تعزز المشهد الثقافي والفني بعاصمة العيطة آسفي، أخيرا، بتأسيس جمعية عبدة لشيوخ العيطة، التي يتشكل مكتبها المسير من الشيخ جمال الزرهوني رئيسا، والشيخ محمد لعفر نائبا له، والشيخ عابدين كاتبا عاما، والشيخ حسن الضاحي نائبا له، والشيخ محمد الصوبا أمينا للمال، والشيخ مولاي العربي الغرابي نائبا له، والشيخ محمد الهاني مستشارا. اعتبر جمال الزرهوني رئيس الجمعية، خلال حفل أقيم بالمناسبة، أن فكرة إنشاء هذا الفضاء الفني "حلما" لطالما راوده، واليوم يتحقق على أرض الواقع. وقال الزرهوني في تصريح ل"المغربية" إن جمعية عبدة لشيوخ العيطة فضاء للم شمل الفنانين والمبدعين المغاربة، فضلا عن كونه مجالا للتثقيف والتواصل في ما بينهم، موضحا الأهداف الرئيسية لهذه المبادرة التي تهدف، حسب الزرهوني، إلى رد الاعتبار للتراث الموسيقي الشعبي المغربي من خلال إحياء الإبداع الوطني وتشجيع الفنان على مزيد من العطاء. وتهدف الجمعية، حسب رئيسها جمال الزرهوني، إلى الاهتمام بالفنون الغنائية وعلى رأسها فن العيطة والبحث في أساليب جديدة للارتقاء بهذه الفنون والتعريف بها وطنيا وعالميا، والعمل على خلق مدرسة لتلقين فن العيطة وسائر الفنون الغنائية التقليدية عزفا وغناء، بالإضافة إلى القيام بتجارب جديدة على مستوى الغناء والآلات دون مساس بجوهرها وأصالتها مع البحث في النصوص والعيوط المنسية والعمل كذلك على إحيائها ونشرها، وتشجيع البحث العلمي في هذه الفنون الشعبية التراثية، بتوفير الوثائق والنصوص والصور القديمة لأعلام هذه الفنون، والعمل على خلق متحف محلي أو جهوي لهذه الفنون الغنائية الشعبية القديمة. وأبرز الزرهوني أن فن العيطة إبداع شعبي متعدد الأبعاد يتجاوز الفن كحاجة إنسانية إلى الفن كمرادف للإنسان، مؤكدا أن هذا الفن عنوان إرث حضاري متجذر في الموروث الثقافي المغربي، وليس مجرد لون فني غنائي. ففن العيطة، يقول الزرهوني، تكمن روعته في كلماته التي خرجت إلى الوجود ووقع تداولها فأصبحت ملكية جماعية، وبالتالي صانتها الذاكرة ثم تناقلتها الأجيال في أفراحها وأحزانها، موضحا أن العيطة نصوص شعرية رمزية عميقة الدلالة، تعكس بصدق عقلية وثقافة المجتمعات القروية التي أبدعتها وضمنتها تمثلاتها ومشاعرها، وصاغتها صياغة تتجاوز اللغة، كما آن الإيقاعات والألحان الموسيقية للعيطة تعكس نوعا من التفاعل الوجداني مع الأرض ومع الطبيعة. من جهته شدد الشيخ عابدين على أهمية هذا المولود الجمعوي الجديد، الذي يأتي في وقت ازداد فيه الوعي بأهمية الموروث الثقافي الشعبي، وبالتالي تزايد الاهتمام بفن العيطة من خلال الدراسات والأبحاث التي عملت على جمع النصوص الشعرية وتوثيقها وتحليلها، واستقصاء أخبار المبدعين والرواة، وتدوين الألحان الموسيقية، وتنظيم المهرجانات والملتقيات، كل ذلك ساهم ويساهم في تقريب هذا الفن من الجمهور والمتتبعين.