في إطار تساؤلاتها المستمرة التي حملت عناوين دواوينها الأربعة ("من أنا؟" و"إلى متى؟" و"هل سيعود؟" و"لمن؟")، أصدرت الشاعرة المغربية مليكة كباب، أخيرا، ديوانا خامسا عن مطبعة الأحمدية بعنوان / تساؤل "ولم الخصام؟". يتشكل الديوان الجديد من 168 صفحة من الحجم المتوسط، ويضم بين دفتيه 34 قصيدة، وتقديما للمبدع المغربي الحبيب الدايم ربي، استعرض فيه تجربة الشاعرة مليكة كباب واستفاض في تحليلها، من خلال معطيات تراكمية أغناها بتصورات نقدية بناءة. يقول الحبيب الدايم ربي في مقدمته التي خطها تحت عنوان "جهة الشعر جهة القلب" "لا يتعلق الأمر بنزوة منفلتة من سياق العادة يمكن الدفع بلا اطرادها، ولا بتجريب منفصل عما هو جواني قد يزول بزوال أسباب النزول، ولكنها "سرقة موصوفة" للنار البروميتيوسية (نار القريض) مع العود مثنى وثلاث ورباع وما لا يحصى. تقترفها الشاعرة مليكة كباب بإصرار لا يناله الكلل في تراكم لافت ترجمته في دواوين متتالية كعنوان لقريحة ولادة فياضة. بحثا عن معنى جميل، عن صيغة أجمل، عن نغم شرود متمنع. في النقطة الأبعد تماما جهة الشعر، وهي في هذا الاختيار غير معنية بالتعريفات والتنظيرات والتيارات المتنازعة حول مفهوم الشعر والشعرية وهلم حدودا وتفصيلات، سما أن التسميات والتوصيفات لديها مجرد لواحق". الميتاشعر ليس قضيتها هي الشاعرة، فالعين لا ترى العالم وترى ذاتها في الآن نفسه، حسب فرويد، يضيف الدايم ربي، "أو هي على الأقل لا تريد أن تفسد عذوبة القول بالتفكير فيه. للآخرين أن يتقولوا ما حلا لهم ولها أن تقول الشعر وتعيد، قصيدة قصيدة، سفرا سفرا. من هنا فمليكة كباب حسب الدايم ربي، لا تكتب الشعر كما يفهمه بعضهم، لكنه طواعية لها ينكتب، ولا هي أمة له بل هي قوالته ومولاته وسيدته، إذ لا تتلمسه في إملاءات مدرسية مقعدة سلفا، ولا في خوارزميات ضابطة رادعة، يضعها نقاد أغلبهم تعوزه ملكة الشعر"، وإنما تجترحه بوحي السليقة والهوى، طربا طازجا، منسابا يأتي سلسا يتوالد من غير تكلف ولا معاضلة ليفيض في البدء والمنتهى صدقا وحرارة، حتى يبدو أنها تستنشقه وتحياه، وهي كذلك". ما يمتاز به القصيد عند الشاعرة، صدقه العاطفي وعبقه الفواح بأريج الكلام في تساوق مع حس أنثوي مرهف نافذ وعميق، وتشبع بالقيم الإنسانية الأصيلة. وعليه فقارئ أشعار مليكة كباب والمصغي إلى إنشادها، قد لا يحتاج، حسب الدايم ربي، "إلى عدة إضافية كي يلتقط ماءها ومرعاها، يكفيه حس سليم وذوق مرهف كي ينهل من صفاء الينبوع ماء زلالا، به يبل الصدى وتنتعش الحواس، مادام شعرها ينبجس من الأعماق ولا يتنزل من أسقف عالية".