أصدرت الغرفة الجنائية لدى محكمة الدرجة الثانية بالجديدة، الثلاثاء الماضي، قرارا استئنافيا يقضي بتبرئة شرطيين من مفوضية أزمور، من جنايات "الضرب والجرح بواسطة السلاح الأبيض، المفضي إلى الموت"، و"عدم إسعاف شخص في خطر"، و"عدم التبليغ عن جناية"، كل حسب الاتهامات المنسوبة إليه. كانت القضية تفجرت، في غضون سنة 2007، عقب تقديم المدعوة (ف) شكاية إلى الوكيل العام للملك باستئنافية الجديدة، تتهم فيها عنصرين من الأمن برتبتي مفتش شرطة ومقدم، عاملين لدى الفرقة المحلية للشرطة القضائية بمفوضية أزمور، (تتهمهما) بالوقوف وراء وفاة ابنها المدعو (ب)، غرقا في نهر أم الربيع، إثر رشقه بحجرة. وبتعليمات من الوكيل العام للملك باستئنافية الجديدة، وتحت إشراف المسؤول الإقليمي الأول عن القضاء الواقف، فتحت المصلحة الإقليمية للشرطة القضائية بأمن الجديدة بحثا في النازلة، حيث استمعت الضابطة القضائية إلى الشرطيين حول الأفعال المنسوبة إليهما، وفق الادعاءات المضمنة في الشكاية المرجعية. وأنكر عنصرا الأمن جملة وتفصيلا اتهامات المشتكية، وكذا ما جاء في تصريحات أحد الشهود، كما صرحا بأنهما كانا مكلفين، يوم وقوع النازلة، بالتغطية الأمنية ل "المهرجان الربيعي لأزمور"، وتشبثا بكون وفاة المدعو (ب) كانت نتيجة غرقه في نهر أم الربيع، وهذا ما أكده تقرير التشريح الطبي. ومن ثمة، واستنادا إلى هذه الحقائق المبررة من الوجهة الواقعية، عمد الوكيل العام إلى حفظ الشكاية. ونظرا لعدم اقتناع الأم المكلومة بسبب وفاة ابنها، عمدت إلى وضع شكاية مباشرة لدى قاضي التحقيق الجنائي باستئنافية الجديدة، في مواجهة الشرطيين، إذ ظلت مصرة على اتهامهما بالوقوف وراء وفاة ولدها غرقا في النهر، جراء رشقه بحجرة، حيث باشر قاضي التحقيق جلسات الاستماع التفصيلي إلى عنصري الأمن، وشاهدين. وفي ختام التحقيقات، تقرر متابعة الشرطيين من أجل الأفعال المنسوبة إليهما، وفق مقتضيات القانون الجنائي، وتحريك الدعوى العمومية في حقهما، وإحالتهما على أنظار الغرفة الجنائية، وفق صك الاتهام. وتجدر الإشارة إلى أن الوكيل العام للملك أمر بإحالة جثة الهالك على مركز الطب الشرعي بالدارالبيضاء، لإخضاعها للتشريح الطبي. وجاء في تقرير خبرة الطب الشرعي، التي أنجزته الدكتورة فريدة بوشتة، الطبيبة الرئيسة، أن الوفاة ناجمة عن الغرق في النهر، في غياب تام لأي أثر للعنف، أو أي "تروماتيزم" سواء في الجمجمة أو العنق. وجاءت هذه الاستنتاجات منسجمة مع تصريحات الشرطيين المتهمين، اللذين أنكرا الأفعال المنسوبة إليهما، وبكون الوفاة لم تكن بسبب العنف الناجم عن الرشق بحجرة، وإنما جراء الغرق في النهر. وتجدر الإشارة إلى أن الشاهدين المدعوين (م) و(ن)، تراجع أحدهما (م) عن تصريحاته السابقة أمام الضابطة القضائية، حيث أدلى لقاضي التحقيق، عن طريق والده، بتصريحات مذيلة بتوقيعه، ومصادق عليها لدى السلطات المختصة، تؤكد أنه يعاني اضطرابات في قدراته العقلية. كما أدلى بشهادة طبية. أما الشاهد الثاني (ن)، فإنه من ذوي السوابق العدلية، وهو من الوجوه المعروفة لدى المصالح الأمنية، في مجال الجريمة، كما يستشف من المساطر القضائية المنجزة في حقه، التي كان أحيل بموجبها على العدالة. وسبق للفرقة المحلية للشرطة القضائية لدى مفوضية أزمور أن أحالته، على غرار أفراد أسرته، ارتباطا بقضايا جنحية، على السلطات القضائية المختصة، من أجل الاتجار في المخدرات، مع حالة العود.