وقع وزير الشؤون الخارجية والتعاون، سعد الدين العثماني٬ بعد ظهر أول أمس الاثنين، في نواكشوط٬ مع نظيره الموريتاني، حمادي ولد حمادي٬ على مذكرة تفاهم حول التشاور السياسي المنتظم بين البلدين٬ في ختام جلسة عمل عقدها وفدا البلدين. وتنص المذكرة، على وجه الخصوص، على إنشاء آلية للتشاور السياسي بشأن القضايا المتعلقة بالسياسية الخارجية والدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك. واعتبر وزير الشؤون الخارجية والتعاون، سعد الدين العثماني، أن توقيع مذكرة التفاهم هذه، وانعقاد الدورة السابعة للجنة العليا المشتركة المغربية الموريتانية في أبريل المقبل، بنواكشوط، من شأنهما إعطاء دفعة قوية لعلاقات التعاون بين البلدين٬ مبرزا أن هناك إرادة مشتركة ورؤيا ثاقبة لقائدي البلدين ورغبة أكيدة في توطيد هذه العلاقات على مختلف الأصعدة وارتياد مجالات جديدة للتعاون المشترك، خاصة أن شعبي البلدين تربطهما علاقات تاريخية وثقافية وعائلية٬ مؤكدا أن العلاقات الموريتانية المغربية هي "علاقات بين مجتمعين قبل أن تكون بين حكومتين". وقال إن العلاقات السياسية بين المغرب وموريتانيا "كانت دائما جيدة٬ لذلك نحن في حاجة إلى تشاور سياسي منتظم وتبادل وجهات النظر حول القضايا ذات الاهتمام المشترك"٬ مقرا بأن هذا التشاور كان قائما "لكننا سنعمل هذه المرة على مأسسته وإعطائه إطارا جديدا يكون منتظما". وأضاف العثماني أن البلدين يتقاسمان هموما وملفات مشتركة مثل الوضع في مالي ومنطقة الساحل والصحراء، ومواصلة بناء اتحاد المغرب العربي، وغيرها من الملفات الأخرى التي تحتاج إلى تشاور وتبادل وجهات النظر بشأنها من حين لآخر. كما اعتبر أن زيارته الثانية لموريتانيا وهو على رأس الدبلوماسية المغربية كانت "ناجحة بكل المقاييس"، وقال "حققنا الأهداف التي كنا رسمناها للزيارة، من بينها تقييم حصيلة التعاون الثنائي في مجالات استراتيجية مثل التكوين المهني والإسكان والعمران والتجهيز والصحة والصيد البحري والفلاحة٬ والإعداد للدورة السابعة للجنة العليا المشتركة٬ إضافة إلى التوقيع على مذكرة للتشاور السياسي بين البلدين في ملفات عديدة مشتركة". وأكد العثماني أهمية الدورة السابعة للجنة العليا المشتركة المغربية الموريتانية٬ التي ستجتمع في النصف الثاني من شهر أبريل المقبل، برئاسة عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، والوزير الأول الموريتاني، مولاي ولد محمد الأغظف٬ الذي اعتبر أنه سيشكل "نقلة نوعية في مسار العلاقات الثنائية"٬ علما أن آخر اجتماع كان انعقد في سنة 2006. من جهته٬ أكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الموريتاني، أن بلاده تعلق أمالا كبيرة على الاجتماع المقبل للجنة العليا المشتركة في الدفع بالتعاون والشراكة بين البلدين، خدمة لمصالحهما المشتركة واستجابة للتطلعات المشروعة للشعبين الشقيقين٬ معتبرا أن كل خطوة يقطعها البلدان على درب توطيد التعاون الثنائي تمثل في حقيقة الأمر رافدا من روافد مسيرة التكامل والاندماج المغاربيين. وقال الوزير إن ما شهدته موريتانيا من مشاريع تنموية في السنين الأخيرة وما شهدته المملكة من نجاح لتجربتها الديمقراطية والتنموية، في ظل مبادرة التنمية البشرية، التي أطلقها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، سيعود لا محالة بالأثر الإيجابي على العلاقات المتميزة القائمة بين البلدين. غير أنه لاحظ أن الوضعية الراهنة للتعاون الثنائي لا ترقى إلى مستوى طموحات الشعبين، ولا تعكس الإمكانيات والقدرات المتاحة ولا مستوى العلاقات المتميزة القائمة بين البلدين. وأعرب حمادي ولد باب حمادي عن أمله في أن يشكل هذا اللقاء بداية لانطلاقة جديدة في مسار علاقات التعاون بين البلدين في مجالات حيوية كالتعليم والصيد البحري والاقتصاد والتكوين المهني والبنى التحتية والاستثمار وغيرها. وخلص الوزير الموريتاني إلى ضرورة العمل على أن تشكل الدورة المقبلة للجنة العليا المشتركة "منعطفا في مسار تعاوننا المشترك٬ خدمة لآمال وتطلعات شعبينا٬ فالماضي مثل والحاضر عمل والمستقبل أمل". يذكر أن زيارة العمل التي قام بها سعد الدين العثماني لنواكشوط تميزت، بالإضافة إلى جلسة العمل التي عقدها وفدا البلدين وتوقيع مذكرة تفاهم حول إنشاء آلية للتشاور السياسي المنتظم٬ باستقباله من طرف الرئيس الموريتاني محمد ولد العزيز والوزير الأول مولاي محمد الأغظف ووضعه حجر الأساس لمشروع بناء المركب الدبلوماسي والقنصلي للمملكة في نواكشوط. كما قام الوزير بزيارة تفقدية للمركز الثقافي المغربي بنواكشوط٬ الذي يعد بحق معلمة ثقافية بامتياز وفضاء لتلاقح وتناغم الثقافات وحوار الحضارات٬ اعتبارا للدور الإشعاعي، الذي يقوم به ومساهمته الوازنة في تنشيط الحركة الثقافية المحلية وانفتاحه عليها والتواصل مع كافة الفاعلين فيها . ويعد المركز أول مؤسسة ثقافية مغربية في الخارج، إذ تم بناؤه في إطار مشروع ثقافي متكامل، يضم كذلك مسجد الحسن الثاني ودار الشباب، ويعود تاريخ تدشينه إلى سنة 1987.