بكل أريحية استجاب الفنان التشكيلي المغربي، الحسين طلال، لدعوة "المغربية"، إلى تسليط الضوء على المنجز الفني للراحلة الشعيبية، التي ساهمت بعطائها المتميز في الساحة التشكيلية المغربية والعالمية. في حديثه يكشف طلال بعض المحطات الأساسية في تجربة والدته، وعلى لسانه نعيد سيرة الشعيبية الحالمة. الحلقة الرابعة الفنانة التشكيلية الراحلة الشعيبية طلال درّس ميشيل باربو، مبدع فرنسي شهير في مجال تعشيق الزجاج، مدة 25 سنة في مدرسة الفنون الجميلة بمدينة مارساي، وقال في شهادة حول أعمال الشعيبية، "نحن مجموعة من الفنانين اشتغلنا إلى جانب أسماء مشهورة في عالم الصباغة، ولم نقف على أعمال تشبه ما تقدمه الفنانة المغربية الشعيبية طلال. فعندما بدأنا نخوض في الصباغة، انتهت هذه الفنانة العصامية من حيث بدأنا نحن". شهادة أخرى تنضاف إلى مجموعة من الشهادات، التي قيلت حول تجربة ابنة اشتوكة، التي تنتمي للحركة الفنية كوبرا. يقول نجلها الوحيد الحسين طلال إن نقادا غربيين سجلوا أعمال والدته الشعيبية ضمن الاتجاه التعبيري الخام، وحددوا ميولاتها الفنية في حركة انبثقت من رحم السريالية والتعبيرية، وبالتالي شكلت خير امتداد لها. وهذا ما يتجلى في القيِم التي رفعها أربابها وفي الأهداف التي سعوا إلى تحقيقها من خلال برنامجهم، الذي اختصره الناقد بيار داك على النحو الآتي "إنهم ضد كل من هو مع، ومع كل من هو ضد". المعروف أن كريستيان دوترومون وأسغر يورن نشطا لفترة ما داخل مجموعة أندريه بروتون قبل أن يؤسسا هذه الحركة التي تتميز عن السريالية وسائر الحركات الطليعية الأخرى بنقطتين رئيسيّتين: انتماء معظم أعضائها إلى دول أوروبا الشمالية، من هنا كلمة "كوبرا" ( تتألف من الأحرف الأولى لكوبنهاغن وبروكسل وأمستردام)، وتركيز نشاطهم على ضرورة تحاور الوسائط والأشكال التعبيرية الفنية المختلفة. وحركة "كوبرا" لا تستحضر اليوم في أذهان معظم النقّاد سوى أسماء رسامين مثل يورن وكاريل أبيل وكورناي وبيار أليشينسكي، متناسين أن معظم هؤلاء مارسوا الكتابة الشعرية أيضاً وأن داخل هذه الحركة شعراء كبارا، مثل دوترومون مارسوا الرسم، تماماً مثل خوان ميرو . وعملت كوبرا على تحرير الناس من "المونولوغ" الذي يجعل كل فنان حبيس وسيلة تعبيرية واحدة، عبر الدعوة إلى فتح حوار بين وسائط فنية مختلفة وإلى تكثيف الاختبارات والتعاون. في حديثه يستحضر طلال أوج عطاء الشعيبية بقوله إن والدته أقامت معرضا في روتردام مع الفنان الشهير كورناي، واستغرب الصحافيون إلى جانب وسائل الإعلام الهولندية، التي غطت الحدث، وجود سيدة مغربية بزيها التقليدي وهي تقف أمام لوحاتها المنتصبة في الرواق، وتشرح مغزى ألوانها وأفكارها حول الفن، بل أكثر من هذا أنها تقاسم الفضاء مع أكبر رسام في أوروبا يبيع لوحاته بأسعار خيالية.