة من القيم والمبادئ، ترتكز على احترام كرامة الإنسان، وإعادة الثقة للمواطنين، والإشراك في مسلسل التعبير عن الحاجيات، واتخاذ القرارات وتبني الحكامة الجدية في إطار من الشفافية، واستمرارية المشاريع، والمحاسبة والافتحاص". وأضاف حجام أن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية مشروع ملكي، أتى بفلسفة ومبادئ وقيما تشكل قطيعة مفاهيمية في ما يتعلق بالأساليب التقليدية للتنمية، كما تعد ثقافة وسلوكا ومنهجا وإقرارا بالعمل"، مشددا على أن المبادرة لم تشكل "عصا لفاقدي البصر، لكنها كانت بمثابة حافلة صغيرة، حملت على متنها مختلف الشركاء، لتغير أمورا كثيرة في الحياة الاجتماعية للمستفيدين". وأبرز أن تنفيذ برامج المبادرة تميز بمنهجية تعتمد الإشراك والمشاركة والالتقائية بين كل الفاعلين، من منتخبين وسلطات محلية ومصالح خارجية ومجتمع مدني، إلى جانب المستفيدين والشركاء، مفيدا أن تحليل محنى الإجراءات المعتمدة، وتتبع المسارات، يمكن من ملامسة أهداف التحولات الاجتماعية المنشودة، ليتسنى للمواطنين التمتع بحقوقهم الأساسية في مجال الولوج إلى البنيات والخدمات الاجتماعية، وتعزيز الحكامة المحلية، ومزاولة الأنشطة المدرة للدخل، وكذا التنشيط السوسيو ثقافي والرياضي. في السياق نفسه، دعا عزيز الرباح، وزير التجهيز والنقل واللوجستيك، المرصد الوطني للتنمية البشرية إلى ضرورة الأخذ بعين الاعتبار مبادرات القطاعات الأخرى، وعدم الاقتصار على المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، على اعتبار أن المبادرة يجب أن تأخذ في مضمونها الإجمالي. وقال الرباح إن من بين "الأهداف الكبرى للمبادرة، تحريك جميع القطاعات، من أجل تنمية بشرية"، وأنها "نجحت في هذه المسألة، وأصبح لدينا عقد للمدن وعقد للأقاليم، ما يؤكد على الالتقائية في القطاعات، والمبادرة حققت هدف الالتقائية. من جانبه، أبرز رشيد بلمختار، وزير التربية الوطنية والتكوين المهني، ورئيس المرصد الوطني للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، أن المرصد سيأخذ بعين الاعتبار جميع مبادرات التنمية في القطاعات الأخرى. وبعد أن تطرق لمهام المرصد، قال إن هناك سببين رئيسيين للهدر المدرسي في القرى النائية، لا يتعلقان ببعد المدرسة، وانعدام وسائل النقل، بل يعودان إلى "انعدام الرغبة لدى التلاميذ في التمدرس، ورفض الأسر تمدرس أطفالها إذ تعتبر العديد من الأسر المدرسة مسألة غير مرغوب فيها، ولا تحظى بالأهمية، بسبب المستوى السوسيوثقافي للأسر، التي لم تستوعب بعد أهمية المدرسة والتمدرس.