مصطفى فارس: التعاون القضائي يروم إرساء دعامة اتفاقية تؤسس لانفتاح قضائي بين المؤسستين قال مصطفى فارس، الرئيس الأول لمحكمة النقض، إن اتفاقية التعاون القضائي، بين كل من محكمة النقض المغربية وأكاديمية العدل بجمهورية تركيا، تشكل لبنة جديدة في صرح التعاون المغربي التركي الذي عرف في السنوات الأخيرة تطورا ملحوظا، مؤكدا أن إرساء دعائم شراكة متقدمة وتعميق الصلات، لن يستقيم في غياب تعاون قضائي فاعل وطموح تتلاقح فيه التجارب والخبرات. وأضاف في كلمة له، بمناسبة توقيع هذه الاتفاقية، أول أمس، الثلاثاء بمقر محكمة النقض بالرباط، أن التعاون القضائي بين المغرب وتركيا، لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال إرساء دعامة اتفاقية تؤسس لانفتاح قضائي بين المؤسستين، يستند على الاطلاع على التجربة القضائية وتبادل الخبرات والاستفادة من مناهج التكوين والتدريب، مشيرا إلى أن اتفاقية التعاون ستدعم تكثيف مجالات الشراكة والتعاون القضائي. واعتبر أيضا، أن ما يشهده العالم من تحولات واهتزازات، تركت أثرها العميق على شعوبنا مما جعلها تتطلع إلى العيش في ظل المساواة وتكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية واحترام حقوق الإنسان، ليحتم علينا، أكثر من أي وقت مضى، -يضيف الرئيس الأول لمحكمة النقض-،إعطاء دفعة قوية ونوعية لعلاقات التعاون القضائي بين بلدينا من خلال مؤسستينا المنوط بهما إشاعة العدل والإنصاف وصيانة القوانين وتوحيد الاجتهاد القضائي وتأهيل القضاة خاصة، ونحن نعيش في المغرب أجواء مرحلة تاريخية استثنائية حافلة بالعمل والاجتهاد لتفعيل مقتضيات دستور واعد، استجاب لانتظارات المواطنين، الذين أجمعوا عليه لما تضمنه من التزامات بالمبادئ السامية لحقوق الإنسان وما رسخه من دولة للقانون والمؤسسات. من جانبه، اعتبر مصطفى مداح، الوكيل العام للملك لدى نفس المحكمة، أن الاتفاقية، التي تعد استمرارا لتاريخ حافل بالمعاهدات والاتفاقيات على جميع المستويات، بمثابة جسر للتواصل القضائي لتعزيز كل ما يسهم في توحيد الاجتهادات القضائية وتكثيف اللقاءات ذات الصلة بالشأن القضائي. وقال أيضا، إن العدالة لا حدود لها ولا موطن، ولا تقاس بوقت أو زمن، ولا تميز بين هذا وذاك، فحسنا فعلنا حينما قررنا مد أواصر التعاون القضائي وتبادل الخبرات في مجال الشؤون القانونية، بين القضاء المغربي ممثل في محكمة النقض كأعلى مؤسسة قضائية، والقضاء التركي ممثل في محكمة النقض وأكاديمية القضاء، وليس هذا بالشيء الجديد على دولتين عريقتين في تاريخهما شامختين في حضارتهما، يضمان حوض البحر الأبيض المتوسط من أقصى شرقه لأقصى غربه، هذا الحوض الذي يبقى مهبط كل الديانات السماوية، ومسرح كل الحضارات العظمى التي عرفتها الإنسانية، كما يلتقيان في وحدة المصير المشترك عقائديا وجغرافيا، بدوره، وفي كلمة له، أبرز حسن أربيل، الوكيل العام بمحكمة النقض بتركيا، أهمية توقيع هذه الاتفاقية التي تعكس العلاقات الجيدة التي تجمع المغرب وتركيا والتي من شأنها تطوير العلاقات بين الأجهزة القضائية بالبلدين وتقاسم الخبرات والتجارب من الناحية الحقوقية والقانونية. هذا، وتندرج هذه الاتفاقية، التي وقعها عن الجانب المغربي كل من مصطفى فارس الرئيس الأول لمحكمة النقض ومصطفى مداح الوكيل العام للملك لدى نفس المحكمة، وعن الجانب التركي كل من علي ألكان رئيس محكمة النقض بتركيا وحسن أربيل الوكيل العام بالمحكمة والحسين الدريم رئيس أكاديمية العدل بتركيا، في إطار تنزيل مقتضيات الدستور الجديد الرامية إلى ترسيخ روابط التقارب والشراكة البناءة وتوسيع وتنويع علاقات التعاون في المجال القضائي. وتروم هذه الاتفاقية، التي حضر مراسم توقيعها مصطفى الرميد وزير العدل والحريات وسفير تركيا بالرباط اجير ارينار، تعزيز التعاون في المجالات التي تدخل في اختصاصات الأطراف، وكذا في المسائل المتعلقة بالتنظيم القضائي والإجراءات القانونية وإحداث سبل للتواصل الدائم بين قضاة وموظفي المؤسسات. ويتبادل الأطراف بموجب هذه الاتفاقية، التي دخلت حيز التنفيذ ابتداء من يوم الثلاثاء الماضي، ولمدة غير محدودة ، المساعدة التقنية على إنشاء مراكز البحث وتكوين قضاة البلدين وتكوين الهيئات القضائية على المعايير الدولية لحقوق الإنسان وإنشاء نظام الكتروني لإدارة الملفات القضائية. وتسهر لجنة التتبع، التي عهد إليها ضمان تتبع برنامج التعاون، على تحقيق التبادل وتنميته بين مصالح التوثيق والدراسات خاصة في ما يخص تبادل الاجتهادات القضائية والنصوص التشريعية والنشرات العلمية والدراسات القانونية، وكذا تنظيم ندوات علمية تعالج مواضيع معينة ومختارة حسب الاهتمام المشترك بالتناوب في كلا البلدين ، فضلا عن تنظيم وتنسيق برامج لزيارات عمل وتداريب لفائدة قضاة وموظفي الأطراف في إطار دورات تكوينية وزيارات ميدانية لتبادل الخبرات والمهارات.