كشف العميد الإقليمي حميد بحري، رئيس المنطقة الأمنية أنفا بولاية الأمن في الدارالبيضاء، في حوار مع "المغربية"، تسرب جماهير محسوبة على الجيش الملكي إلى شوارع مهمة في مدينة الدارالبيضاء، وارتكابها أعمال شغب خطيرة. العميد الإقليمي حميد بحري وتحدث حميد بحري عن الخطأ التنظيمي، الذي أدى إلى تسرب الجمهور، وكيفية التدخل لاحتواء المشاغبين، وأيضا، بعض التصرفات الاستفزازية، التي بدرت من بعض مسيري فريق الجيش، والتي لم ينسق وراءها جمهور الرجاء البيضاوي. كما أنه أكد أن مصالح الشرطة مازالت تلاحق عددا من المتورطين بشكل مباشر في أحداث الشغب، وآخرين ظهروا على أنهم "غزاة" للبيضاء في أشرطة فيديو على "يوتيوب". ماذا حدث في ما بات يعرف إعلاميا ب"الخميس الأسود"؟ نشكر فتح أعمدة جريدتكم أمام الأمن الوطني من أجل أن يقول كلمته في الموضوع، ردا على كل التصريحات السابقة. ففي البداية أود أن أشير إلى أن الإجراءات المعتادة، التي تتخذ في كل مباراة رياضية تختلف من مواجهة إلى أخرى. فكل مباراة لها حساسيتها الخاصة، وحساسية المباراة بين الجيش الملكي والرجاء البيضاوي ظهرت بوادرها منذ فوز الفريق الأخضر بنهاية كأس العرش. فعندما كنا نؤطر، في تلك المباراة، جمهور الرجاء البيضاوي، بتعاون مع المصالح الأمنية بمدينة الرباط، شعرنا أن هناك شيئا ما قد اختلف بين الجمهورين، وأصبحت حساسية زائدة في العلاقة بينهما. ولا مسنا ذلك مباشرة أسبوعا قبل المباراة، من خلال تتبعنا لما يجري في المواقع الاجتماعية من "الفايسبوك"، و"تويتر"، وما إلى ذلك، خاصة "الفايسبوك"، الذي لاحظنا من خلاله أن هناك مجموعة من البرقيات، التي تروج ما بين الجمهورين، خاصة من طرف جمهور الجيش الملكي، الذي كان يتوعد الجمهور الرجاوي بما يشبه المعركة، بما فيها العنف اللفظي والتهديد بالتصفية الجسدية، وما إلى ذلك. إذن، خطورة المقابلة بدأت بوادرها تلوح في الأفق أسبوعا قبل المباراة، ولهذه الغاية جرى اتخاذ تدابير أمنية موازية. وانطلقت العملية باتخاذ تدابير تحضيرية تمثلت في عقد لقاء مع مؤطري الجماهير الرجاوية والجيش الملكي. وعلى هذا الأساس، جرى عقد الاجتماع مع مؤطري الفريقين بمكتبي في مقر ولاية الأمن، والذي جرى خلاله تمرير جميع الملاحظات المتعلقة بالمباراة، بما فيها أننا طالبنا منهم أن ينشروا بعض البرقيات التي تدعو إلى التآخي والتخفيف من الضغط الحاصل بين الجمهورين. وبالفعل حصل ذلك، وجرى تمرير صورة التقطت بالمكتب عبر المتصفحين ل"الفايسبوك"، بغاية التخفيف من الضغط الحاصل. بعد ذلك، اتفقنا سويا، وكان موقفنا أن الجمهور ينتقل إلى البيضاء عبر الحافلات. غير أن هذه الإمكانية اعترض عليها المؤطرون لأن جل الشركات العاملة في الرباط ترفض رفضا باتا نقل الجمهور الرياضي إلى أي مدينة من المدن، نظرا لحجم الخسائر التي يجري إلحاقها بالحافلات. فكان الحل الوحيد هو القطار. هناك من يطرح سؤالا لماذا جرى السماح لهذا الجمهور بالتنقل إلى البيضاء رغم الحساسية التي سجلت قبل المباراة؟ أقول إنه في غياب قرار ذي قوة وذي حجية، لا يمكن منع أي كان من التنقل، سواء من هذه المدينة أو تلك. وإجراء مثل هذا يحتاج إلى قرار على مستوى لجنة العقوبات في جامعة كرة القدم. أما بالنسبة لنا، فينبغي أن نضمن التنقل وحرية التنقل من مدينة إلى أخرى، سواء في إطار فردي أو جماعي، كما ينبغي تأطير هذه العملية واتخاذ ما يلزم من إجراءات. ما الذي جرى الاتفاق عليه في النهاية؟ كان الحل هو نقل الجمهور إلى مدينة الدارالبيضاء عبر القطار. ولهذه الغاية جرى إشعار كل المتدخلين في هذا الباب، بمن فيهم المسؤولون في المكتب الوطني للسكك الحديدية، إذ تكلف المسؤولون الأمنيون في الرباط وولاية أمن البيضاء، بالتنسيق المباشر معهم. وبالفعل جرى تخصيص قطار لنقل الجماهير، انطلق من محطة الرباط أكدال، وجرت العملية التأطيرية، منذ الساعات الأولى من الصباح، بحضور فعلي لنائب والي الأمن، وكذلك طاقم مهم من رجال الشرطة، الذين رافقوا الجمهور حتى مدينة البيضاء. وكان يتراوح عددهم آنذاك حوالي 40 رجل أمن، تحت الرئاسة الفعلية لقائد شرطة، الذي رافق الموظفين إلى مدينة البيضاء. كما كان التنسيق مع مصالح المكتب الوطني للسكك الحديدية، على أساس أن التدابير الأمنية تقتضي استقبال الجمهور على مستوى محطة الوازيس، بمعنى أنه لا يمكن ولا يسمح بتاتا بالنزول في أي محطة من المحطات غير الوازيس، كمحطة وحيدة وفريدة يجري فيها استقبال الجمهور. وعلى هذا الأساس، جرى اتخاذ تدابير أمنية موازية للاستقبال، يعني أن جميع العناصر والترتيبات كانت اتخذت على مستوى محطة الوازيس. بل حتى المسؤولين عن المكتب كلفناهم بإحضار مسؤولين لتقطيع تذاكر المبارة في المحطة المذكورة، وعندما تأخروا في إحضارهم اضطررنا إلى نقلهم من مركب محمد الخامس، عبر وسائلنا الخاصة، ووضعهم في محطة القطاع الوازيس، تيسيرا وتسهيلا لعملية ولوج الملعب، عوض انتظار ساعات وساعات على مستوى الشبابيك الموجودة في محيط الملعب. مباشرة بعد ذلك، أشعرنا والي الأمن في الرباط أن الانطلاقة ستكون في الموعد المحدد. من جهتنا، أشعرنا جميع المحطات بين الرباط والبيضاء، خاصة المحمدية وعين السبع والمسافرين، التي تتوفر على إجراءات أمنية لضمان مرور القطار فقط، وبأن أيا منها لن تكون محطة استقبال. بعد وصول القطار المؤطر، وعلى متنه 2500 من جماهير الجيش الملكي، جرى استقبالهم في ظروف جيدة في محطة الوازيس، وتمكينهم من التذاكر، ونقلهم عبر حافلات للنقل الحضري إلى المركب الرياضي محمد الخامس، مع ضمان مرور هذه العملية في ظروف أمنية جيدة. إذن، ماذا حدث حتى تسرب الجمهور إلى وسط المدينة؟ بعد أن بدأت العملية بالفعل، فوجئنا بوصول قطار ثان على متنه ما بين 600 و800 شخص، حسب التقديرات المتوفرة، وأن هذا الجمهور يحاول النزول في محطة الدارالبيضاء المسافرين، الشيء الذي لم يكن متفقا عليه، ولم نكن على علم به، ولم يجر إشعارنا به من أي جهة من الجهات. في تلك الأثناء، تدخل رئيس المنطقة الأمنية العميد الإقليمي الغلوظي في محطة الوازيس، وأعطى تعليمات صارمة للمسؤولين بعدم فتح الأبواب وعدم السماح لهذا الجمهور بالنزول جماعة، لأن ليست هناك ترتيبات أمنية مواتية لاستقبال حوالي 800 من الجمهور، بل كانت هناك فقط ترتيبات لضمان السير العادي والمرور في ظروف عادية. إلا أنه، ربما لمسائل تقنية أو لأسباب أمنية جرى فتح الأبواب بعد إطلاق محسوبين على مشجعي الجيش الملكي الفرامل الإنذارية ليتسرب الجمهور، الذي قد يكون اجتمع بطريقة عفوية من تمارة، أو سلا، أو الرباط، وربما كانت له نية مبيتة لتنقله بطريقة بعيدة عن التأطير الأمني الذي رافق المجموعة الأولى، التي نقلت مباشرة إلى محطة الوازيس. وأريد أن أشير إلى أن الفرامل الإنذارية أطلقت أربع مرات، وهي عملية لم يجر إشعار مصالحنا بها، إلا أن الاستجابة لم تجر إلا في المرة الأخيرة في نقطة كانت فيها خطورة أكثر. إذن، الاستجابة كانت فورية من طرف أحد المسؤولين بفتح الأبواب على مستوى النقطة المذكورة، علما أننا طالبنا بعدم فتح الأبواب كي لا يتسرب الجمهور. لكن العكس الذي حدث وتسرب الجمهور. ربما هناك سوء تقدير للمسؤولين حول هذه المسألة، لكن نحن نعلم أن جمهورا غير مؤطر في شوارع مهمة بالدارالبيضاء (شارع عبد الله ياسين، ومحمد الديوري، ومحمد الخامس)، كان منتظرا أن يبادر منه بأفعال غير محسوبة. لهذا، كنا على يقين تام على عدم السماح لهؤلاء بالنزول. وبالفعل تدخلنا إلا أن التدخلات لم تأت بنتيجة، بعد أن وقعت الأحداث والمشاكل المرتبطة بذلك التهور الجماعي المصحوب بهمجية بعيدة كل البعد عن الجمهور المؤطر، كما لا يمكن أن نحسب هؤلاء على جمهور الجيش الملكي، الضارب في تاريخ كرة القدم المغربية. بعد تسرب الجماهير إلى وسط المدينة، كيف تعامل الأمن مع هذا الظرف الطارئ؟ في تلك اللحظة، جرى إشعارنا على مستوى المركز أن الجمهور تسلل وليست هناك ترتيبات أمنية مواتية وينبغي تأطيره. مباشرة بعد ذلك، جرى أمر القوات بالتحرك من المركب الرياضي محمد الخامس في تجاه نقطة التدخل، حيث جرى احتواء الجمهور بمجرد الوصول على مستوى نهاية شارع محمد الخامس. وأنتم تسجلون، من خلال حضور بعض وسائل الإعلام، أن عملية الاحتواء جرت في تلك النقطة، التي لم يجر بعدها تسجيل أي خسارة تذكر. إذن، بين تسرب الجمهور ووصول القوات الأمنية، الذي استغرق 15 دقيقة، وقع ما وقع في شارع عبد الله بن ياسين، ومحمد الديوري، وبداية شارع محمد الخامس. فبمجرد وصول الجمهور شارع محمد الخامس حلت القوات الأمنية بالنقطة المذكورة، وتدخلت واحتوت الجمهور وأطرته تأطيرا محكما. بل إنه لإحساسنا بأن عملية الذهاب بهذا الجمهور جماعة وبالعدد الكافي سيسمح لهم بتنظيم ما يسمى في أدبيات الإلترات ب "الكورتيج"، فضلنا تقسيم هذا الجمهور إلى مجموعات صغيرة، كان عددها خمسة، وكل واحدة كان يوجد بها ما بين 100 و120 من الجمهور، وفضلنا مرافقتهم راجلين عبر شارع آنفا، ثم عبر شارع علي عبد الرزاق إلى أن وصلوا إلى الباب الرئيسي رقم 10 للملعب الرياضي، حيث أدوا أثمان التذاكر وولجوا الملعب بكل تأطير وأمان. ولكن الأحداث كانت وقعت قبل وصول القوات الأمنية إلى المكان. ونحن بطبيعة الحال كأمنيين نرى أن مهمة الأمن هي مهمة حفظ النظام، وإعادته إذا كان هناك خلل قد حل به. وبالفعل كان تدخلنا صارما، وفرض الأمن والطمأنينة منذ احتواء الجمهور على مستوى شارع محمد الخامس. ولم يجر تسجيل أي شيء يثير الانتباه في هذه النقطة. كم وصلت عدد الاعتقالات بعد أحداث الشغب؟ الاعتقالات كان من الممكن أن تصل حتى إلى ألف شخص يظهر عليهم عنصر الشبهة، ولأننا في دولة الحق والقانون، لم يجر اعتقال إلا الأشخاص الذين قاموا بأفعال أمام أنظار ضباط الشرطة القضائية. بمعنى، أننا اكتفينا بالاعتقالات التي جرت ما بين شارع محمد الديوري وعبد الله بن ياسين، ومحمد الخامس، حيث كانت عناصر من الشرطة القضائية بالزي المدني تدخلت لإيقاف 214 ما بين راشد وقاصر. وهم الذين جرى تقديمهم إلى النيابة العامة التي اعتقلت من اعتقلت وأطلقت سراح آخرين، على اعتبار أن هناك حالات جرى ضبطها موازاة مع الأحداث وكان أصحابها إما في حالة سكر أو تحت تأثير مخدر، ولم يثبت ضلوعهم في أحداث الشغب. هناك مبارتان مهمتان في الدوري ويتعلق الأمر بالديربي والمواجهة بين الجيش والوداد، كيف سيجري التعامل معهما؟ ما وقع في مدينة الدارالبيضاء يوم الخميس قبل الماضي، الذي جاء نتيجة خطأ تنظيمي لا أقل ولا أكثر، لا ينبغي أن يخيف لا المصالح الأمنية ولا المواطنين. فهذه مسائل مرتبطة بكرة القدم. صحيح هناك حالات وتصرفات تجاوزت الحد المعقول، إلا أننا إذا بحثنا عن تبرير خاص لهذا الجمهور لا نجد ذلك. والدليل على ذلك، أن محلين تجاريين كسرت واجهاتهما ولم يسرق منهما أي شيء، رغم وجود ما يسرق. ما يعني أن هذا شغب مجاني رافق هذه المناسبة الكروية، نظرا للضغوطات النفسية التي رافقت المباراة، التي كانت ما بين الجمهورين، ونظرا، أيضا، لاستغلال، للأسف، الموقع الاجتماعي "الفايسبوك" من أجل الترويج لهذه الكراهية والعنف ما بين الجمهور. أما الأحداث فهي مجانية ولا يجب الخوف أو الارتباط بها. العنف مرتبط بوضعية ما وحالة نفسية وبأسباب معينة، متوفرة في هذه المقابلة، وقد لا تكون متوفرة في مقابلات أخرى. المصالح الأمنية رتبت ودبرت مباراة بحجم أكبر. ولا يجب الخوف، ولا يجب أن نأخذ ما حدث يوم الخميس نموذجا يطبع الكرة المغربية. سنستعد للديربي بين الرجاء والوداد، والمواجهة بين الجيش والوداد، برسم الدورة الأخيرة من الدوري المغربي. ولكن نحن كأمنيين نطالب بفرض عقوبات قاسية على جمهور الجيش الملكي، ومنها عدم مرافقته لفريقه ليس لمدينة البيضاء فقط، بل لمدن أخرى، حيث تقع مشاكل. ينبغي إصدار عقوبات رادعة وصارمة في حق الفريق، لأن مسألة تأطير الجمهور ليست اختصاصا خالصا للأمن، أو أن الأمن قادر لوحده على احتواء هذا الجمهور الهائل. الجمهور هو تربية، وأخلاق، ومدرسة، ومجتمع، وعائلة، وفرق، وجمعيات، وإلترات، ولا يمكن أن نقول إن الأمن لوحده قادر، بل ينبغي أن يتحمل الجميع مسؤوليته. ولماذا لا، عدم مرافقة جمهور الجيش فريقه لمدة طويلة، قد تكون في هذه السنة أو السنوات المقبلة. فهذا تدبير وقائي وزجري، ويدخل في خانة العقوبات المعنوية والمادية. هل هناك أشخاص ما زال مبحوثا عنهم في أحداث الشغب؟ أكيد أن هناك بعض المؤطرين الذين دعوا إلى هذه الأحداث ما زال مبحوثا عنهم، كما أن هناك تعليمات صارمة من الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف في ما يتعلق بإيقاف الأشخاص الذين التقطت صور لهم وهم يرتكبون العنف الواضح في الشارع. هناك عمل ما زال ملقى على عاتقنا من أجل إيقاف كل الأشخاص الذين أخلوا بالنظام العام في تلك اللحظة، سواء الذين شاركوا في العنف مباشرة، وهم يكسرون بعض السيارات، أو الذين دعوا إليه عن طريق موقع التواصل الاجتماعي "الفايسبوك"، أو أولئك الذين نشروا صورا يظهرون فيها وكأنهم غزاة لمدينة البيضاء، وأنتم رأيتم ذلك على "يوتيوب". هل مسألة تخفيف الضغط بين جماهير الفرق مسؤولية الأمن لوحده أم أن هناك متدخلين آخرين يجب أن يشاركوا في هذه العملية؟ الواقع الذي يجب أن يكون هو التصور الذي تحدثت عنه. لكن الواقع الذي نعيشه والضغط اليومي الذي نمر به يجعلنا أننا أكثر المتدخلين في هذا الباب، لأننا نحن من يتحمل عبء تدبير المباريات من الناحية الأمنية. ونحن للأسف من يلام لماذا وقع هذا ووقع ذاك. إذن، انخراطنا في تأطير الجماهير من جانب واحد، هو هم يتقاسمه رجال الأمن جميعا مهما اختلفت مستوياتهم التراتبية، ونشعر أننا مسؤولون مسؤولية مباشرة، لكن الواقع هو أن المسألة ينبغي أن يتدخل فيها الجميع. وهنا نطرح سؤالا أين المكتب المسير؟، أين الجمعيات؟، وأين هي الجهات الوصية على كرة القدم..؟ لا يمكن أن نبقى دائما حبيسي نظرة أمنية ضيقة، فالنظرة الأمنية الضيقة الآن لم تعط نتيجة. إذن، ينبغي أن ينخرط الجميع في هذا الباب من أجل السير قدما بهذه البطولة الاحترافية التي يريدها المغرب. هل المركب الرياضي محمد الخامس بات يشكل تهديدا أمنيا لسكان العاصمة الاقتصادية؟ أكيد أن المركب الرياضي محمد الخامس، في وقت ما، كان صالحا لمدينة الدارالبيضاء، والآن أيضا ما زال صالحا. هدمه أو إغلاقه لا ينبغي أن نتوسم فيه أنه هو السبب الذي سيوقف العنف داخل الملاعب، إذ هناك شغب يمارس حتى في ملاعب رياضية خارج المدن. لكن حجم الخسارة بالنسبة للمركب الرياضي محمد الخامس أكبر في ما يتعلق بأملاك المواطنين وراحتهم. فموقع الملعب لا يتناسب مع مباريات كبرى من حجم الديربي، ولكن يمكن أن يكون صالحا لألعاب القوى، ومقابلات أخرى أقل أهمية، ويستغل في مسائل أخرى ثقافية وفنية. ولكن مباريات من حجم الديربي والجيش وغيرها، أصبح متجاوزا لأنه فيه أرق كبير ليس للمصالح الأمنية فقط، بل حتى للمواطنين. والدعوات التي ارتفعت ناجمة عن معاناة السكان، وهي معاناة لا يمكن أن نكذبها ونحن شاهدون على ما يقع من ضجيج ومخالفات أخلاقية بالخصوص، وأركز عليها، لأن الحاجز الآن ما بين الأخلاق والأخلاق، إذا لم نقل أنه انعدم فقد قل كثيرا، عند بعض الفئات العمرية الشابة. ولوج القاصرين للملعب ما زال مستمرا، كيف تتعاملون مع هذا المشكل؟ مشكل القاصرين أساسي ويؤرق المصالح الأمنية يوميا وكل أسبوع. ورغم إيقاف عدد منهم، إلا أن القانون يفرض علينا إجراءات قانونية معينة لحماية القاصر. غير أن السؤال كيف يمكن حماية القاصر في وضعية شاذة مثل هذه؟ وهنا نطرح أيضا سؤالا عريضا أين هي الأسر؟ وأين هم الأشخاص المسؤولون عن هؤلاء القاصرين؟. القانون لم يفرض عدم السماح للقاصرين بعدم مشاهدة المباريات، ولكن فرض عدم السماح لهم بولوج الملعب بطريقة انفرادية. وهنا يلجأ البعض إلى راشدين ويطلبون منهم تأكيد أنهم برفقتهم ليسهلوا عليهم ولوج الملعب، ونحن لا يمكن أن نبحث عن هوية الأشخاص قبل الدخول. أجريت العديد من المباريات في البيضاء، كيف مرت وهل سجلت مشاكل في تأمينها؟ للأسف، لا تتحرك السلطات الموازية المتدخلة في هذا المجال إلا أثناء وقوع الشغب. والواقع أننا دبرنا مقابلات استقبل فيها المركب الرياضي محمد الخامس 520 ألف من الجمهور، خلال السنة الجارية. إذن، هذا العدد الكبير من الجمهور ولج الملعب دون مشاكل. والآن، عندما يقع مشكل يطرح سؤال عريض أين كان الأمن، ولماذا لم يقم بعمله؟ ونحن كذلك نتساءل أين هي المؤسسات المكلفة بالرعاية بالجمهور والقاصرين، وأين هي الجمعيات المؤطرة للجماهير، وأين هو المكتب الذي يؤطر الجماهير؟. وأتحدى مكاتب الفرق إن كانت قد نظمت يوما دراسيا حول الشغب، أو القانون 09/09، وشرحت مضامينه للنادي والجمهور، ووضحت لهم المشاكل، باستثناء لقاء جمعنا نحن ومسيرين لفريقي الرجاء والوداد البيضاويين لشرح مضامين القانون، وكانت نتائجه جيدة، وأنتم تلمسون حجم العلاقة الطيبة التي تجمع الأمن بجمهور الرجاء والوداد من خلال مؤطرين ومؤطري الإلترات، الذين لدينا معهم علاقة جيدة، انعكست على الجانب الأمني. ولاشك أن تفكك الجمهور، الذي وصل إلى حوالي 32 ألفا، خلال مباراة الرجاء والجيش، حدث في ظروف عادية، ولم يجر تسجيل أي حادث يذكر. حتى الاحتكاك الذي كان يبحث عنه جمهور الجيش تجاه جمهور الرجاء لم يحدث، لأنه كانت هناك إجراءات أمنية، ولكن كان هناك تفهم أكثر من طرف الجمهور الرجاوي، الذي لم ينسق وراء الحركات الاستفزازية، التي لم يقم بها فقط الجمهور، بل حتى بعض مسيري فريق الجيش الملكي. وهناك شهادات في هذا الموضوع، إذ أن مسيرين من فريق الجيش أبدوا حركات بذيئة ولا أخلاقية للجمهور الرجاوي، ورغم ذلك لم يجر انسياق الجمهور وراء هذه الاستفزازات. وهذه نقطة إيجابية، أنا أركز عليها وأشد بحرارة على الرجاء وجمهوره الذي أبدى حسا مواطناتيا كبيرا. كلمة أخيرة؟ أشكركم، وأطلب من الجميع التدخل لإيجاد حلول بديلة، فمقاربتنا الأمنية ستظل مستمرة في الزمان والمكان لإنجاح جميع المباريات الرياضية، وفرض النظام وإعادة فرضه في حالة حدوث خلل، ولكن لابد من تدخل جميع المتدخلين في هذا الباب، وأخص بالذكر الفرق، والجمعيات، والإلترات، والوزارات الوصية، والسلطات الموازية، حتى نضمن وجها مشرفا لبطولتنا الاحترافية.