كشفت مصادر مطلعة من بولمان أن سكان المدينة والدواوير المجاورة يحرقون أحذيتهم البلاستيكية وبدلهم البالية لمواجهة البرد، في ظل الغلاء الذي مس حطب التدفئة، كما أن قلة الأدوية في المراكز الصحية ترفع من خطورة مكافحة نزلات البرد التي تهدد التلاميذ. طفلة وأمها من بولمان تحملان الحطب (خاص) أفاد حميد، أستاذ بإحدى مؤسسات التعليم ببولمان، "المغربية"، أن سعر الحطب ليس في المتناول، وأن العديد من الأسر مهددة بحرق أحذيتها البلاستيكية وثيابها البالية، كما العادة، لتوفير التدفئة بمنازلها. وإذا كان يتعذر على الأسر ذات الدخل المتوسط، يقول الأستاذ، توفير حاجياتها من الحطب، في ظل الغلاء الذي مس جميع المواد الأساسية، كيف يمكن لذوي الدخل المحدود توفير 20 درهما يوميا لاقتناء ما تحتاجه لرفع درجة الحرارة بداخل منازلها. وبالكاد تتمكن بعض الأسر المتوسطة الدخل، يضيف الأستاذ، من شراء ما يعرف بين السكان "حمل ديال الحطب"، أي ما تحمله البهيمة من كمية الحطب على ظهرها بحوالي 50 درهما، ويمكن استغلاله خلال يومين على أقصى تقدير، فيما تشتري الأسر الميسورة طنا من الحطب بسعر يبلغ ألف درهم. ويهدد سقوط الثلج وانخفاض درجة الحرارة في عدد من الدواوير النائية التابعة لبولمان، حسب الأستاذ، ارتفاع المضاعفات الصحية، بسبب نزلات البرد، لدى عدد من التلاميذ، الذين يقطعون العديد من الكيلومترات للوصول إلى المؤسسات التعليمية. ويصل التلاميذ صباح كل يوم، حسب الأستاذ، إلى المؤسسات التعليمية، في وضعية تدعو للشفقة لتأثيرهم ببرودة الطقس، خارج المؤسسة من جهة، ولعدم ارتدائهم ملابس واقية، إذ أن أغلبية الأطفال يرتدون صندلا من البلاستيك وبدلا بالية. معاناة التلاميذ وفي غياب ملابس صوفية وأحذية جلدية تقي قساوة البرد يطلب هذا الأستاذ من تلاميذه الجلوس إلى جانب فرن التدفئة المتوفرة بالقسم مدة حوالي نصف ساعة، حتى يتسنى لهم التحصيل وحسن التركيز خلال الدرس. وتصل درجات البرد في بولمان مثل باقي مناطق جبال الأطلس المتوسط درجات قصوى، ما يهدد بالتعرض لعدد من الأمراض، التي يتعذر على المراكز الصحية مواجهتها بسبب قلة الأدوية. وتعود قلة الأدوية، حسب الأستاذ، إلى استنزافها من طرف بعض العاملين بالمراكز الصحية، الذين "يخزنونها لفائدة فئة معينة من المرضى". ويواجه مرضى بولمان صعوبة التنقل إلى المركز الصحي الجامعي للاستفادة من العلاج، حسب الأستاذ، لصعوبة وغلاء التنقل، ما يهدد بانتشار أخطار العدوى بين عدد من الأسر بالمنطقة. كما يواجه الأطفال في عدد من المناطق أخطار السقوط في الحفر التي يغطيها الثلج، حسب الأستاذ، الذي تحدث عن سقوط طفل في حفرة لمجرى المياه العادمة كانت لا تتوفر على غطاء حديدي، الأسبوع الماضي، وجرى إنقاذه من قبل والده وبعض المواطنين. وقال محمد بكلميمي، عضو فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ببولمان، ل"المغربية"، إن غلاء الحطب خلال التساقطات الثلجية ترفع نسبة الغياب بالمؤسسات التعليمية النائية. وقبل أن يصل العديد من التلاميذ في مناطق عدة ببولمان إلى المدارس، يضيف بلكميمي، يتعرضون لمخاطر الانزلاق بسبب التساقطات الثلجية ولقساوة البرد لعدم توفرهم على ألبسة واقية. يواجه أطفال بولمان الحرمان من التدفئة داخل المنزل، قبل مغادرته، حسب بلكميمي، لأن العديد من الأسر لا تملك القدرة الشرائية لتوفير ما تحتاجه من الحطب خلال موسم الشتاء، بسبب ارتفاع أسعار الحطب وندرته. ويعود غلاء الحطب إلى ضعف الغطاء الغابوي، وصعوبة جلبه من مناطق قريبة من الجهة، حسب بلكميمي، الذي تحدث عن قطع مسافات تقدر بأزيد من 20 كيلومترا ذهابا وإيابا للوصول إلى محاطب "النادر، وشعبة الذئاب، وتلاث اوامان، وغبالو وودي، وخليج امقران". ولتوعية الرأي العام بمشاكل التدفئة من جهة، وخطورة تدهور الغابات ببولمان، يقول بلكميمي، جرى تنظيم وقفات ضد عمليات استنزاف الثروات الغابوية ببولمان، والنتائج السلبية لانقراضها، من قبيل الاستغلال المفرط، وضغط القنص غير القانوني. ودعت مجموعة من التلميذات، في إطار نادي البيئة بثانوية تيشوكت ببولمان، إلى ضرورة توفير بديل التدفئة بالحطب لسكان المناطق الباردة حفاظا على الثروات الغابوية. وأوضحت صباح رشوق، من ثانوية تيشوكت، ل"المغربية"، أن عمليات التدفئة يجب أن تعتمد على الأشجار اليابسة من جهة وعلى وسائل حديثة من قبيل الاعتماد على الأفران الغازية. وأوضحت أن نادي البيئة، الذي أسسته مجموعة من الأساتذة ببولمان، يدعو إلى حماية الثروات الطبيعية التي تغطي المنطقة، وهي بصدد إنجاز دراسة حول الغطاء الغابوي بجميع المناطق التابعة لبولمان، بما فيها أنجيل وسرغينة وكيكو وعسلوج وسكورة.