ألهب المعلم حميد القصري، الذي يعد من أشهر معلمي فن كناوة، مساء أول أمس السبت، حماس جمهور منصة مولاي الحسن بالصويرة، وسط أجواء موسيقية تنهل من عوالم وطقوس اللون الكناوي وذلك من خلال حفل فني أحياه بالمنصة المذكورة، ضمن فعاليات الدورة 16 من مهرجان كناوة موسيقى العالم، مجددا بذلك العهد مع أبناء مدينة الصويرة، الذين تفاعلوا بشكل كبير مع إيقاعاته. وسافر الفنان حميد القصري٬ الذي يعتمد كثيرا على رخامة صوته القوي، بالجمهور الغفير، الذي توافد بكثافة لمتابعة فقرات هذه الأمسية الفنية٬ إلى أجواء روحانية رفرفت بالنفوس رفقة إيقاعات لون موسيقي ذي جذور إفريقية ضاربة. وخلال العرض الفني لمجموعة المعلم حميد القصري٬ انجذب الحضور لحوار الآلات الموسيقية، التي امتزجت بين التقليدي كآلة "الهجهوج"، و"القراقب"، وأخرى عصرية ك"الساكسفون" و"البيانو". وقدم المعلم القصري رفقة مجموعته٬ التي تميزت بلباسها التقليدي ورقصاتها الفريدة، باقة من أغانيه الناجحة في هذه السهرة. وامتزج الفن الكناوي بعدد من الألوان الموسيقية خلال العروض الموسيقية، التي احتضنتها٬ مساء اليوم نفسه، مختلف فضاءات الاحتفال بالدورة 16 لمهرجان كناوة موسيقى العالم بالصويرة. وأهم ما ميز هذه الدورة من المهرجان، الاحتفاء بمجموعة من رموز الفن الكناوي، الذين فقدتهم الساحة الفنية خلال المدة الأخيرة، من قبيل الشريف الركراكي وباكو الذي ارتبط اسمه بمجموعتي جيل جيلالة وناس الغيوان، وعبد الله غينيا، بفضاءات مختلفة، كما جرى الاحتفاء بالموسيقى بجميع أطيافها من طرف معلمين مغاربة وأسماء أخرى كبيرة، أعطت الكثير للموسيقى العالمية. ولعب المهرجان الكناوي دورا كبيرا في تنمية مدينة الصويرة التاريخية، ذات الصيت السياحي الكبير، حيث ساهم في زيادة إقبال السياح، وكان سببا في رفد المدينة بمرافق وبنية تحتية قوية قادرة على استيعاب الكم الهائل من عشاق هذا اللون الموسيقي، الذين يتدفقون عليها من داخل المغرب وخارجه. وخصصت إدارة المهرجان في هذه الدورة، خمس منصات للعروض تجمع مجموعة من المعلمين، استمتع من خلالها الجميع بموسيقى كناوة المميزة بأنغامها الصوفية والساحرة، التي جاءت من أعماق إفريقيا، واستمر السفر في عالم الموسيقى الكناوية مع معلمين كناويين آخرين بمختلف المنصات. وإلى جانب المعلمين، كان الإبداع المغربي ممثلا بأنواع موسيقية مختلفة وراسخة في التراث المغربي. ويهدف الإكثار من المنصات إلى التخفيف من الضغط الجماهيري، وكذلك التنويع بين الوصلات، حيث توزع المنصات على المواقع التاريخية والسياحية المهمة ليتحقق نوع من التوازن، ولتتهيأ للمنظمين السيطرة على مجريات المهرجان ومواده الغنية. وشكل مهرجان كناوة فرصة لتجديد اللقاء بين ظاهرة تاكناويت وباقي الثقافات٬ في مزيج ثقافي يشهد على فرادة النموذج الحضاري المتميز لحاضرة موكادور٬ أرض اللقاء بين الشعوب، ومناسبة لتبادل التجارب والأفكار، بين مختلف التعابير الموسيقية، من خلال المزج بين الألوان الموسيقية، بعروض فنية، جمعت بين تراث كناوة والموسيقى العالمية، وتصدرتها الجلسات الفنية، التي حملت اسم منتدى "شجرة المهرجان"، الذي أصبح تقليدا راسخا يتم من خلاله تبادل النقاشات والمعارف. وشهدت دورة هذه السنة تنظيم مجموعة من الأنشطة الثقافية الموازية، في مقدمتها المعرض التشكيلي، الذي نظم بشراكة بين مندوبية الثقافة بالصويرة وجمعية الصويرة موكادور، عرض من خلالها خمسة فنانين مغاربة مرموقين يمثلون الساحة الفنية المعاصرة معارضهم في برج الصويرة، تضامنا من أجل جمعية دارنا.