أجمع المشاركون في الدورة العادية التي نظمتها أكاديمية الحسن الثاني للعلوم والتقنيات، حول "صناعة الطيران: التطورات على المستوى العالمي وأي آفاق وتحديات بالنسبة للمغرب"، أن قطاع صناعة الطيران بالمغرب أصبح" قطاعا واعدا". وأبرز المشاركون في هذه الدورة التي نظمت بشراكة مع تجمع المهنيين المغاربة في صناعة الطيران والفضاء، أن "المغرب انتقل في هذا القطاع، خلال السنوات الأخيرة، إلى السرعة القصوى، وهو ما يمكنه من تثبيت موقعه كوجهة مفضلة لدى الفاعلين الرائدين في مجال صناعة الطيران على الصعيد الدولي"، معلنين أن المرحلة الجديدة التي يتوقع أن يلجها قطاع صناعة الطيران بالمغرب خلال السنوات المقبلة، ستبرز مهنا وتكنولوجيات جديدة ذات قيمة مضافة. ومن جانبه، أبرز عمر الفاسي الفهري، الأمين الدائم لأكاديمية الحسن ا لثاني للعلوم والتقنيات، أن المغرب يعرف، تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس، تحولات مهمة تهم تقريبا كل القطاعات السوسيو اقتصادية، وهو ما تبرهن عليه العديد من الأوراش التي فتحها المغرب والمتعلقة بالتوفر على بنيات تحتية وأرضية لوجيستيكية وصناعية تمكن من الوصول إلى تنمية مستدامة وشاملة ومتناسقة ومتساوية وغير قابلة للانعكاس. وأوضح أن إعطاء الانطلاقة لهذه الأوراش التي تهم المطارات والموانئ والطرق السيارة والمخطط الوطني الاقتصادي وكذا الطاقة والفلاحة والصناعة، "من شأنه أن يغير جذريا هيكلة الاقتصاد المغربي، ويساهم في عصرنة ومضاعفة قدرات النمو وجاذبيته وتنافسيته، وكذا قدراته في المساهمة في التنمية البشرية"، مفيدا أن هذا التحول ينطبق على قطاع صناعة الطيران. وأعلن الفاسي الفهري أن قطاع صناعة الطيران بالمغرب عرف خلال العشر سنوات الأخيرة، تقدما مهما، حيث سجل نموا سنويا متوسطا يناهز 17 في المائة، وخلال سنة 2005، شغلت حوالي 30 شركة حوالي 2200 شخص، وأدرت رقم معاملات ناهز 600 مليون درهم، مضيفا أنه خلال 2012، شغلت مئات الشركات أزيد من 9500 أجير، وأدرت رقم معاملات خاصا بالصادرات، بحوالي 6،4 ملايير درهم. وقال الفاسي الفهري إن آخر معالم دينامية قطاع صناعة الطيران تجلت في إعطاء الانطلاقة خلال شتنبر من السنة الماضية، تحت إشراف جلالة الملك محمد السادس، لبناء أول مصنع في إفريقيا، مصنع الكندي (بموبارديي آيرونوتيك)، الذي سيعطي دينامية جديدة لتنمية القطاع بالمملكة، بالنظر إلى انعكاساته الاقتصادية المتوقعة على مستوى نمو الصادرات وتنمية النسيج الصناعي المحلي. وأكد أن كل هذه الإنجازات هي نتيجة الإرادة القوية للرفع من تنافسية صناعة الطيران، كما تعد ثمار العرض الجذاب والتنافسي والدعم المباشر للتكوين، فضلا عن البنية التحتية للاستقبال ذات جودة تسمح بإحداث مراكز تغطي الإنتاج والخدمات والإصلاح والهندسة، على حد سواء. وأعلن أن من المتوقع أن تتقوى هذه الدينامية في المستقبل، حسب ما تظهره الآفاق الواعدة لتنمية السوق الدولي، من خلال الدراسات التي أنجزت والتي تؤكد على أن معدل النمو السنوي سيبلغ 4،2 في المائة خلال العشرين سنة المقبلة، كما تتوقع مضاعفة الأسطول الجوي الدولي خلال 2032، مفيدا أنه أمام هذه الآفاق يمكن للمغرب أن يراهن على تنمية صناعة الطيران. وقال الفاسي الفهري إنه "من أجل قدرة المغرب على الحفاظ على تنافسيته في صناعة الطيران، لا يجب الاعتماد فقط على تكلفة اليد العاملة المؤهلة، وبعض التحفيزات المالية، ولكن تنمية القطاع في حاجة أيضا إلى تكوين جيد للأطر والتقنيين الذين يحتاجهم القطاع، فضلا عن تشجيع تنمية الأنشطة الأخرى والابتكار". وبدوره أعلن الحسين الداودي، وزير التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر، أن الجامعات المغربية أصبحت اليوم مطالبة برفع التحدي الذي يواجه مجال صناعة الطيران الذي "يعد مجالا واعدا "، موضحا أن الشركات الأجنبية أصبحت لها ثقة في الجامعة المغربية. كما أن مثل هذه الأيام الدراسية من شأنها أن تفرز تموقع المغرب في الخارطة الدولية في صناعة الطيران على المستوى العالمي" . وأفاد الداودي أنه أصبح من الضروري أن تنخرط الجامعة المغربية في الدينامية التي تعرفها صناعة الطيران، موضحا أن وزارته تنكب على هيكلة الجامعات، إذ أطلقت طلب عروض دولية، لقيت إقبالا كبيرا من طرف العديد من الدول الأجنبية، منها فرنسا وإسبانيا. وقال الداودي إن العروض التي أطلقتها وزارته، تهم أيضا قطاع صناعة الطيران، معلنا أن العديد من المقاولات الأوروبية التي تستثمر في الصين في قطاع صناعة الطيران، أبانت عن رغبتها في العودة للمغرب، الذي يعرف تكلفة أقل في مجال البحث". وأفاد حميد بنبراهيم الأندلسي، رئيس تجمع صناعات الطيران والفضاء، أن المغرب يطمح إلى التقدم بشكل كبير في قطاع صناعة الطيران الذي حقق أرباحا قاربت المليار دولار سنة 2012، مؤكدا أن المغرب استطاع أن يؤسس طيلة العشر سنوات الماضية، لقاعدة تنافسية مهمة، حيث عرفت أنشطة قطاع صناعة الطيران المغربي تطورا بنسبة 25 في المائة سنويا، بالموازاة مع نمو مجموعة من المهن العالمية في المغرب، الشيء الذي ساهم في ارتفاع رقم معاملات القطاع عند التصدير بقيمة 5.2 ملايير درهم، مع تأثير غير مباشر لنسيج المقاولات الصغرى والمتوسطة على مستوى المداخيل، عبر انتقال مشتريات المقاولات المحلية من نسبة 5 في المائة خلال السنوات العشر الماضية إلى 75 في المائة حاليا. تجدر الإشارة إلى أن المغرب قرر مواكبة قطاع صناعة الطيران والفضاء، بهدف جعله قطبا حقيقيا لجذب الاستثمارات، عبر وضع تدابير ملموسة تمكن المملكة من التوفر على أرضية حقيقية للمهن المرتبطة به. وترتبط هذه التدابير بتطوير عرض المغرب لفائدة المستثمرين في قطاع صناعة الطيران، ووضع برنامج ملائم للتكوين في هذا القطاع، وإحداث أرضيات صناعية مندمجة في هذا المجال.