يعتبر قطاع النقل الطرقي من القطاعات الأساسية النشيطة على المستوى الوطني بالنظر للحاجة الملحة والضرورة القائمة لاستعمال وسائل النقل، سواء تعلق الأمر بالسيارات أو الشاحنات والحافلات والدراجات النارية. وتزداد أعداد وسائل النقل يوميا، وخاصة صنف السيارات والشاحنات بمختلف أنواعها، ما يعني أن نسبة الغازات، التي تنبعث من هذه المركبات، تزداد أيضا، بنسبة أكبر كل يوم. وللتخفيف من حدة التأثير السلبي للانبعاث الغازية، يقدم الدكتور عبد الرحيم الخويط توضيحات علمية حول أنواع الغازات السامة، التي تطرحها وسائل النقل ومدى تأثيرها على البيئة، ويقدم بعض النصائح والإرشادات، التي بإمكانها أن تساهم في التخفيف من ظاهرة الاحتباس الحراري، التي أصبحت تهدد كوكب الأرض، وتشكل هاجسا يؤرق بال الجيل الحالي والأجيال المقبلة على الصعيد العالمي. يقول الخبير المغربي إن الغازات السامة، التي تطرحها وسائل النقل الطرقي ناجمة عن عمليات الاحتراق وتفرز كل من ثنائي أوكسيد الكربون وأحادي أوكسيد الكربون، وأوكسيد النتروجين وثنائي أوكسيد الكبريت، بالإضافة إلى الجسيمات الدقيقة الناتجة عن الاحتكاكات علاوة على الانبعاث الغازية، التي تطرحها الطرقات بسبب تفاعل مكوناتها مع درجة الحرارة خلال ارتفاعها، وكذلك بسبب تفاعلها مع الماء خلال الأوقات الممطرة، ناهيك عن الملوثات التي تطرحها صباغة وطلاء الأرصفة وبقايا زيوت المحركات وتسربات البنزين من خزانات العربات. وأبرز المتحدث نفسه أن هذه المواد والغازات السامة تساهم بنسبة كبيرة في الاحتباس الحراري وارتفاع معدل درجة حرارة الكون، التي تساهم في الجفاف والتصحر والتقليل من نسبة الأوزون في الطبقات العليا، التي تحمي الكائنات الحية من الموجات فوق البنفسجية والتي تسبب بدورها في أمراض السرطان للإنسان. كما تتسبب هذه الغازات أيضا، بشكل مباشر، في تلوث الهواء، الذي ينجم عنه عدة مشاكل صحية للإنسان، من قبيل الاختناق وأمراض الجهاز التنفسي. كما تتسبب بعض الجسيمات في أمراض القلب والشرايين وقد تصل حد الإصابة بأمراض رئوية. ولم تقف التأثيرات السلبية للغازات السامة عند حدود ما ذكر، بل تتعداه إلى تأثيرات أخرى لا تقل أهمية عن الأولى وتتعلق بتداعياتها الخطيرة على التربة، إذ أن تلك الغازات السامة والجسيمات يمكن أن تقع على الأرض بشكل مباشر أو خلال تهاطل الأمطار، وغالبا ما تسبب في ما يسمى "أمطار حمضية"، وبالتالي يمكن أن تصل هذه المواد إلى المياه السطحية والجوفية، ما يجعل خطرها قائما في جميع الحالات وعلى جميع الكائنات الحية. وللتخفيف من حدة التلوث وتداعياته السلبية على الكون والإنسان، ينصح الدكتور الخويط باتباع مجموعة من التدابير الوقائية للتقليل من الآثار السلبية لقطاع النقل، يأتي في مقدمتها ضرورة إخضاع محلات الميكانيك لشروط وضوابط بيئية صارمة، وخلق وإلزام محلات تغيير الزيوت والإطارات والبطاريات، وقطع الغيار بجمع المتلاشيات بشكل سليم، والتخلص منها باتباع المعايير البيئية العالمية على اعتبار أنها تصنف من النفايات الخطيرة، إضافة إلى تجديد أسطول النقل، خاصة النقل الجماعي للأشخاص، باعتماد ناقلات لا يتجاوز عمرها خمس سنوات، ومن الأفضل تشغيلها بالمحروقات صديقة للبيئة (بيوديزيل) أو حبذا أن تكون وسائل النقل كهربائية داخل المدن على وجه الخصوص. وبالنسبة للربط بين المدن، فيستحسن خلق شبكة وطنية للسكك الحديدية أو اشتراط استعمال حافلات تحترم المعايير الدولية للبيئة، وكذا منع الشاحنات والآليات الثقيلة والفلاحية من العبور وسط المجالات الحضرية. ويقترح الخبير تشجيع المواطنين على استعمال وسائل النقل الجماعي ونشر الثقافة البيئية باعتماد إشهارات وإعلانات ووسائل الإعلام وإدراجها في المناهج الدراسية، وتحفيز المواطنين والشركات العاملة في قطاع النقل الطرقي على التخلص من العربات القديمة، وإحداث محطات طرقية مجانبة للمناطق السكنية، وحسن تدبير المتلاشيات المعدنية حسب القوانين البيئية المعمول بها.