ستشهد مدينة الدارالبيضاء ما بين 12 ماي و13 يونيو، برواق «loft»، معرضا استعاديا إحياء لذكرى الفنانة الشعيبية، وذلك بدعم من مكتب الاستشارة في التنمية المستدامة لفائدة إنشاء مؤسسة الشعيبية التي ستعنى بتراثها، وسيتم إصدار ديوان شعري للمرحومة ينشر لأول مرة مصحوبا برسومات الفنان العالمي ميشال باربو. كامتداد نوعي للمبادرات التكريمية، التي احتفت مؤخرا بهذه الظاهرة الفنية الاستثنائية من داخل الأوساط الغربية، ونخص بالذكر فرنسا، بريطانيا، ألمانيا، ارتأى رواق الفن الجديد بالدارالبيضاء «لوفت» المتواجد بالمثلث الذهبي أن يقترح برنامجه الإبداعي بتكريم مسار الشعيبية، فنانة وإنسانة، وذلك يوم 12 ماي الجاري عن طريق معرض تذكاري يضم نماذج من أعمالها الإبداعية الرائدة ومختارات من ملصقات المعارض الدولية، فضلا عن سجل من المقالات النقدية التي رصدت تجربتها الفنية الأصيلة في أبعادها الأسلوبية وقيمها الجيو ثقافية. للتذكير، فإن آخر معرض فردي للفنانة الراحلة أقيم في شهر أبريل 2004 بمبادرة من وزارة الثقافة، ومنذ ذلك الحين لم تحض هذه الفنانة بأية التفاتة تذكر من طرف الجهات المسؤولة والمعنية بالمغرب. جرأة شهادة الشعيبية وفرادة أسلوبها الإبداعي، جعلتنا النقاد يصنفونها ضمن تجربة «كبرا» وهي حركة حديثة بأروبا نشأت سنة 1945 بفضل التجارب الرائدة «لابال»، كورناي وكونستون...». في هذا السياق، يصرح الفنان حسين طلال، نجل الراحلة ل«المساء» قائلا: الأسلوب الاستثنائي لأمي ينتمي إلى الفن الخام باعتباره مدرسة قائمة الذات أسسها «جون دو بوفيه»، مؤسس متحف الفن الخام بلوزان، حيث يتحدث الناقد الفني جون كرارونس لونبير عن الانسجام التام بين الأشكال الحديثة والأشكال الشعبية. ويضيف حسين طلال: «بالمغرب الفن الخام مازال قيمة نادرة، وحدها أمي رحمها الله هي التي انتمت إلى هذه المدرسة الرائدة التي عرفت ومازالت تعرف تداولا لافتا وإقبالا دوليا. لقد تمكنت الفنانة الشعيبية من إحداث منعطف جديد داخل خرائطية الإبداع التشكيلي بأسلوبها التلقائي الفريد داخل المغرب وخارجه، فحملت مشعل المرأة التواقة إلى الحرية والأصالة والكرامة، فاخترقت عدة متاحف دولية بأمريكا وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا ولبنان ومصر والهند وكندا وألبانيا وسويسرا وهولندا والدانمارك وألمانيا وإفريقيا الجنوبية... حول هذه المبادرة التكريمية الأولى من نوعها بالمغرب، تقول مريم وياسمين برادة سوني: «يشرفنا أن نفتح رواقنا الجديد بحفل تكريم للفنانة الرائدة الشعيبية التي أثرت في مسار أجيال من الفنانين والمولعين بالإبداع، لقد ناضلت من أجل قضية تحرير المرأة واستقلاليتها وكرامتها، كما ساهمت من خلال أعمالها الإبداعية في خلخلة التصورات والأفكار الجاهزة وأحدثت ثورة بكل معنى الكلمة في عالم الفن بطريقتها وأسلوبها المتميز». وأردفتنا قائلتين: «هذه المبادرة الفنية المقامة بدعم من مكتب الاستشارة في التنمية المستديمة Resilence لفائدة إنشاء مؤسسة الشعبية تحمل كل عناوين الاعتراف بالقيمة الاعتبارية لهذه الفنانة التي حققت رهان العالمية من خلال التشبث المرجعي بالجذور والروافد الشعبية العميقة». افتتاح المعرض التذكاري سيشكل مناسبة سانحة لتقديم ديوان فريد لأشعار الشعيبية، مصحوبة برسومات الفنان الفرنسي الشهير ميشال باربو الذي ساهم في إنجاز أعمال ماتيس وروو وبراك فرناند ليجيه، بالموازاة مع ذلك، قام بتصميم عدة مؤلفات إبداعية ضمت نصوصا لغارسيا لوركا، أبولينير، ماكس جاكوب، إريك ساتي، ماريا ريلكه، أنطوان آرثو ولافونتين... كما سيتميز هذا الحدث أيضا، بإصدار دليل من تقديم الطاهر بن جلون الحائز على جائزة غونكور وعضو أكاديميتها إلى جانب نص للناقد ومؤسس متحف الفن بلاباليس لويس مارسيل سبق نشره بالمجلة المتخصصة «آرتونسيون». للإشارة، فقد سبق لصالون الفن الفريد ببريطانيا أن نظم في دورته الثانية معرضا تكريميا للفنانة الشعيبية بمشاركة خمس فنانات عالميات هن على التوالي: دانييل لوريكيه، مشيل أودلان، سيمون بيسوتي، سمارقاند، هوغيت مشادو ريكو، في أعقاب هذا المعرض، حظي الناقد لويس مارسيل بالبطاقة البيضاء لتقديم محاضرة عن الشعيبية وشريط وثائقي يؤرخ لتجربتها الفنية كامرأة شعبية تحدت إكراها هامشها الاجتماعي وموت زوجها لتعرض مبكرا بمعهد غوتيه بالدارالبيضاء ولتلج كبريات المتاحف العالمية، حيث تجاوزت لوحاتها الفنية المعايير الأكاديمية وجمعت بشكل تلقائي بين التقنيات المعاصرة في التصوير والإلهامات الشعبية الحرة. كما قال في حقها لويس مارسيل: «لسنا ملزمين بإضفاء طابع الثقافة على كل شيء، لدي الانطباع بأن الحرية في الفن تزعج، والحال أن هذه الإبداعية هي الأمر الأساسي، الشعيبية وسائر فناني الإبداع الخام لا يحترمون فن المنظور ونعتبرهم فنانين قاصرين، والواقع أن كبار الفنانين على هذا المستوى هم بيكاسو ودوانيي روسو». في السياق ذاته قالت الفنانة العالمية دانييل لوبريكيه: «لقد أغبطنا لويس مارسيل بمحاضرته حول الشعيبية التي ستظل راسخة في قلوبنا، أنا سعيدة بمعرفتها لأنها ساهمت في قرار غير مجرى حياتي»، وتضيف قائلا: كنت مترددة بين الرسم والكتابة، في أحد الأيام بالمصادفة»، ثم تتساءل دانييل «هل هناك مصادفة؟» وقعت على كتاب يضم رسومات الشعيبية، وحصل الإعجاب الفاتن، تركت جانبا القلم للتفرغ تماما لريشتي. في سنة 2008، قام بيت الثقافة ببرلين بعرض لوحة للفنانة الشعيبية بجانب الفنان الفرنسي لوكوربوزيه، وقد جاء في تقديم هذا المعرض «لوكوربوزيه عرض امرأة عارية الصدر تمثل الأحلام الشرقية. الشعيبية عرضت امرأة بوشاح أبيض وهي تمثل الأسطورة التي ألهمت لوكوربوزييه خاصة شمال إفريقيا وحس ماتيس».