أكد سفير فرنسا بالمغرب السيد شارل فريس مساء أمس الخميس بالدارالبيضاء أن الشراكة الاستثنائية بين البلدين هي أيضا شراكة للمستقبل خاصة في شقها الاقتصادي. وقال فريس٬ خلال الندوة الاقتصادية الثالثة التي نظتمها مجموعة التجاري وفا بنك حول " المغرب-فرنسا: مسارات جديدة للنمو" بتعاون مع الغرفة الفرنسية للتجارة والصناعة بالمغرب٬ وبحضور حوالي 500 فاعل اقتصادي من البلدين٬ إن "الشراكات الاقتصادية التي تربط بين البلدين تتيح إمكانات تنموية جد هامة"٬ مضيفا أن المقاولات الفرنسية "هي اليوم٬ وأكثر من أي وقت مضى٬ معبأة للاستجابة لحاجيات وانتظارات المملكة". وأبرز أن فرنسا تعد الشريك التجاري والاقتصادي الأول للمغرب بإجمالي مبادلات وصل إلى 8 مليار أورو٬ فضلا عن أنها المستثمر الأول بالمملكة بما يناهز نصف حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة٬ وب 750 فرعا لشركات فرنسية توفر زهاء 120 ألف منصب شغل٬ إلى جانب كونها أول مقترض وأول مانح حيث يعتبر المغرب أول مستفيد من قروض الوكالة الفرنسية للتنمية٬ وأول مصدر للسياح نحو المملكة. وسجل أن وضعية فرنسا كأول شريك اقتصادي للمغرب "يفرض عليها أن لا تستكين لأمجادها الماضية٬ بل عليها أن تتكيف مع التحولات التي يعرفها المغرب وقدرته على الابتكار والتجديد". ولهذا٬ يتابع السفير الفرنسي٬ " ينبغي أن تحسن اختيار قطاعات استراتيجية جديدة للتنمية بالمغرب منها تنمية المدن٬ وخاصة النقل الحضري٬ والمدن الإيكولوجية٬ والمدن الخضراء إضافة إلى ميدان الطاقات المتجددة". وأشار بهذا الخصوص إلى أن المقاولات الفرنسية٬ التي سبق وسجلت حضورها في قطاع الطاقة الريحية٬ تطمح إلى مزيد من الانخراط في تفعيل المخطط المغربي للطاقة الشمسية عبر المشاركة في طلب العروض المقبل الخاص بالشطر الثاني من مركز الطاقة الشمسية بورازازات. وأضاف الدبلوماسي الفرنسي أن مجال الصناعات الغذائية٬ الذي يعد أيضا من المهن العالمية التي يمتلك فيها المغرب مؤهلات عالية٬ يمثل قطاعا واعدا للتعاون الفرنسي المغربي كما تشهد على ذلك الاستثمارات الأخيرة للمجموعة الفرنسية (صوفيبرتيول) في (لوسيور- كريستال) وشركة الصناعات الغذائية (دانون) في شركة (مركز الحليب)٬ معتبرا أنه بالاستناد على فرص التصدير المتاحة في إطار الاتفاقية الموقعة بين الاتحاد الأوروبي والمغرب٬ التي دخلت حيز التنفيذ في أكتوبر 2012٬ ففرنسا يمكن أن تقوم بحملات تحسيسية في أوساط المقاولات الفرنسية٬ وخاصة الصغرى والمتوسطة٬ المعنية بالتصدير أو الاستثمار في المغرب. وأبرز بالمناسبة الجدوى من أن تقوم فرنسا بالمساعدة على عقد مزيد من الشراكات بين مقاولات البلدين٬ لاسيما عبر تشجيع الصادرات وتحفيز المقاولات الفرنسية الصغرى والمتوسطة على الاستقرار بالمغرب. كما دعا فريس إلى تشجيع المشاريع المشتركة بين مقاولات البلدين بإفريقيا بالاعتماد على استراتيجية توسع الأبناك والمقاولات العمومية المغربية داخل القارة٬ وذلك لتحفيز المقاولات الفرنسية على التوسع بإفريقيا عبر شريك مغربي أو جعل المغرب أرضية جهوية لتغطية أنشطتها بإفريقيا جنوب الصحراء. من جهة ثانية أبرز السفير الفرنسي أن الوكالة الفرنسية للتنمية ترغب في مواكبة مجموعة (التجاري وفا بنك) في الدعم الذي تقدمه لفائدة المقاولات المستقرة بالمغرب٬ والتي ترغب في العمل بإفريقيا جنوب الصحراء. من جانبه أوضح الرئيس المدير العام لمجموعة (التجاري وفا بنك) السيد محمد الكتاني أن أشغال هذه الندوة٬ التي عرفت حضور وفد هام من المقاولات الفرنسية الراغبة في الاستثمار في المغرب٬ تتوخى المساهمة في منح نفس جديد للشراكة المغربية الفرنسية من حيث المحتوى والمنهج. فمن حيث المحتوى٬ رأى السيد الكتاني٬ أنه يجب التفكير في المستقبل المشترك وتسخير الوقائع لخدمة التقدم وخلق فرص الاستثمار٬ والقيام بقراءة متدبرة للواقع العالمي الجديد والإمكانات المتاحة لتحقيق التطور خاصة بعد الأزمة المالية والاقتصادية العالمية. ومن حيث المنهج٬ أشار إلى أنه يتعين العمل على ترسيخ المكتسبات ونضج العلاقات الاقتصادية المتسمة بدينامية دائمة ومتطورة٬ وجعلها رافعة لإعادة رسم الأبعاد الجهوية للالتزام المشترك بين الجانبين٬ معتبرا أنه ينبغي على مقاولات البلدين أن تعمل على تحديد آفاق التنمية المشتركة وخلق فرص جديدة لنمو متقاسم ومتضامن ومسؤول.