ضخت الجولة الإفريقية الرمزية، والتاريخية لجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، دماء جديدة في شرايين التعاون جنوب جنوب، وعززت بشكل كبير شراكة بلادنا مع دول السينغال وكوت ديفوار والغابون التي زارها جلالته تباعا. وتعبر عن هذا الأمر اتفاقيات الشراكة، التي ترأس جلالة الملك ورؤساء الدول التي استضافت جلالته مراسيم توقيعها، وجاءت لتعزز الرصيد، الذي كان يبلغ قبل الجولة الملكية 500 اتفاقية مع 45 بلدا إفريقيا. مما لا شك فيه أن الحرص الملكي على تقوية التعاون مع الدول الإفريقية أعطى نفسا جديدا للعلاقات الأخوية التي تربط بلادنا بالأشقاء الأفارقة، وعزز العلاقات الاقتصادية، إذ ارتفعت المبادلات التجارية بين المغرب ودول إفريقيا جنوب الصحراء بنسبة 300 في المائة، وهو رقم يتحدث عن نفسه. واستنادا إلى دراسة أعدتها مديرية الدراسات والتوقعات المالية التابعة لوزارة الاقتصاد والمالية، فإن المبادلات التجارية بين بلادنا ودول القارة جنوب الصحراء بلغت 11,7 مليار درهم سنة 2010، في حين لم تكن تتعدى سنة 2000 ما قدره 3,6 ملايير درهم. ورغم أن الارتفاع الذي تبينه الأرقام مهم للغاية، فإن الدراسة أبرزت أنه مازال أمام بلادنا، والدول المذكورة فرص كبيرة لتقوية التعاون ورفع أرقام المبادلات بشكل أكبر، إذ أشارت إلى أن المبادلات المشار إليها، التي تدعو إلى التفاؤل لا تمثل في الوقت الراهن سوى 2,6 في المائة من مجموع المبادلات التجارية للمملكة. وساعد التوجه الإفريقي الملحوظ للمغرب بقيادة جلالة الملك، على تحقيق التحول، الذي وإن كان دون الطموحات، فإنه يعتبر قفزة مهمة في درب التبادل التجاري، إذ مكنت الاتفاقيات الموقعة من رفع الصادرات المغربية، التي بلغت قيمتها 7,2 ملايير درهم سنة 2010، وبالتالي بلغ الفارق عما كان عليه الأمر في السابق 5,8 ملايير درهم. وبلغت واردات المغرب من بلدان إفريقيا جنوب الصحراء 4,5 ملايير درهم مقابل 2,4 في السابق. وتعبر فعاليات سياسية واقتصادية عن أملها في أن يقطع التعاون الاقتصادي بين المغرب والأشقاء الأفارقة خطوات عملاقة ليترجم العلاقات المتميزة على المستويين السياسي والاجتماعي، في إشارة إلى الدعم الكبير الذي يقدمه المغرب بقيادة صاحب الجلالة لمختلف بلدان القارة السمراء. ولعل الاتفاقيات التي ترأس جلالة الملك مراسيم توقيعها مع الأشقاء ستمكن من رفع المعاملات بين بلادنا والسينغال وكوت ديفوار والغابون. ويقول علي بوجي، سفير المملكة في الغابون، إن هذا البلد "يعد سوقا واعدة بالنسبة للفاعلين في بلادنا، فهذا البلد يتوفر على العديد من الثروات الطبيعية، خاصة المعدنية والغابوية. وتشكل السياسة الطموحة والشجاعة لعلي بونغو أونديمبا، الرامية إلى أن تجعل من الغابون بلدا صاعدا في أفق 2025، محفزا حقيقيا للاستثمار الخارجي في البلد، الذي يتوفر على أفضل مكانة في وسط إفريقيا، من حيث مؤشرات مناخ الأعمال. كما يستطيع الغابون أن يكون بمثابة نقطة ارتكاز لفائدة فاعلينا، من أجل الولوج إلى سوق جهوية، تضم حوالي 70 مليون مستهلك، ذلك أن هذا البلد يشكل، مع خمسة بلدان أخرى في وسط إفريقيا، سوقا مشتركة، كفيلة بتحفيز رجال أعمالنا للاستثمار في الغابون. من جهة أخرى، يتجسد الاهتمام المتزايد للفاعلين الاقتصاديين المغاربة بالسوق الغابونية في تنظيم "الأيام الاقتصادية والتجارية المغربية الغابونية "، التي انعقدت في ليبرفيل، سنتي 2010 و2012، تحت رعاية رئيس الجمهورية والرئاسة الفعلية للوزير الأول. وشارك في هذه التظاهرة أزيد من 120 رجل أعمال مغاربة من قطاعات مختلفة، ومكنت من عقد لقاءات مفيدة وواعدة". وأوضح أن من بين فرص الاستثمار التي يمكن أن يستغلها المستثمرون المغاربة، يمكن الإشارة إلى البنيات التحتية، والسكن، حيث يقدر الطلب في هذا المجال بحوالي 200 ألف وحدة، والمناجم، والخشب، والكهرباء، والماء الشروب، والخدمات، والسياحة، والصناعة الغذائية، والفلاحة، والصيد البحري.. وخلال زيارته الرسمية للمغرب، في مارس 2010، عقد رئيس الجمهورية الغابونية لقاء مهما مع الفاعلين الاقتصاديين المغاربة، ودعاهم إلى الاستجابة لمختلف طلبات العروض، مع التركيز على قطاعات البناء والأشغال العمومية، والبنيات التحتية في النقل، والتربية، والصحة. كما تمنى إقامة شراكة مربحة-مربحة، مع إشادته بالخبرة المغربية. وعلى المستوى القانوني، وقع المغرب والغابون اتفاقيتين مهمتين، خاصة في مجال عدم الازدواج الضريبي، والحماية المتبادلة للاستثمارات.