أرجأت غرفة الجنايات الاستئنافية بمحكمة الاستئناف بمكناس، أخيرا، النظر من جديد في القرار المستأنف، القاضي بإدانة ستة متهمين. ولاية أمن مكناس يتابع هؤلاء من أجل جرائم تكوين عصابة إجرامية، والقتل العمد مع سبق الإصرار والترصد أعقبته جناية السرقة الموصوفة، والتمثيل بجثة وإخفائها، وإخفاء أشياء متحصل عليها من جناية السرقة الموصوفة مع العلم بظروف ارتكابها، والتحريض على الفساد وإعداد منزل للدعارة، كل حسب المنسوب إليه، إلى 28 ماي المقبل. ويأتي إرجاء النظر في القرار المستأنف، للمرة السابعة، منذ إحالة الملف على الغرفة الاستئنافية، لرفع حالة التنافي، بعدما تبين للمحكمة أن عضوين من الغرفة الجنائية الاستئنافية، سبق لهما أن كانا ضمن أعضاء الهيأة، التي بتت فيه ابتدائيا، ما جعلها تحيل الملف على غرفة النقض. وكانت غرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف بمكناس أصدرت أبريل 2009، أحكاما تراوحت بين عقوبة الإعدام في حق ثلاثة متهمين، ويتعلق الأمر بالشقيقين عبد الكريم "ب"، ومحمد "ب"، وشريكهما عزيز "ع"، والسجن المؤبد في حق بدر"ر"، وسنتين ونصف السنة سجنا نافذا في حق مليكة "ت"، وستة أشهر حبسا موقوفة التنفيذ في حق فاطمة "ع". فيما قضت الغرفة ذاتها بسقوط الدعوى العمومية عن المتهم عبد الجبار "ب"، الذي توفي بالسجن المحلي سيدي سعيد بمكناس، خلال مرحلة التحقيق مع المتهمين، في حين حكمت الغرفة نفسها بعدم مؤاخذة باقي المتهمين في القضية، وعددهم عشرة، وصرحت ببراءتهم من المنسوب إليهم، ما جعل النيابة العامة تستأنف القرار. وشكلت بشاعة الجريمة، التي راح ضحيتها المحامي إبراهيم حسيتو، وزوجته مارية بناني، اللذان جرت تصفيتهما من طرف الإخوة البوعامي، أصحاب محل للجزارة وبيع اللحم المفروم بحي النجارين بالمدينة العتيقة بمكناس، بمعية بدر "ر"، الذي كان يعمل في صفوف الوقاية المدنية، وعزيز "ع"، مهاجر بالديار الإسبانية، (شكلت) حدثا شغل الرأي العام المحلي والوطني. كما شكل لغزا حير المحققين واستنفر كل الأجهزة الأمنية بمدينة مكناس، بتنسيق مع نظيرتها بالعاصمة الرباط، من أجل الكشف عن خيوط وملابسات الجريمة التي وقعت سنة 2006 بالعاصمة الإسماعيلية، قبل أن تسفر التحريات عن اعتقال أحد المتهمين بالرباط، الذي قاد التحقيق معه إلى الكشف عن باقي المتهمين. وتعود وقائع الجريمة إلى 16 فبراير 2006، عندما كان المحامي إبراهيم حسيتو، وزوجته مارية بناني عائدين إلى منزلهما بحي النجارين بمكناس، ولم يكن يدور بخلدهما أبدا أن كرونولوجيا حياتهما ستتوقف عن الدوران في تلك الليلة الباردة والماطرة من فصل الشتاء، حيث كان الأجل المحتوم ينتظرهما، بل الجناة يترصدونهما بهدف دق آخر مسمار في نعشهما، الشيء الذي حصل فعلا بعد محاولتين سابقتين باءتا بالفشل. ومباشرة بعد فتحهما باب شقتهما بالطابق الأول، الواقع فوق المحل المذكور الخاص بشواء اللحمة المفرومة، فاجأهما عبد الجبار وعزيز بضربات قوية بواسطة قضبان حديدية على رأسيهما أردتهما قتيلين، مستعينين بجهاز "راديو كاسيط" رفعوا صوته حتى لا يسمع أحد صراخ الضحيتين، ليجري سحب جثتيهما إلى الطابق الثاني، حيث يوجد بيت (امحمد). هناك واصل المعتدون تنفيذ عملهم الإجرامي، الذي خططوا له بإتقان، بعدما وضعوا جثتيهما داخل حقيبة كبيرة الحجم، ليقوم بعد ذلك المتهمان عزيز وبدر بنقلها على متن سيارة إلى مدينة تمارة، حيث ألقوا بها في واد الشراط. ولم يكتف الجناة بقتل الضحيتين، بل دخلوا إلى منزلهما واستولوا على حلي من المعدن الأصفر في ملكية الضحية، فضلا عن بعض الملابس والعطور ومبلغ مالي وهاتف محمول خاص بالمحامي الضحية، الذي سيكون السبب في الوصول إلى الجناة، بعد لاتصال الذي أجرته عبره المتهمة مليكة "ت"، وزوجة عزيز "ع"، مع إحدى المولدات قصد مساعدتها على نزع خيط الغرز الطبية، الناتجة عن خضوعها لعملية ولادة قيصرية. وتتلخص دوافع الجريمة في النزاع الذي كان قائما بين الضحيتين والإخوة البوعامي، إذ تقدم الطرف الأول بشكاية يعرض فيها تضرره الكبير من الدخان الكثيف المنبعث من محل شواء اللحم المفروم، الذي يوجد في ملكية الطرف الثاني، الذي فكرت مكوناته في الوسائل المشروعة وغير المشروعة للتخلص ممن يسعون إلى قطع مصدر رزقها، علما أن المشروع كان يدر دخلا محترما على أصحابه.