سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
على المجتمع والمدرسين وحتى الآباء أن يعوا أن صعوبات التعلم ليست هي التخلف أو الكسل خديجة بليوش نائبة رئيسة الجمعية المغربية لاضطرابات وصعوبات التعلم تتحدث عن متاعب الأطفال الديسليكسيين
كثير من الأسر يعاني أحد أطفالها ظاهرة "الديسليكسيا"، التي أصبحت تطرح مشاكل بسبب عدم الوعي بمخاطر هذه الصعوبة في التعلم على مستقبل الطفل الدراسي. في هذا الإطار، تقوم "الجمعية المغربية لاضطرابات وصعوبات التعلم" Association Marocaine des Troubles et Difficultés d'Apprentissage (AMTDA)، الموجود مقرها بالدارالبيضاء، بتنظيم أيام الأبواب المفتوحة بالمؤسسات التعليمية، من أجل التحسيس والتوعية بهذه الظاهرة، والحديث عن بعض خصائصها كحالة تظهر الطفل متأخرا في التعلم عن باقي أقرانه، ليس لأن له صعوبات في الاستيعاب والإدراك، بل فقط لأنه يحتاج طريقة خاصة في التعلم. عن هذه الحالات، وعن دور الأسرة والمدرسة في تقديم الدعم اللازم لهؤلاء الأطفال، تتحدث خديجة بليوش، نائبة رئيسة الجمعية المغربية لاضطرابات وصعوبات التعلم، في هذا الحوار. ما هي الظروف التي أنشئت فيها الجمعية؟ وما هي أهدافها؟ هي الجمعية المغربية لاضطرابات وصعوبات التعلم، تأسست في17 شتنبر2010، لتهتم بحالات خاصة جدا لأطفال يعانون صعوبات في التلقي الدراسي، وتسعى بأنشطتها، بصفة عامة، إلى حماية حقوق الطفل، وبصفة خاصة إبراز خصائص اضطرابات وصعوبات التعلم والتكفل بالحالات التي يتم رصدها. للجمعية، التي تترأسها زهور لقويدر، مجالات اختصاص تشمل تنظيم وتأطير كل الأنشطة، التي من شأنها تحقيق الإدماج الدراسي والاجتماعي، ومساعدة ومصاحبة الأطفال ذوي اضطرابات وصعوبات التعلم، والعمل على إدماج هذه الفئة في الحياة المدرسية والتكوين، من خلال إدراج مضامين تربوية تخصها في البرامج الحكومية. أيضا، نعمل على مساعدة المتخصصين على التشخيص المبكر للحالات، وعلاجها مع أولياء الأمور والمدرسين والاختصاصيين والأطباء. أما عن ظروف إنشاء الجمعية، فأتت بمبادرة من مجموعة من الأمهات اللواتي أضناهن البحث عن حلول لأبنائهن، الذين يعانون مشاكل دراسية ناجمة عن وجود اضطراب منشأه اختلال بالجهاز العصبي، ويطلق عليه "اضطراب التعلم" أو "صعوبة التعلم"، لأن أغلب الباحثين يرجعه إلى خلل عضوي ونمائي بوظائف الدماغ، وتكون الديسليكسيا مصاحبة لمجموعة من الصعوبات، مثل ضعف الذاكرة، وضعف مهارات اللغة التعبيرية والاستقبالية، وضعف المهارات التحليلية لأصوات وتراكيب اللغة وأشكال الحروف والكلمات، مع وجود مشكلة في التحصيل الدراسي في مواد القراءة حيث يكرر الكلمات ولا يعرف إلى أين وصل، ولا يقرأ بطلاقة، كما يستخدم الأحرف في الكلمة بطريقة غير صحيحة، ويعكس الأحرف والكلمات، كما يواجه صعوبة في حل المسائل الرياضية، ولا يتذكر القواعد الحسابية، ولا يستطيع تتبع الكلمات في السطر الواحد، ويصعب عليه نسخ ما يكتب على السبورة... إلى غير ذلك من الصعوبات التي تحتاج تعاملا تربويا خاصا. هل تعتقدون أن لأسر هؤلاء الأطفال دورا في تحسين وضعيتهم التربوية؟ نعم بالتأكيد، للأسرة دور مهم في مساندة طفلها، بحيث يعتبر الوالدان مصدرا قيما، لجمع المعلومات حول الطفل، وكذلك السهر على تطبيق الخطة التربوية والعلاجية الفردية، لمواجهة المظاهر المترتبة عن اضطراب التعلم، لذا يجب أن تتوحد وتتفاعل جهود كل من المدرسة والمهنيين مع جهود الأسرة. ما هو دوركم تجاه الأسر بالذات، أي تجاه الآباء بشكل خاص؟ دور الجمعية تجاه الآباء يتلخص في التحسيس والتوعية باضطرابات التعلم وخصائصها، وبالتالي الاستماع والتوجيه. ما هي أهم المشاكل التي يعانيها هؤلاء الأطفال؟ غياب التشخيص والتدخل والمرافقة يعرضهم للإهمال والتهميش، وتحميل الأساتذة والآباء لهم مسؤولية الصعوبات التي يعانونها، ما يتسبب لهم في عدم الاندماج، وبالتالي سيتعرضون لخطر الهدر المدرسي، وربما إلى الانحراف. عدم وعي بعض الأسر، وحتى المدرسين، بمشاكل أبنائهم يجعلهم ينعتونهم بأوصاف تمس شخصيتهم وتعرضهم للإهانة والتحقير، كالغباء أو الكسل أو عدم الطموح، أو غير ذلك. وهذا غالبا يؤدي بهم إلى الإحباط المستمر وفقدان الثقة في النفس، فينعكس على سلوكهم بطريقة عدوانية شديدة، سواء في المدرسة أو البيت. هذا الأمر يعجل بمغادرتهم المدرسة في وقت مبكر، للارتماء في أحضان الجهل والأمية والإجرام. ما هي رسالتكم للمسؤولين الحكوميين، سواء في مجال الأسرة والطفولة،أو في مجال التربية والتعليم؟ هناك نقص كبير في الوعي بمتطلبات هذه الفئة من الأطفال، التي لا يمكن اعتبارها من ذوي الاحتياجات الخاصة، بل فقط تحتاج إلى تكوين خاص يتلاءم وقدراتهم الذهنية المختلفة عن باقي الأطفال، وليست المتخلفة. وبالتالي، نحن من جهتنا نسعى إلى تحسيس المسؤولين بوضعية هؤلاء، ونقول لهم إننا في حاجة إلى وضع قوانين تنظم التكفل بهذه الفئة من الأطفال، وتكوين أساتذة متخصصين في ميدان اضطرابات التعلم، وتنظيم حملات توعوية وتحسيسسية لفائدة الأطباء والآباء ومسؤولي التعليم باضطربا ت التعلم ومظاهرها، ووضع قوانين تنظم عملية التغطية الصحية، لمواجهة مصاريف الخطة العلاجية لدى مقومي النطق والكتابة والقراءة والاختصاصيين النفسيين، كما نحتاج إلى دعم ومرافقة الأطفال لتيسير اندماجهم في المدارس، من خلال إنشاء نظام تعليمي متكامل، موضوع بشكل خاص، ليواجه الحاجات الفردية للطفل الذي يعاني صعوبات في التعلم. رسالتنا نوجهها أيضا إلى المجتمع ككل، الذي يجب أن يعي الاحتياجات الخاصة للذين يعانون الصعوبات الدراسية، وإرشاد الجهات المختصة بطريقة التعامل مع هذه الحالات، حتى يمكن النهوض بوضعية التلاميذ والأطفال الذين يعانون هذه الاضطرابات. على المسؤولين في قطاع التربية والتعليم أن يشرفوا على إحصاء عدد التلاميذ "الديسليكسيين" عبر تنظيم حملات الكشف وتشخيص مختلف حالات الصعوبات حتى يمكن التمييز بين هؤلاء الأطفال وغيرهم من المتخلفين دراسيا، وتتبع مسارهم التعليمي والصحي والاجتماعي، والإكثار من تنظيم دورات تحسيسية وتوعوية لفائدة الفاعلين التربويين، آباء وأولياء الأمور وفعاليات المجتمع المدني.. أيضا، يجب العمل على استيراد البرامج والآليات الحديثة للكشف والتتبع لمعالجة الحالات بمختلف درجاتها، وتقنين الحياة المدرسية لهذه الفئة، وتجريم حرمان هذا التلميذ من متابعة دراسته بدعوى عدم مسايرته للدراسة.