ناقش علماء وفقهاء مغاربة وأجانب، يوم السبت المنصرم، بشفشاون، خلال الملتقى الثاني للثقافة الصوفية موضوع "الزاوية السنية المغربية ودورها في التنمية البشرية". وقال محمد مزين، مدير مؤسسة ابن الخطيب للدراسات وحوار الثقافة٬ التي تنظم هذه الفعالية، بتنسيق مع وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس٬ أن الملتقى يدخل في إطار خدمة التراث الثقافي والحضاري المغربي، والمساهمة في بلورة فكر متفتح قادر على استيعاب التطورات التي يعرفها المجتمع المغربي والعالمي. وأكد أن الملتقى يتدارس البعد الصوفي في التنمية البشرية باعتبارها شاهدا على الحضارة التي شيدها الأسلاف على أسس التعايش والتسامح والتفتح ومد الجسور العلمية بين الشرق والغرب٬ مضيفا أن الملتقى في بعده العلمي منبر لتجديد وشائج القرابة الفكرية، وتبادل وجهات النظر، والتعريف بالإنتاجات العلمية في ميادين التحقيق والبحث والنشر. من جهته٬ أكد مدير ديوان وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، عبد اللطيف البكدوري، بالمناسبة٬ أن التصوف ساهم٬ شأنه في ذلك شأن باقي العلوم الدينية والفكرية٬ في بلورة الهوية المغربية وخلق مجتمع متوازن متعاضد يتبع مبادئ السنة ويطبق الإسلام الوسط٬ مبرزا أن التصوف والتأليف الصوفي والزوايا والطرق اطلعت بدور مهم في ترسيخ قيم التعايش في ظل القيم الإنسانية المشتركة والحوار البناء بين مختلف شرائح المجتمع. وتضمنت المادة العلمية لهذا الملتقى٬ الذي اختتمت أشغاله أمس الأحد٬ التعريف بمختلف الزوايا المغربية المنتشرة في مختلف ربوع المملكة والمتميزة كل واحدة منها بأسلوبها الخاص في التأطير الديني والتربية الروحية والعمل الاجتماعي والتنمية البشرية. وأطر الجلسات الأربع الأخرى للملتقى٬ أكاديميون مهتمون بدراسة الظاهرة الصوفية٬ والزوايا المتعددة المتعلقة بالتصوف من الجانب التاريخي والديني والروحي والفكري والتربوي والاجتماعي. وتناول المؤطرون بالدرس "آليات التربية الروحية في التصوف"، و"التصوف والفقه والتاريخ "، و"التصوف المغربي ..الأصول والفروع"، و"التصوف والمجتمع"٬ إضافة إلى التصوف المغربي كظاهرة روحية واجتماعية مهمة ساهمت عبر التاريخ في الحفاظ على التماسك بين مختلف الأطياف الثقافية والاجتماعية في كل جهات المملكة. وأكد الباحثون أن التصوف المغربي حافظ على تضامن المغاربة للدفاع عن وحدتهم الوطنية واستقلالهم٬ ووفر أواصر المحبة وأسس التآزر الاجتماعي في ما بينهم في الماضي والحاضر٬ وكيفية استفادة هذا المعطى لحفظ الاستمرارية الثقافية للمغاربة وتقوية إشعاعهم الحضاري الإنساني عبر التاريخ. وأوصى المشاركون في الملتقى بتحويل هذا الأخير تدريجيا لجامعة ربيعية متخصصة تسلط الأضواء، وتلقي نظرة عميقة ومتفاعلة على التصوف المغربي باعتباره ظاهرة اجتماعية ودينية وروحية وحضارية غرست جذورها في أرض المغرب بطريقة أصيلة تتناسب مع روح السنة التي ما يزال المغاربة متشبثين بأهدابها٬ كما تتسم بروح الاعتدال وتقبل الآخر. ودعا الباحثون إلى ضرورة إيلاء التصوف المغربي مزيدا من الاهتمام باعتباره أحد المحركات المهمة التي تؤثر في السلوك والأخلاق وترقي الروح وتصفي النفس وتوحد البلاد وتؤلف الجهود للذود عن الوطن في الشدائد. وتضمن برنامج الملتقى محاضرة افتتاحية ألقاها، محمد بنشريفة، من جامعة محمد الخامس الرباط في موضوع "التصوف الأندلسي مقاربة عامة"٬ وجلسة علمية همت "التعريف ببعض الزوايا المغربية"٬ وهي الزاوية البوتشيشية والزاوية التيجانية والزاوية الناصرية والزاوية الوزانية والزاوية الريسونية وزاوية ماء العينين والزاوية الكتانية والزاوية الفاسية والزاوية الحمزاوية والزاوية الصديقية. كما تضمن برنامج الملتقى٬ الذي ينظم بتنسيق مع كلية الآداب والعلوم الإنسانية والجمعية المغربية للبحث التاريخي٬ جلسات علمية حول "التصوف بين الظاهر والباطن"، و"التصوف والزهد أية علاقة"، و"الزاوية السنية ومجاهدة النفس"، و"حب الأوطان في الفكر الصوفي"، و"التصوف والثقافة في أواخر مغرب القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين"، و"تطابق الفكر السلفي والصوفي عند الشيخ ماء العينين".