أحيت مجموعة شارميلا شارما الهندية في رابع أيام موازين، بموقع شالة الأثري بالرباط، حفلا غنائيا راقصا، جمع بين الرقص الهندي الكلاسيكي "الكاتاك" ذي المسحة الروحية الهندوسية وبين الموسيقى العريقة في الهند القديمة. الفنانة الهندية شارميلا شارما برعت شارميلا خلال هذا الحفل، المصمم في إطار برنامج "طريق الحرير"٬ الذي استقطب جمهورا مغربيا وأجنبيا متنوعا ٬ في تقديم لوحات ساحرة ٬ جسدت من خلالها تلك الطقوسية التي تميز هذا النوع الفني الأصيل٬ الذي يحيل في المرجعية التراثية الهندية٬ على ذلك الذي "يحكي وهو يغني راقصا"٬ ينشد تلقين الناس التعاليم الدينية الهندوسية. شارك في نسج جمالية هذه الأمسية الرائعة٬ التي كانت شارميلا بطلتها الأثيرة٬ مجموعة من الموسيقيين البارعين والمرموقين تتقدمهم المنشدة كاكولي سينغوبتا، وبراهبو غدوارد (الإيقاع)، وميشال غواي (آلة السيتار الهندية)، وهنري تورنيي (ناي البانصوري٬ أحد أقدم الآلات الموسيقية شمال الهند). مندمجة بشكل عجائبي مع المكان وإيقاع الآلات والأنغام الموسيقية٬ يفقد جسد شارميلا بعدها الفيزيقي ليتحول إلى بؤرة كهرومغناطيسة تصدر تموجات حركية متوهجة بالطاقة الروحية٬ حيث يتحول المشهد إلى "رقص في الجسد " وليس به فقط٬ إذ لا تتحرك شارميلا إلا في حيز مكاني ضيق يسع بالكاد جسدها. بدت متفاعلة مع الجمهور٬ وهي تتواصل معه مرات عدة ٬ سألته في إحداها عن مدى استيعابه لإيقاعات ترددها على مسامعه في كل مشهد راقص على شكل مقاطع صوتية ونبرية موزونة، قبل أن تردف "وحدها الآلات الموسيقية من يفهم ويتفاعل مع جسدي..."، معربة عن سعادتها الغامرة بمشاركتها للمرة الثانية ضمن فعاليات مهرجان موازين٬ إيقاعات العالم. تتحدر شارميلا شارما٬ التي رأت النور بجايبور (راجستان-الهند)، من أسرة فنية٬ فوالدها موسيقي ومطرب فولكلوري في ما أمها راقصة كلاسيكية لرقصة "الكاتاك" ورقصات فلكلورية أخرى تنتمي لشمال الهند. صعدت شارميلا المنصة لأول مرة وسنها لا يتعدى ثلاث سنوات في إطار إحدى المسابقات٬ التي أبانت خلالها عن موهبة كبيرة وفازت بجائزتها الأولى. تعلمت الرقصات الفلكلورية لراجستان والكاتاك على يد والدتها ثم التحقت فيما بعد بأكبر معهد لرقصة الكاتاك في العالم ٬ وهو معهد "كاتاك كيندرا" بنيودلهي. بعدها ستحل بالعاصمة باريس سنة 1993 وتشرع في إعطاء دروس بمركز ماندابا٬ قبل أن تتفرغ اليوم لتدريس الكاتاك وتمتع المشاهدين بعروض باهرة من هذا الفن الأصيل. يذكر أن الدورة الثانية عشرة لمهرجان موازين إيقاعات العالم٬ التي تنظم ما بين 24 ماي و1 يونيو 2013 بالرباط٬ خصصت فضاء شالة الأثري للمغامرة الموسيقية "طريق الحرير" المشهور كشبكة طرق تجارية ربطت بين آسيا وأروبا لقرون٬ من خلال مشاركة مجموعة من الفنانين الذين سيسافرون بالجمهور إلى ثمانية بلدان مختلفة.