محكمة النقض المغربية توقع اتفاقية تعاون مع نظيرتها محكمة النقض التركية
محمدية بريس - محكمة النقض - الرباط في إطار خطتها الإستراتيجية الرامية إلى فتح آفاق التعاون المشترك والاستفادة من كافة التجارب التشريعية والقضائية الدولية الرائدة، وقعت محكمة النقض المغربية اتفاقية تعاون مع كل من نظيرتها محكمة النقض وكذا أكاديمية العدل بجمهورية تركيا وذلك يوم الثلاثاء 19 مارس 2013 على الساعة 11 صباحا بالقاعة الكبرى لمحكمة النقض بمقرها بشارع النخيل حي الرياض – الرباط. وتندرج هذه الاتفاقية في إطار تنزيل مقتضيات الدستور الجديد الرامية إلى ترسيخ روابط التقارب والشراكة البناءة وتوسيع وتنويع علاقات الصداقة والأخوة والتبادل الإنساني والعلمي والتقني والثقافي، كما تعد آلية هامة لإبراز حجم التحولات الإيجابية ودينامية التغيير والتطوير البناء الذي تعرفه بلادنا في المجالات الحقوقية والقانونية والقضائية. وستسهر لجنة عليا مشتركة على تتبع وتنفيذ بنود هذه الاتفاقية خاصة منها تلك المتعلقة بتبادل الاجتهادات القضائية والنصوص التشريعية والدراسات القانونية وتنظيم المؤتمرات والندوات وزيارات العمل والتداريب والمساعدات التقنية بما سيدعم جهود البلدين من أجل إرساء دعائم دولة الحق والمؤسسات.
كلمة ترحيب بالوفد القضائي التركي الحمد لله والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه أجمعين - السيد وزير العدل والحريات؛ - السيد الرئيس الأول لمحكمة النقض التركية؛ - السيد الرئيس الأول لدى محكمة النقض؛ - السيد المدعي العام لجمهورية تركيا؛ - السيد مدير أكاديمية القضاء التركي؛ - السيد سفير الجمهورية التركية؛ - أيها الحضور الكريم؛ وبعد؛ يطيب لي أن أرحب بالوفد القضائي السامي لدولة تركيا بمناسبة حلوله بالمغرب وبرحاب محكمة النقض خصوصا، وأقول لضيوفنا الأعزاء، لقد حللتم أهلا ونزلتم سهلا، في بلدكم الثاني وبين زملائكم وإخوانكم، علما أن المرء لا يرحب به في بيته ولكن حفاوة الاستقبال تبقى دليلا على الفرح باللقاء. أيها السادة الكرام؛ إن القاسم المشترك بيننا، أننا تقلدنا مهام القضاء وتحملنا مسؤولية إحقاق العدل، ولأن العدالة لا حدود لها ولا موطن، ولا تقاس بوقت أو زمن، ولا تميز بين هذا وذاك، فحسنا فعلنا حينما قررنا مد أواصر التعاون القضائي وتبادل الخبرات في مجال الشؤون القانونية، بين القضاء المغربي ممثل في محكمة النقض كأعلى مؤسسة قضائية، والقضاء التركي ممثل في محكمة النقض وأكاديمية القضاء، وليس هذا بالشيء الجديد على دولتين عريقتين في تاريخهما شامختين في حضارتهما، يضمان حوض البحر الأبيض المتوسط من أقصى شرقه لأقصى غربه، هذا الحوض الذي يبقى مهبط كل الديانات السماوية، ومسرح كل الحضارات العظمى التي عرفتها الإنسانية، كما يلتقيان في وحدة المصير المشترك عقائديا وجغرافيا، والتعاون المتبادل فقد سبق التوقيع بتاريخ 15 ماي 1989 بمدينة الرباط على الاتفاقية المتعلقة بالتعاون القضائي في المادة الجنائية وتسليم المجرمين، والاتفاقية المتعلقة بنقل الأشخاص المحكوم عليهم، فلا يسعنا اليوم إلا أن نتمم هذه المسيرة ونطور مضامين هذه المنجزات، ليستفيد كل منا من خبرة الآخر ويقتدي بتجربته، وأذكر هنا بالخصوص تجربتكم الرائدة في النظام المعلوماتي القضائي الوطني uyap الذي انتهجتموه منذ سنة 2000 فأثبت نجاحه من خلال جوائز التقدير الحاصل عليها، كجائزة ميزان العدل البلوري وجائزة الميدالية الذهبية، وذلك لخاصياته المتمثلة في تقريب القضاء من المواطن، واعتماد الشفافية وتوفير الدقة وتسريع الإجراءات وتقليل الأخطاء الإجرائية، كما يتميز بأسلوب التفتيش واللقاء والمشاهدة عن بعد، ويوفر بنكا للبيانات. وهذا ليس بالغريب ولا الصعب على دولتكم العظمى التي شقت طريقها نحو التقدم والازدهار، ودخلت الديمقراطية من بابها الواسع، ولا أدل على ذلك، استراتيجيتها البعيدة المدى، في جل مشاريعها وفتح موائد للحوار والمناقشة، أذكر منها على سبيل المثال لا الحصر فيما يهم القضاء، اللقاء العاشر حول تقييم قانون الإجراءات المدنية التركي وحبس الرهن والإفلاس، المنعقد بإزمير أيام فاتح وثاني أكتوبر 2012، الذي اجتمع خلاله عدد من الخبراء الدوليين في القانون، تعميما للحوار والاستفادة بين الدول في هذا المجال، وكدا الدورة الخامسة عشرة للمنتدى الدولي للمدعين العامين، التي كان لكم الفضل والمبادرة في عقدها بإسطنبول أيام 25-28 نونبر 2012 تحت عنوان: التجارب والتطورات في دول الجوار جنوب المتوسط، إذ لاقت استحسانا وترحيبا من كل المشاركين والمتدخلين. و ها نحن اليوم نتشرف بوضع لبنة جديدة بالتوقيع على اتفاقية التعاون التي ستكون بمثابة جسر للتواصل القضائي وكلنا آمال أن تحقق غاياتها النبلية والمثلى وأن تعزز بكل ما يسهم في تمثينها مستقبلا من سعي إلى توحيد الاجتهادات القضائية، وتكثيف اللقاءات ذات الصلة بالشأن القضائي، واستفادة القضاة من برامج التكوين وإعادة التكوين بكلتا الدولتين للرفع من مستوى العطاء القضائي والتعاون الدولي بين البلدين، وختاما أتمنى لكم مقاما طيبا بالمغرب، وأن تكون هذه الزيارة هي بداية لزيارات مستقبلية دائمة ومتكررة. والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
كلمة السيد الرئيس الأول لمحكمة النقض
في توقيع اتفاقية تعاون
بين محكمة النقض بالمملكة المغربية و محكمة النقض بالجمهورية التركية
يوم 19 مارس 2013 القاعة الكبرى بمحكمة النقض بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين
- السيد الوكيل العام للملك ؛ - السيد الرئيس الأول لمحكمة النقض التركية ؛ - السيد الوكيل العام لديها ؛ - السيد رئيس أكاديمية العدل بالجمهورية التركية ؛ - السادة الأفاضل ؛
اسمحوا لي بداية أن أرحب بضيوفنا الكرام وأتمنى لهم مقاما طيبا ببلدهم الثاني المملكة المغربية. اجتماعنا اليوم حدث تاريخي متميز يستحق وقفة إكبار وتقدير، فهو لبنة جديدة في صرح التعاون المغربي التركي الذي عرف في السنوات القليلة الماضية تطورا ملحوظا ونموا شاملا، ليعزز ويوطد هذه العلاقات التي تزداد مثانة كل يوم. فلا شك أن إرساء دعائم شراكة متقدمة وتعميق الصلات الوثيقة بين بلدينا لن يستقيم في غياب تعاون قضائي فاعل وطموح تتلاقح فيه تجاربنا وخبراتنا ونواكب من خلاله التطورات العالمية المتسارعة، ونعالج عبره الإشكالات المختلفة التي تفرضها التحولات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في ظل عالم أحاله التقدم التكنولوجي الهائل والعولمة إلى حيز مكاني سهل المنال، صعب الحصر والتتبع. إن ما يشهده العالم المحيط بنا من تحولات واهتزازات تركت أثرها العميق على شعوبنا مما جعلها تتطلع إلى العيش في ظل المساواة وتكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية واحترام حقوق الإنسان، ليحتم علينا أكثر من أي وقت مضى إعطاء دفعة قوية ونوعية لعلاقات التعاون القضائي بين بلدينا من خلال مؤسستينا المنوط بهما إشاعة العدل والإنصاف وصيانة القوانين وتوحيد الاجتهاد القضائي وتأهيل القضاة خاصة ونحن نعيش في المغرب أجواء مرحلة تاريخية استثنائية حافلة بالعمل والاجتهاد لتفعيل مقتضيات دستور واعد، استجاب لانتظارات المواطنين، الذين أجمعوا عليه لما تضمنه من التزامات بالمبادئ السامية لحقوق الإنسان وما رسخه من دولة للقانون والمؤسسات. الإخوة الأفاضل؛ إن تعاونا قضائيا مثمرا كالذي نطمح إليه مع محكمة النقض التركية وأكاديمية العدل التركية لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال إرساء دعامة اتفاقية تؤسس لانفتاح قضائي بين مؤسستينا، عماده الاطلاع على التجربة القضائية للبلدين وتبادل الخبرات والإصدارات، والاستفادة من مناهج التكوين والتدريب، ونَهْجُه اللقاء والتتبع المنتظمين. وهذا ما وضعنا لبنته الأساسية اليوم من خلال التوقيع على اتفاقية التعاون التي ستدعم توجهنا وإصرارنا على تكثيف مجالات الشراكة والتعاون القضائي. السادة الأفاضل؛ من خلال توقيعنا اليوم على هذه الاتفاقية الهامة نكون قد ساهمنا بشكل عملي في توثيق صرح التعاون بين المملكة المغربية والجمهورية التركية التي يسعى كل من جلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده وفخامة الرئيس عبد الله غول، إلى تقويته والنهوض به إلى المستوى المطلوب بين دولتين ظلا على مدى التاريخ موازاة مع حفاظ كل منهما على هويته وأصالته، حريصين على نسج علاقات أخوية وتوطيد أواصر صداقة دائمة، مقتنعين بأن إشاعة قيم التسامح والتعاون والسلم والتعايش إنما تتحقق عبر الانفتاح على الآخر. مرة أخرى مرحبا بكم في المملكة المغربية أرض المحبة والإخاء أرض التعاون والسلام وعلى بركة من الله نبدأ تنفيذ ما اتفقنا عليه . أتمنى لكم مقاما سعيدا والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.