تتجدد معاناة سكان العديد من القرى الواقعة بالأطلس المتوسط مع موجات البرد والصقيع والتساقطات الثلجية، التي تشل أنشطتهم اليومية وتقيد حركيتهم وذلك لينزووا في بيوتهم المتواضعة، درءا لتبعات انخفاض درجات الحرارة، التي تصل هذه الأيام إلى 12 درجة تحت الصفر، حسب مصدر مطلع من المنطقة ل"المغربية". وبحكم أن السكان يفتقدون الكثير من الآليات التي تصد عنهم قساوة البرد، فإنهم يحرصون كل سنة على اعتماد "التكافل الاجتماعي"، وهو صيغة من صيغ التعايش بين الأسر لتخفيف وطأة البرد والحاجة، بعدما تجندت طيلة فترة الصيف لتوفير مدخرات المأكل واللباس والحطب، لتصرف ذلك في فصل الشتاء بتدبير محكم، بموازاة مساعدة الأسر لبعضها البعض عبر تبادل المؤن وتعويض النقص الحاصل لدى كل أسرة. وقال المصدر ذاته إن السكان لا يتلقون مساعدات اجتماعية تنأى بهم عن اجترار المخاوف من الوقوع ضحايا لشدة البرد، ماعدا تلك التطوعات الفردية من بعض المواطنين لمدهم بالملابس والأغطية، بينما تسعى السلطات المحلية إلى فتح الطرقات والمسالك عند انغلاقها بطبقات من الثلج، وهو إجراء لا يكفي لتحسين ظروف عيشهم مع قساوة البرد، ولا يستجيب لمطالبهم المتزايدة بخصوص الأكل والتدفئة. وأضاف المصدر أن ثمن القنطار الواحد من الحطب وصل إلى 100 درهم، وتضطر الأسرة إلى صرف 50 درهما يوميا كأقل تقدير لتوفير متطلبات التدفئة من الحطب والخبز، ويعتمد السكان على موارد عيش بسيطة من الزراعة المعيشية والأشجار المثمرة، كالتفاح، على مساحات ضيقة محاصرة بالثلوج، لا تشجع على الرفع من مستوى العيش بمناطق جبلية يتجاوز علوها 1400 متر. من جهة أخرى، ذكر المصدر ذاته أن مشكل الأكواخ الهشة، التي يقطنها سكان الدواوير تهدد هي الأخرى سلامتهم، لأن مواد بنائها (الخشب والطين والحجارة) لا تتحمل ثقل الثلوج المتساقطة، ولا يملكون الوسيلة لبناء مساكن بديلة من الإسمنت، وفق تصميم وهيكلة، بالنظر إلى التعقيدات المسطرية والتكاليف المادية، وهم مجبرون على البقاء في الوضع القائم (أكواخ آيلة للسقوط) رغم هشاشتها. وأفاد المصدر أن من بين الدواوير المتضررة من التساقطات الثلجية وانخفاض درجات الحرارة، مناطق تابعة لإقليم خنيفرة، مثل أنفكو، وعيون أم الربيع، وتكلمامين، وأكمر، وألقاب، وإيتزر، ومناطق بإقليم ميدلت، مثل أغدو، وتونفيت، وآيت أفل، وإملشيل، وتانوردي، وأكروشن، وهي من المناطق التي تتكبد مشاكل عويصة بسبب قساوة البرد وضعف الحيلة، حيث تعتبر "قطعة خشب توازي كسرة خبز، مادام الصراع مع المناخ لا مفر منه مع كل فصل شتاء".