عقدت النقابات الوطنية لمهنيي الصحة، في القطاعات الجامعي والعمومي والخاص، ندوة صحفية، مساء أول أمس الاثنين، في كلية الطب في الدارالبيضاء، حول مقاطعتها أشغال المناظرة الوطنية للصحة، المبرمجة بين فاتح و3 يوليوز المقبل في مراكش. واعتبر المتدخلون أن المقاطعة "فعل طبيعي للتصدي للقرارات والمشاريع التي أعدتها وزارة الصحة للإعلان عنها في ختام أشغال المناظرة، ومنها "فتح قطاع الصحة لرؤوس أموال المستثمرين"، الذي تعتبره النقابات "خطرا على الصحة"، كما جاء ذلك على لسان محمد الناصري بناني، الكاتب العام للنقابة الوطنية لأطباء القطاع الحر. واعتبر المقاطعون هذه الخطوة "بمثابة تخل للدولة عن قطاع الصحة، مع الترخيص لعمل مؤسسات صحية ذات رساميل ضخمة، بعضها افتتح، وأخرى في طريق استكمال أوراشها، في كل من أكادير وزناتة ووجدة". من جهته، وصف جلال حسون، ممثل أساتذة الطب بفرع النقابة النقابة الوطنية للتعليم العالي في كلية الطب بالدارالبيضاء، المشاركة في المناظرة بمثابة "كرسي ملغم، ومسألة خطيرة، لتبعاتها السلبية على المواطن والمريض، استنادا إلى تحضير المناظرة لدخول الرساميل الأجنبية في قطاع الصحة". وبررت النقابات مقاطعتها بما وصفته "عدم إشراك مهنيي الصحة والفاعلين في القطاع والمجتمع المدني في إعداد التصورات والمقاربات للتداول حولها في المناظرة للوصول إلى حلول ومقترحات تستجيب لانتظارات جميع الأطراف، في صياغة ميثاق وطني حول الصحة والخروج باستراتيجية وطنية للقطاع". وبررت مداخلات أخرى المقاطعة ب"تنظيم المناظرة في مناخ يتسم بأجواء التوتر بين وزارة الصحة وعدد من ممثلي مهنيي القطاع الصحي، ما لن يساهم في الوصول إلى الأهداف التي يتوخاها الجميع من هذه المناظرة". وفي سؤال من "المغربية" حول أسباب المقاطعة، بينما تتوفر إمكانية المشاركة في المناظرة للتعبير عن الرأي والمواقف، اعتبر مصطفى الشناوي، الكاتب العام للنقابة الوطنية للصحة، أنه "من المستحيل تبادل النقاش والتداول حول القضايا الكبرى للصحة، في ظل برنامج عمل، يتميز بضيق مساحته الزمنية، ولا يتيح إسماع جميع الأصوات والتداول حولها للوصول إلى النتائج المرجوة". وقال الشناوي إن "الإجماع على مقاطعة المناظرة لم يكن أمرا سهلا، إلا أنه يتناسب مع قناعة النقابات برفض تزكية قرارات سيتضرر منها المواطنون، تبعا للمعلومات المتوفرة لدى المقاطعين بوجود خلاصات جاهزة، منها ميثاق وطني للصحة، والكتاب الأبيض، بمساعدة هيئات وخبرات أجنبية، دون إشراك المهنيين، بينما كانت النقابات ترجو إفراز هيئات مراقبة للقطاع الصحي، منها تأسيس مجلس أعلى استشاري للصحة وللتوجيه وتقييم الوضع الصحي". وورد في مداخلات أخرى أن المناظرة الوطنية للصحة ستناقش تمويل قطاع الصحة بقيادة البنك الدولي، ما اعتبره بعض المتدخلين بمثابة "مساس بالصحة في المغرب باعتبارها خدمة عمومية". وقدم عدد من المتدخلين مقترحات بديلة، منها "إصدار بيانات مواكبة لأيام المناظرة لشرح المواقف من قضايا كبرى للصحة، والدعوة إلى تنظيم مناظرة موازية، بتنسيق بين النقابات والمجتمع المدني وباقي الفاعلين". وشهد اللقاء إطلاق أوصاف متنوعة عن المناظرة، بوصفها ب"المسرحية والكومبارس والعبث". يشار إلى أن النقابة الوطنية للصحة، (الكونفدرالية الديمقراطية للشغل)، والنقابة الوطنية لأطباء القطاع الحر، والنقابة الوطنية للتعليم العالي، الممثلة لأساتذة الطب، والنقابة الصحية للاتحاد العام للشغالين بالمغرب، والفيدرالية الوطنية للشغل، ستعقد، اليوم الأربعاء، ندوة صحفية للإعلان عن الخطوات المقبلة، بالموازاة مع عدم المشاركة في المناظرة. وحاولت "المغربية" استفسار مسؤولين بوزارة الصحة، فقالت بعض المصادر إن الوزارة لا تريد إصدار بيانات أو إعلان رأيها بخصوص قرار المقاطعة، وأن المناظرة مفتوحة في وجه الجميع، وفرصة للنقاش وتقديم الأفكار والمقترحات للخروج بنتائج وخلاصات، معتبرة أن "المقاطعة لا يمكن أن تساهم في تحسين أوضاع الصحة بالمغرب".