يجسد حضور المقاولات المغربية رافعة تنموية في إطار النسيج الاقتصادي للعديد من دول إفريقيا جنوب الصحراء مكرسا بذلك التوجهات البارزة لمسارات التعاون جنوب جنوب، الذي حرص المغرب باستمرار على ترسيخه، إيمانا منه بأهمية التكتلات الاقتصادية الجهوية والقارية، في نطاق دائرة العولمة وشروطها. البنك المغربي للتجارة الخارجية بخصوص حضور المؤسسات البنكية المغربية بإفريقيا، يمكن القول إن التحالفات الاستراتيجية بين مجموعة البنك المغربي للتجارة الخارجية ومجموعة "بنك أوف أفريكا"، تندرج في سياق المساعي المبذولة من أجل خدمة التعاون وتوثيقه بين إفريقيا جنوب الصحراء والمنطقة المغاربية، إذ يعمل هذا التحالف على تطوير الالتقائية، على مستوى القطاعات البنكية، والتأمينية، وقطاع الاتصالات. يذكر أن الأموال الذاتية المعبأة للبنك المغربي للتجارة الخارجية أتاحت زيادة قوية لهذا البنك المغربي في رأسمال "بانك أوف أفريكا"، وامتلاكه بنسبة 65 في المائة، وهي النسبة التي أمكن بلوغها إثر الزيادة الأخيرة في رأسمال هذا البنك الإفريقي. ويستهدف البنك المغربي السيطرة على شبكة بنك أوف أفريكا، وتوسيع وجود المجموعة، ليشمل كل البلدان الإفريقية في غضون عشر سنوات. ويتماشى تعزيز الاعتمادات الذاتية للمجموعة البنكية المغربية هذه مع استراتيجيتها كبنك عالمي متعدد الجنسيات، يتطلع إلى أن يصبح فاعلا رئيسيا في القطاع المصرفي على صعيد القارة الإفريقية، من خلال تقديم أفضل المنتوجات والخدمات. وكان مجلس إدارة مجموعة "بنك أوف أفريكا" عين محمد بناني متصرف ومدير عام مفوض البنك المغربي للتجارة الخارجية، في منصب الرئيس المدير العام ل"بنك أوف أفريكا"، خلفا للرئيس المؤسس ل "بنك أوف أفريكا" بول ديريمو، في إطار الشراكة الاستراتيجية للبنك مع مجموعة البنك المغربي للتجارة الخارجية. ويندرج هذا الانتقال التدبيري في إطار الامتداد الطبيعي لمسلسل التقارب بين المؤسستين الذي أعلن منذ سنة2007، بعد الحصول على حصة بنسبة 35 في المائة في مجموعة (بنك أوف أفريكا). وعبرت المجموعتان، من خلال هذا الإجراء، عن رغبتهما المشتركة في ضمان تعزيز الاستراتيجية، التي تمت مباشرتها منذ إحداث "بنك أوف أفريكا" والطموحات القارية لمجموعة البنك المغربي للتجارة الخارجية التي تقوم على قيم مشتركة. وسيمكن تطوير أداء مجموعة البنك المغربي للتجارة الخارجية على مستوى القارة الإفريقية من الحفاظ على تمثيلية حصص إفريقية في فروع مجموعة "بنك أوف أفريكا"، وتعزيز العلاقات مع مؤسسات التمويل والتنمية المعروفة. التجاري وفا بنك تعتبر مجموعة "الشركة البنكية لغرب إفريقيا-مجموعة التجاري وفا بنك"، التي تأسست سنة 2008 إثر اندماج بين البنك السينغالي "الشركة البنكية لغرب إفريقيا" والفرع المغربي للتجاري وفا بنك بالسينغال، أول مجموعة بنكية بالسينغال استطاعت أن ترقى إلى مرتبة رائد إقليمي بمنطقة غرب إفريقيا. وتهدف هذه الشركة البنكية إلى تحفيز التعاون المغربي السينغالي في ما يتعلق بالمبادلات التجارية والاستثمارات، كما يسعى السينغال إلى أن يتموقع كمركز لهذه المجموعة البنكية في انفتاحها على غرب إفريقيا وسعيها كي تصير مجموعة مرجعية في هذه المنطقة. وتعمل الشركة، وهي أول بنك سينغالي في ما يخص الحصيلة الإجمالية، على تعزيز موقعها الريادي برأسمال يبلغ 70 مليار فرنك إفريقي، وبحصيلة إجمالية تبلغ 624 مليار فرنك، و156 وكالة و222 ألفا و500 زبون، حسب إحصائيات السنة المالية2011. وتبلغ قروض الاقتصاد السينغالي حسب الإحصاءات ذاتها 527 مليار فرنك إفريقي، لموارد يبلغ مجموعها 493 مليار فرنك. وبخصوص هذا الحضور، وبالسينغال على وجه التحديد، يذكر أن الرئيس السينغالي، ماكي سال، كان وشح محمد الكتاني، الرئيس المدير العام لمجموعة "التجاري وفا بنك" بوسام "الاستحقاق من درجة قائد". وخلال حفل تسليم هذا الوسام، أحد أعلى الأوسمة التي توشح بها شخصيات في السينغال، أشاد الرئيس ماكي سال بانخراط المجموعة البنكية في السينغال عبر فرعها "الشركة البنكية لغرب إفريقيا-مجموعة التجاري وفا بنك" وإسهامها في المشاريع القطاعية لتنمية البلاد. اتصالات المغرب بخصوص قطاع الاتصالات المغربي واستثماراته بالدول الإفريقية، أبرز عبد السلام أحيزون، رئيس المجلس المديري لاتصالات المغرب خلال تقديمه، أخيرا، للنتائج المالية لمجموعته برسم سنة 2012، أن هذه النتائج جيدة، وتؤكد جودة الاختيارات الاستراتيجية لمجموعة اتصالات المغرب، التي "راهنت على أنشطتها بإفريقيا جنوب الصحراء، وكذا الاستثمارات المهمة، لعصرنة وتطوير فروعها"، موضحا أن العودة إلى النمو المستدام للاقتصاد والارتفاع في استخدام الهاتف والبيانات المتعددة نتيجة لانخفاض الأسعار سيكون لها أثر إيجابي، وقال إن "المجهودات المبذولة للتحكم في التكاليف تظل أولوية لتعزيز أرباح اتصالات المغرب لتصبح واحدة من أفضل الشركات في القطاع عالميا". وأوضح أحيزون أن اتصالات المغرب استثمرت بالمغرب وخارجه 46 مليار درهم بين 2003 و2012، وتعتزم استثمار 14 مليار درهم بين 2013 و2015. مجموعة الضحى إلى جانب هذه المقاولات، تواصل شركة "إسمنت إفريقيا" (سيماف)، التابعة لمجموعة "الضحى"، استثماراتها في القارة الإفريقية، فبعد الكوت ديفوار والكاميرون وغانا، حطت المجموعة الإسمنتية المغربية بجمهورية بوركينافاسو. ونظم، أخيرا، حفل وضع حجر الأساس لبناء مصنع لإنتاج الإسمنت في المنطقة الصناعية بناحية كوسودو، في العاصمة واغادوغو. وأفادت الشركة أن هذا الحفل ترأسه الوزير الأول البوركينابي، بيون لوك أدولف تياو، مرفوقا بأنس الصفريوي، رئيس "سيماف"، وأنه خصص لإنجاز هذا المشروع، الذي ينتظر أن تصل قدرته الإنتاجية إلى 500 ألف طن سنويا، غلاف مالي حدد في 30 مليون أورو، وعهد بتسييره إلى شركة خاصة، أحدثت لهذا الغرض تحمل اسم "سيماف بوركينا فاسو". وأضاف المصدر ذاته أن هذا المشروع سيمكن من خلق حوالي ألف منصب شغل خلال مرحلة الإنجاز، وسيوفر عند انطلاق تشغيله فعليا أكثر من 200 شخص. وقال أنس الصفريوي، بهذه المناسبة، إن " إنشاء هذا المصنع الجديد يساير عمق العلاقات الأخوية، التي تجمع بين البلدين الإفريقيين، المغرب وبوركينا فاسو، ويقدم نموذجا واضحا وعمليا لأهمية الشراكة جنوب، جنوب، التي نرغب في توطيدها، خدمة لمصالح البلدين". وأوضح أن إنشاء هذه الوحدة الصناعية ستليه مبادرة خلق تمثيلية لمجموعة الضحى بهذا البلد، من خلال إنشاء شركة خاضعة للقانون المحلي تحت اسم "الضحى بوركينا فاسو"، مع الإشارة إلى أن هناك اتفاقا موقعا في السابق، لبناء ألف وحدة سكنية من الصنف الاجتماعي في قلب العاصمة واغادوغو. ويتوقع أصحاب المشروع أن يكون لمصنع الإسمنت "سيماف بوركينا فاسو"، عند انطلاق إنتاجه، أثر إيجابي على السوق المحلي بشكل خاص، وعلى الاقتصاد البروكينابي بشكل عام، ذلك أن إنتاج هذه الوحدة سيوجه بكامله إلى سد الحاجيات المحلية من الإسمنت، ما سيكون له انعكاس إيجابي على مستوى أسعار هذه المادة الحيوية في البناء، المحرك الرئيسي لأي نمو اقتصادي، كما جاء في البلاغ. يشار إلى أن شركة "إسمنت إفريقيا" أنشئت في سنة 2011، للإشراف على استثمارات رجل الأعمال المغربي أنس الصفريوي، في مجال الإسمنت بالقارة الإفريقية. وتعمل هذه الشركة حاليا على تطوير مشاريع إحداث وحدات صناعية لإنتاج هذه المادة بكل من الكوت ديفوار، والكاميرون، وغينيا، كما أن المفاوضات جارية مع المسؤولين الحكوميين في الغابون والكونغو لإطلاق أشغال بناء مصنعين مشابهين خلال الشهور المقبلة. كما ينتظر أن تشهد دول إفريقية أخرى مشاريع بناء مصانع أخرى لشركة "إسمنت إفريقيا"، مثل رواندا، وتنزانيا، وغانا، وليبيريا، وأنغولا، والبنين.