وقعت محكمة النقض ونظيرتها بالجمهورية التركية، الثلاثاء الماضي، بالرباط٬ اتفاقية تعاون من أجل فتح آفاق التعاون المشترك، والاستفادة من كافة التجارب التشريعية والقضائية الدولية الرائدة. وتندرج هذه الاتفاقية٬ التي وقعها عن الجانب المغربي كل من مصطفى فارس، الرئيس الأول لمحكمة النقض، ومصطفى مداح، الوكيل العام للملك لدى المحكمة نفسها٬ وعن الجانب التركي كل من علي ألكان، رئيس محكمة النقض بتركيا، وحسن أربيل الوكيل العام بالمحكمة، والحسين الدريم، رئيس أكاديمية العدل بتركيا٬ في إطار تنزيل مقتضيات الدستور الجديد الرامية إلى ترسيخ روابط التقارب والشراكة البناءة وتوسيع وتنويع علاقات التعاون في المجال القضائي. وتروم هذه الاتفاقية٬ التي حضر مراسم توقيعها مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات، واجير ارينار٬ سفير تركيا بالرباط، تعزيز التعاون في المجالات التي تدخل في اختصاصات الأطراف٬ وكذا في المسائل المتعلقة بالتنظيم القضائي، والإجراءات القانونية وإحداث سبل للتواصل الدائم بين قضاة وموظفي المؤسسات. ويتبادل الأطراف بموجب هذه الاتفاقية٬ التي دخلت حيز التنفيذ ابتداء من الثلاثاء الماضي، ولمدة غير محدودة٬ المساعدة التقنية على إنشاء مراكز البحث وتكوين قضاة البلدين وتكوين الهيئات القضائية على المعايير الدولية لحقوق الإنسان، وإنشاء نظام الكتروني لإدارة الملفات القضائية. وتسهر لجنة التتبع٬ التي عهد إليها ضمان تتبع برنامج التعاون٬ على تحقيق التبادل وتنميته بين مصالح التوثيق والدراسات، خاصة في ما يخص تبادل الاجتهادات القضائية والنصوص التشريعية والنشرات العلمية والدراسات القانونية، وكذا تنظيم ندوات علمية تعالج مواضيع معينة ومختارة حسب الاهتمام المشترك بالتناوب في كلا البلدين٬ فضلا عن تنظيم وتنسيق برامج لزيارات عمل وتداريب لفائدة قضاة وموظفي الأطراف، في إطار دورات تكوينية وزيارات ميدانية لتبادل الخبرات والمهارات. وقال مصطفى فارس٬ في كلمة بالمناسبة٬ إن الاتفاقية تشكل لبنة جديدة في صرح التعاون المغربي التركي الذي عرف في السنوات الأخيرة تطورا ملحوظا٬ مؤكدا أن إرساء دعائم شراكة متقدمة وتعميق الصلات لن يستقيم في غياب تعاون قضائي فاعل وطموح تتلاقح فيه التجارب والخبرات. وأضاف فارس أن التعاون القضائي بين المغرب وتركيا لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال إرساء دعامة اتفاقية تؤسس لانفتاح قضائي بين المؤسستين يستند على الاطلاع على التجربة القضائية وتبادل الخبرات والاستفادة من مناهج التكوين والتدريب٬ مشيرا إلى أن اتفاقية التعاون ستدعم تكثيف مجالات الشراكة والتعاون القضائي. من جانبه٬ اعتبر مصطفى مداح أن الاتفاقية٬ التي تعد استمرارا لتاريخ حافل بالمعاهدات والاتفاقيات على جميع المستويات٬ بمثابة جسر للتواصل القضائي لتعزيز كل ما يسهم في توحيد الاجتهادات القضائية وتكثيف اللقاءات ذات الصلة بالشأن القضائي. بدوره٬ أبرز حسن أربيل أهمية توقيع هذه الاتفاقية التي تعكس العلاقات الجيدة التي تجمع المغرب وتركيا التي من شأنها تطوير العلاقات بين الأجهزة القضائية بالبلدين وتقاسم الخبرات والتجارب من الناحية الحقوقية والقانونية. وأوضح بلاغ لمحكمة النقض أن الاتفاقية تندرج في إطار تنزيل مقتضيات الدستور الجديد الرامية إلى ترسيخ روابط التقارب والشراكة البناءة وتوسيع وتنويع علاقات الصداقة والأخوة والتبادل الإنساني والعلمي والتقني والثقافي٬ كما تعد آلية هامة لإبراز حجم التحولات الإيجابية ودينامية التغيير والتطوير البناء الذي تعرفه بلادنا في المجالات الحقوقية والقانونية والقضائية. وأضاف أن لجنة عليا ستسهر على تتبع وتنفيذ بنود هذه الاتفاقية، خاصة منها تلك المتعلقة بتبادل الاجتهادات القضائية والنصوص التشريعية والدراسات القانونية٬ وتنظيم المؤتمرات والندوات وزيارات العمل والتداريب والمساعدات التقنية بما سيدعم جهود البلدين، من أجل إرساء دعائم دولة الحق والمؤسسات.