بكل أريحية استجاب الفنان التشكيلي المغربي، الحسين طلال، لدعوة "المغربية"، إلى تسليط الضوء على المنجز الفني للراحلة الشعيبية، التي ساهمت بعطائها المتميز في الساحة التشكيلية المغربية والعالمية. في حديثه يكشف طلال بعض المحطات الأساسية في تجربة والدته، وعلى لسانه نعيد سيرة الشعيبية الحالمة تشكل فخر النساء نقطة التحول في الفن الطفولي للشعيبية وباية، إلى الفن النخبوي ذلك أنها أشد اتصالا بالمعرفة الثقافية، خاصة المضامين الأدبية، ويكفي أن نطلع على بعض من عناوين لوحاتها حتى ندرك ذلك من أمثال "آثار ممحية على الجليد"، و"قبل الولادة"، و"حديث منتصف الليل". كذلك فألوانها أشد لباقة وتهذيبا، تقتصر على الدرجات الحارة، إذ تفضل الأصفر والأصفر الذهبي ومكملهما البنفسجي الشاحب. وإذا كان الحس الروائي أو الحكاياتي ليس في منأى عن التأثيرات الشعرية الفرنسية، بودلير أزهار الشر، ورامبو وغيرهما، فإن صفة التجريد شبه الغنائي كان ثمرة أكيدة لدراساتها المعمقة لبنية وتقنية أعمال الفنان الفرنسي بيسيير، حتى أن مشاركاتها الأولى في الخمسينيات، كانت تتم عبر قاعات مخصصة للتجريد الغنائي. الشعيبية طلال وألوان المطرزات الشعبية تعتبر الشعيبية طلال أكثرهن شهرة ونجومية وطرافة، خاصة أنها تتمسك بلباسها التقليدي، المتميز بالقفطان المغربي، ما يؤكد قوة شخصيتها العفوية، لم تتخل يوما عن هذا اللباس المزروع بالحلي الفضية والأطواق الثقيلة المعدنية، ولا عن وشاحها الذي يكشف خصلات شعرها الفاحم، يحتشد وجهها بالأوشام وتغور عيناها في الكحل الأسود، كما تخضب يديها بأحمر الحناء. صورة عن الفنانة المعتزة بالنفس. نشأت الشعيبية منذ ولادتها عام 1929 في قرية اشتوكة إحدى القرى المغربية، كانت تحترف غزل المطرزات ونسجها لتعيل ابنها، من هنا نعثر على مصدر ألوانها المرحة العنيفة والصاخبة القريبة من حيوية الألوان الطفولية، وبما هي لم تدرس في أي أكاديمية، ولهذا تعتمد على مخزونها البصري الشعبي في اللون، وهكذا فاللوحات تتشكل تتحاور الألوان الوردية مع الخضراء والزرقاء لتلتقي مع الدروب المكتشفة من قبل رسامي حركة كوبرا، التي تتعقب في بحوثها آثار النقوش المتوحشة للقبائل الإسكندنافية والفايكينغ، وخربشات الأطفال. هكذا يلتقي صنيعها البصري مع فنون نخبوية رائدة في أوروبا. في أشكالها وكائناتها البصرية تستحضر حميمية الوجوه المتراصة والمحتشدة في الأسواق الشعبية، وبشكل عام فلوحاتها تشبه المرايا المتعددة الأسطح، تعكس صورا شتى من الحياة اليومية ومهرجاناتها الصاخبة اللون الغارقة في سعير الشمس المغربية، وهي عندما تصور هذا الواقع تكشف علاقتها الداخلية به، وكثيرا ما يختلط في أسلوبها التجريد بالتشخيص. الشعيبية رسامة الحِلم والحُلم.