تجسدت الإرادة الملكية للنهوض بالتربية البيئية والحفاظ على التراث الطبيعي للعاصمة وضمان تنمية مندمجة ومستدامة لجميع جهات المملكة، مرة أخرى، أمس الاثنين، بتدشين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، لحديقة التجارب النباتية بالرباط، التي خضعت لأشغال كبرى لإعادة تهيئتها. يتماشى هذا المشروع مع ما جاء في الرسالة الملكية السامية الموجهة إلى المشاركين في المؤتمر العالمي السابع للتربية البيئية، الذي انعقد بمراكش (9 يونيو 2013)، والتي أكد فيها جلالته أن تفعيل دور التربية والتوعية يظل "عماد النهج القويم لإنجاح الانتقال الضروري نحو الاقتصاد الأخضر والمتضامن والمحترم للأنظمة الإيكولوجية الطبيعية". هكذا، فإن حديقة التجارب النباتية بالرباط تعد، في الوقت ذاته، مركزا للتربية البيئية في خدمة الجمهور العريض، وفضاء مثاليا للحفاظ على التراث البيئي الوطني، ومركزا للموارد البيولوجية من أجل الأبحاث العلمية، علاوة على كونها فضاء يضم عينات نباتية مخصصة للحفاظ على التنوع البيولوجي. وتحتوي الحديقة، التي أحدثت سنة 1914، على مساحة إجمالية قدرها 17 هكتارا (10 هكتارات في عالية الحديقة و7 هكتارات في سافلتها)، والتي تمت إعادة تهيئتها بتعليمات ملكية سامية، على ثروات بيولوجية ذات قيمة ثمينة، حيث تضم في المجموع أزيد من 650 نوعا من نباتات الزينة والمثمرة من أصول مختلفة: محلية، استوائية، شبه استوائية وصحراوية. ويحتوي مشتل الحديقة لوحده على تنوع جيني كبير يتألف من 27 صنفا موزعة على 44 نوعا. وتعتبر الحديقة، من خلال دورها الاقتصادي، حافزا مهما لتطوير زراعة الأشجار المثمرة بالمغرب، خاصة ذات الأصول الاستوائية. كما تساهم، بفضل مؤهلاتها الطبيعية، بشكل فعال، في إثراء الموارد الجينية النباتية الوطنية والعالمية، إذ يتم الاحتفاظ فيها، بالأصناف النباتية الرئيسية للمعهد الوطني للبحث الزراعي. وهمت عملية تأهيل الحديقة، التي رصد لها غلاف مالي قدره 55 مليون درهم، إعادة تهيئة أكثر من 27 مربعا موضوعاتيا وتحديث نظام الري وبناء بيت بلاستيكي للعرض وتهيئة متحف بيئي وتأهيل دار موريسكية، مع استقدام أنواع نباتية جديدة متوطنة ونادرة أو مهددة بالانقراض، وذات أهمية اقتصادية. وتعد حديقة التجارب، التي توجد في قلب مدينة الرباط، والتي أدرجت ضمن التراث التاريخي الوطني سنة 1992، بمثابة رئة خضراء حقيقية لهذه المدينة، التي صنفتها اليونسكو سنة 2012، ضمن التراث العالمي للإنسانية. وبالإضافة إلى الشركاء الأساسيين في المشروع (ولاية جهة الرباط- سلا- زمور- زعير، الجماعة الحضرية للرباط، المعهد الوطني للبحث الزراعي وصندوق الحسن الثاني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية)، بلورت الحديقة شراكات مع الحديقة النباتية لسنغافورة ومؤسسة الثقافة الإسلامية، والحديقة النباتية للباسيتي (جامعة كاستي- لامانتشا)، والحديقة النباتية لمدينة ليون الفرنسية والحديقة الملكية للنباتات بمدريد. كما تعد حديقة التجارب النباتية بالرباط عضوا في شبكة الحدائق النباتية الفرنكفونية وشبكة الحدائق النباتية في منطقة البحر الأبيض المتوسط والشرق الأوسط (ميد - أو- ميد). وتمزج هذه الحديقة، التي تعتبر فضاء تاريخيا ومعماريا وثقافيا وعلميا فريدا من نوعه بالمملكة، بين البساطة والحداثة، حيث أنها مهيأة للعب دور رئيسي في تحسيس أجيال المستقبل بأهمية الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية خدمة للتنمية البشرية المستدامة. وبالإضافة إلى فضاء الترفيه هذا، ستتعزز البنيات التحتية الرياضية والترفيهية لمدينتي الرباطوسلا عبر برنامج يهم بناء سبعة ملاعب للقرب لفائدة الشباب. ويتضمن هذا البرنامج، الذي خصصت له اعتمادات إجمالية قدرها 6 ملايين درهم، وسيتم إنجازه في ظرف خمسة أشهر، تشييد ملعب للقرب بالرباط قرب الشاطئ، وملعبين بحي يعقوب المنصور، وآخر قرب مسجد للاسكينة. وعلى مستوى مدينة سلا، يشمل هذا البرنامج بناء ثلاثة ملاعب للقرب (قنطرة الحسن الثاني، سيدى موسى، وحديقة الحرية).