أفرز الإعلان عن تنظيم المناظرة الوطنية حول الصحة، المقررة في مطلع يوليوز المقبل بمراكش، تضاربا في المواقف بين نقابات قطاع الصحة، بين مؤيد للمشاركة، ومقاطع لأشغالها. في هذا الإطار، نظمت "جبهة الدفاع عن الصحة كمرفق عمومي وخدمة اجتماعية"، المكونة من النقابات الوطنية الممثلة لمهنيي الصحة في القطاع الجامعي والقطاع العمومي والقطاع الخاص، والاتحاد الوطني للمهن الحرة، والمنظمات العاملة في المجال الحقوقي والمهني وحماية المستهلك ومنظمات المجتمع المدني، ندوة صحفية، أمس الأربعاء، في كلية الطب والصيدلة بالدارالبيضاء، حول قرار مقاطعتها أشغال المناظرة الوطنية للصحة. وأكدت "الجبهة" مقاطعتها أشغال المناظرة الوطنية، بسبب "عدم فتح نقاش وطني واسع يشارك فيه كل الفاعلين في الميدان الصحي، وكل المعنيين بالمسألة الصحية من سياسيين ونقابيين ومجتمع مدني"، وهو ما اعتبرته "إقصاء للآراء المدافعة عن الحق في الصحة للجميع بشكل متكافئ، ونوعا من الهروب إلى الأمام للإعداد لتمرير مشاريع تتضمن مخاطر محدقة بصحة المواطنين". ويتعلق الأمر بالنقابة الوطنية للصحة (الكونفدرالية الديمقراطية للشغل)، والنقابة الوطنية لأطباء القطاع الحر، والنقابة الوطنية للتعليم العالي، الممثلة لأساتذة الطب، والنقابة الصحية للاتحاد العام للشغالين بالمغرب، والفيدرالية الوطنية للشغل. واستعمل بيان الجبهة لغة قوية، إذ وجه "تحذيرا إلى الساهرين على المنظمة من مغبة الخروج بقرارات أو توصيات قد تضرب في العمق الحق في الصحة، وتجهز على ما هو موجود من خدمات صحية، رغم رداءته". وعبر أعضاء الجبهة عن "تشبثهم بضرورة تنظيم حوار وطني حقيقي بين كل الفاعلين المهنيين والنقابيين والسياسيين والمجتمع المدني، للتوافق على سياسة وطنية للصحة، تنطلق من وضع تشخيص دقيق للمنظومة الصحية، وتحدد الإشكالات المطروحة والحاجيات والضروريات والإمكانات المتاحة والواجب تجنيدها، وترتب الحلول حسب الأولويات، لضمان الصحة للجميع، بغض النظر عن المستويات الاجتماعية والمالية للمرضى". أما المنظمة الديمقراطية للصحة (المنظمة الديمقراطية للشغل)، والجامعة الوطنية للصحة، (الاتحاد المغربي للشغل)، فأعلنتا عن مشاركتهما في المناظرة. وقال عدي بوعرفة، الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للصحة، في تصريح ل"المغربية" إن نقابته كانت تطالب بهذه المناظرة، من أجل صياغة ميثاق وطني خاص بالصحة، متفق حوله بين جميع الفاعلين في القطاع، وأنها "لا يمكن أن ترفض المشاركة في مناظرة للتعبير عن رأيها ومقترحاتها، وتقديم استشارتها وخبرتها باعتبارها من النقابات الأكثر تمثيلية في قطاع الصحة". وأضاف أن "المناظرة هي الفضاء المناسب للتعبير عن المواقف والآراء وتقديم المقترحات للنهوض بقطاع الصحة، وللدفاع عن حق المواطن في خدمات صحية جيدة والدفاع عن العاملين في القطاع"، معتبرا أن المقعد المملوء أحسن من الفارغ. وأوضح أن المنظمة ستشارك بوفد مكون من ممرضين وأطباء، وأطر إدارية وتقنية، وخبراء في الميدان الصحي، سيقدمون مداخلاتهم في مختلف اللجان الموضوعاتية، وأنها أعدت الخطوط العريضة والتوجهات الكبرى لمشروع الميثاق الوطني للصحة، بتنسيق مع الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة. من جهته، قال محمد الوردي، الكاتب العام للجامعة الوطنية للصحة، في تصريح ل"المغربية"، إن "المشاركة في المناظرة عمل وطني"، وأن النقابة حضرت ملفا متكاملا حول قضايا الصحة لمناقشتها في المناظرة الوطنية. وأضاف أن الجامعة الوطنية للصحة تحمل تصورا واضحا إلى المناظرة حول تحسين ظروف تطبيب وخدمة المواطن المريض، ومقترحات لتحسين الوضعية الإدارية والمهنية للعاملين في القطاع. واعتبر أن قرار المشاركة يأتي توافقا مع عدم استباق الأحداث عن خلاصات المناظرة، وأن "الجامعة تستعد للنقاش وعرض المقترحات، مع احتفاظها بحق التعبير عن تزكيتها للخلاصات أو رفضها، سواء خلال المناظرة أو عقبها. من جهتها، أعلنت وزارة الصحة، في بلاغ أمس الأربعاء، أنها "عملت على إطلاق مسلسل تشاوري، بدءا ببرنامج "انتظارات الصحة"، من 5 أبريل إلى 5 يوليوز 2012، إذ سجلت مشاركة واسعة لأكثر من 90 متدخلا، خلال الجلسات العمومية، ضمنهم نقابيون، وفاعلون سياسيون، ومنتخبون، وهيئات مهنية بالقطاع، وباحثون، وجمعيات المجتمع المدني". وأوضح البلاغ، الذي توصلت "المغربية" بنسخة منه، أنه جرت دعوة النقابات المهنية إلى كل اللقاءات التشاورية، مع إمدادها بورقة تقديمية عن المناظرة قصد إبداء الرأي، كما استقبل ممثلو النقابات الصحية من قبل وزير الصحة، خلال الأسبوع المنصرم، لتدارس عدد من القضايا، وفي مقدمتها مستجدات ملف الحوار الاجتماعي وبعض القضايا التي تحققت أخيرا لفائدة الشغيلة الصحية، والنقاش حول المناظرة الوطنية الثانية للصحة. وجددت الوزارة دعوتها إلى "كل الشركاء الاجتماعيين لحضور أشغال المناظرة الوطنية للصحة، الذين تعتبر مساهمتهم في أشغالها أكبر دليل على الإرادة القوية التي تجمع جميع الأطراف لصياغة مشروع الميثاق الوطني للصحة، الذي سيكون قاعدة تاريخية لبلورة المقتضى الدستوري للحق في الصحة لفائدة كافة المواطنات والمواطنين". وأشار البلاغ إلى أن أزيد من 500 مشارك أكدوا حضورهم ومشاركتهم في أشغال المناظرة، للتعبير عن آرائهم وتطلعاتهم للنهوض بالمنظومة الصحية في المغرب.