سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مندوبية التخطيط تتوقع ارتفاع الادخار والاستثمار الأجنبي واستقرار التحويلات الحاجيات التمويلية للاقتصاد الوطني ستصل إلى حوالي 9 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي
أبرز أحمد الحليمي العلمي، المندوب السامي للتخطيط، أن آفاق النمو الاقتصادي الوطني خلال سنة 2013 تعتمد على المقتضيات المعلنة في القانون المالي، وعلى مجموعة من الفرضيات المرتبطة بتطورات المحيط الدولي والوطني. (كرتوش) واعتبر الحليمي أن الادخار الداخلي سيعرف ارتفاعا بنسبة 6 في المائة، وستصل قيمته إلى 183 مليار درهم، ويستقر معدله في حدود 20.6 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي. كما ستمثل المداخيل الصافية الواردة من باقي العالم، دون احتساب التحويلات العمومية المرتقبة في إطار الشراكة الاستراتيجية مع مجلس التعاون الخليجي، 3.3 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي، عوض 4.5 في المائة سنة 2012. وأوضح الحليمي، خلال ندوة نظمتها المندوبية السامية للتخطيط، الأربعاء الماضي، بالدارالبيضاء، أن معدل الادخار الوطني سيعرف تراجعا، لينتقل من 26.1 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي سنة 2012، إلى 25.6 في المائة سنة 2013، في حين، توقع أن يستقر معدل الاستثمار الإجمالي في حوالي 34.5 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي سنة 2013، الأمر الذي سيفرز عجزا في التمويل، إذ ستصل الحاجيات التمويلية للاقتصاد الوطني إلى حوالي 9 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي، عوض 8.4 في المائة سنة 2012، و8.1 في المائة سنة 2011. واعتبر المندوب السامي للتخطيط أنه اعتمادا على ارتفاع الاستثمار الأجنبي المباشر بنسبة 3 في المائة، وفرضية استقرار معدل الدين العمومي في حدود 60 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي، سيمول هذا العجز باللجوء إلى استنزاف الاحتياط الوطني من العملة الصعبة، وبالتالي، ستمثل الموجودات الصافية الخارجية 2.5 أشهر من الواردات، عوض 4 أشهر سنة 2012، و5.1 أشهر سنة 2011. وأفاد الحليمي أنه، في حالة اعتماد شبه مؤكد لاستفادة المغرب من 2.5 مليار دولار في إطار الشراكة الاستراتيجية مع مجلس التعاون الخليجي، سيستقر عجز الحاجيات التمويلية للاقتصاد الوطني في حدود 6.8 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي. وبالتالي، ستمثل الموجودات الصافية الخارجية 3 أشهر من الواردات. وفي كلمته خلال هذه الندوة، المنظمة حول "وضعية الاقتصاد الوطني خلال سنة 2012، وآفاق تطوره سنة 2013"، أوضح الحليمي أن المقتضيات المعلنة في القانون المالي ترتكز على الرفع من كتلة الأجور بنسبة 1.3 في المائة عوض 9.2 في المائة سنة 2012، والزيادة في نفقات التسيير الأخرى بنسبة 6.9 في المائة، ودعم الأسعار عند الاستهلاك بمبلغ 40 مليار درهم، عوض 53 مليار درهم سنة 2012، موضحا أن إجمالي الاستثمار العمومي سيستقر في حدود 180 مليار درهم، بانخفاض طفيف بنسبة 4 في المائة مقارنة مع ما مسجل سنة 2012. كما أوضح أن الفرضيات الأخرى تعتمد على إنتاج متوسط للحبوب يصل إلى 70 ملیون قنطار خلال الموسم الفلاحي 2012-2013، وعلى مواصلة أنشطة الزراعات الأخرى وتربية الماشية نتائجها الجيدة. وتأخذ هذه التوقعات بعين الاعتبار الصعوبات التي تضغط على النمو الاقتصادي العالمي وانعكاساتها على التطور المرتقب، خصوصا على الطلب العالمي الموجه نحو المغرب، وأسعار المواد الأولية وقيمة الدولار مقابل الأورو، مفيدا أن الطلب العالمي الموجه نحو المغرب سيعرف ارتفاعا بوتيرة 4 في المائة، عوض 2 في المائة سنة 2012. ويتعلق الأمر بالطلب الوارد من اقتصاديات الدول الصاعدة والنامية بوتيرة 7.9 في المائة، والطلب الوارد من الاقتصاد الأمريكي بوتيرة 4.5 في المائة، والطلب الوارد من منطقة الأورو بحوالي 2 في المائة. وتوقع الحليمي أن يعرف متوسط سعر النفط الخام تراجعا ليستقر في حدود 99.7 دولارا للبرمیل، عوض 105 دولارات للبرمیل سنة 2012، في حين ستتحسن قیمة الأورو مقابل الدولار، لتصل إلى حوالي 1.33 سنة 2013، عوض 1.27 سنة 2012. وستواصل أسعار المواد الأولية غير الطاقية منحاها التنازلي، لتسجل انخفاضا بحوالي 3 في المائة، عوض تراجع بنسبة 9.8 في المائة سنة 2012. وأوضح المندوب السامي للتخطيط أن الآفاق الاقتصادية العالمية تشير إلى استقرار تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج خلال سنة 2013، عوض انخفاض بنسبة 4 في المائة سنة 2012، وإلى انتعاش الاستثمارات الأجنبیة المباشرة بنسبة 3 في المائة. وستسجل مداخيل السياحة الدولية تحسنا طفيفا بحوالي 1 في المائة عوض انخفاض بنسبة 1.6 في المائة سنة 2012. واستنتج الحليمي، من خلال هذه الفرضيات، أن الناتج الداخلي الإجمالي سيعرف، خلال سنة 2013، نموا بوتيرة 4.8 في المائة، عوض 2.7 في المائة سنة 2012، معتبرا أن الأنشطة غير الفلاحية ستواصل تعزيز ديناميتها، بوتيرة نمو 4.6 في المائة، سنة 2013 عوض 4.8 في المائة سنة 2012، وأن القطاع الأولي سيعرف انتعاشا في قيمته المضافة بنسبة6.1 في المائة، عوض انخفاض بنسة 8.7 في المائة سنة 2012 . واستنادا إلى مجموع هذه المعطيات، توقع الحليمي أن يسجل الناتج الداخلي الإجمالي نموا بنسبة 4.8 في المائة، مشيرا إلى أنه، في ظل استمرار الظروف المناخية الملائمة إلى غاية مارس 2013، ستعرف القيمة المضافة للقطاع الأولي ارتفاعا بنسبة 13.6 في المائة، وبالتالي، سيسجل الناتج الداخلي الإجمالي نموا بوتيرة 5.4 في المائة سنة 2013. وارتكازا على سيناريو نمو بوتيرة 4.8 في المائة خلال سنة 2013، أكد الحليمي أن الطلب الداخلي يبقى قاطرة نمو الناتج الداخلي الإجمالي، نتيجة تقوية دينامية الاستهلاك النهائي الوطني والاستثمار إجمالي، معتبرا أن هذا الأخير سيستفيد من نهج السياسة المالية التوسعية، ومن تحسن المداخيل الفلاحية خلال سنة 2013، ومواصلة التحكم في التضخم. وبخصوص الطلب الداخلي خلال سنة 2013، أشار المندوب السامي إلى أن حجم الاستهلاك النهائي الوطني سيعرف خلال السنة الجارية ارتفاعا حدده في 5.3 في المائة. وبالنسبة للطلب الخارجي، أفاد أن حجم الصادرات من السلع والخدمات سيعرف تحسنا بنسبة 2.3 في المائة، عوض 0.8 في المائة سنة 2012، في حين، سترتفع الواردات بوتيرة 3.4 في المائة، عوض 1.6 في المائة سنة 2012. وعزا تطور الواردات بوتيرة محدودة مقارنة بالارتفاعات برقمين المسجلة خلال السنوات الماضية إلى تدابير تقليص العجز الجاري لميزان الأداءات. وأضاف أن الطلب الخارجي سيسجل مساهمة سالبة في نمو الناتج الداخلي الإجمالي، ستصل إلى حوالي 0.9 نقطة، ما يبرز مدى تأثير ركود الاقتصاديات الأوروبية على دينامية الصادرات الوطنية، وكذا استنزاف مفعول دينامية الطلب الداخلي الذي تستفيد منه الواردات وضعف تنافسية الاقتصاد. وبخصوص تطور المستوى الإجمالي للأسعار سنة 2013، توقع الحليمي أن تستفيد الأسعار الداخلية من انخفاض الأسعار العالمية للمواد الأولية، للسنة الثانية على التوالي، من تحسن الإنتاج الفلاحي خلال هذه السنة، رغم تراجع نفقات الموازنة المعتمدة في القانون المالي. وسيستقر التضخم المقاس بالسعر الضمني للناتج الداخلي الإجمالي في حدود 2 في المائة، عوض 1.3 في المائة سنة 2012. وحول الميزانية الاقتصادية التوقعية لسنة 2013، قال الحليمي "يحق للمغرب أن يؤكد تحسنا في تنميته الاقتصادية والاجتماعية خلال سنوات 2012 و2013، فمعدل الاستثمار هو من بين أعلى المعدلات في العالم، والاستهلاك والقوة الشرائية في تحسن بمستوى ثابت، كما أن الصادرات تؤشر على ظهور منتجات جديدة وتنويع لوجهاتها، فضلا عن أن الأنشطة غير الفلاحية تسجل مقاومة نسبية لآثار الأزمة الاقتصادية العالمية". ولاحظ أن هناك توطيدا للنمو الاقتصادي وتقلصا في ارتباطه بالظروف المناخية. ومع ذلك، أشار إلى أن الحفاظ على مستوى مرتفع للاستثمارات العمومية ووتيرة ثابتة لتطور الاستهلاك النهائي الوطني يزيد من تفاقم عجز ميزانية الدولة، وبالتالي، عجز في المبادلات الخارجية، في ظل سياق يطبعه ضعف القدرة التنافسية لاقتصاد المغرب. كما اعتبر أن الطابع التوسعي لسياسة الميزانية، التي دعمت نموذج المغرب التنموي، تظهر اليوم محدوديتها، وقال إن "الحد من التضخم، من خلال دعم الأسعار بتمويل من الموارد الداخلية، أدى إلى تزايد مستمر في الدين العمومي الداخلي، وإلى نقص في تمويل القطاع الخاص، في الوقت الذي مافتئ العجز الأولي يتفاقم ويدفع الدولة إلى الاقتراض لمواجهة استحقاقات ديونها. وفي ظل هذه الظروف، يمكن أن تصبح قلة السيولة بالسوق النقدي إشكالية هيكلية، وسيتقلص هامش حركة السياسة النقدية على حساب تمويل ملائم للاحتياجات الفعلية لمختلف فئات المقاولات". ودعا الحليمي إلى طرح تساؤلات عميقة بهدف التفكير في النمو الاقتصادي ما بعد 2013، مشيرا إلى أن استدامة التوازنات الماكرواقتصادية تستلزم إعادة تقييم نموذج النمو بالمغرب، حسب إشكاليته الثلاثية للاستثمار والاستهلاك وبالخصوص التمويل. وأضاف أن "هذا الموضوع يشكل أرضية للنقاش يستوجب انخراط جميع الفاعلين على الصعيد الوطني، من أجل امتلاك جماعي للمتطلبات الجديدة لمسلسل بناء هذا المشروع المجتمعي الكبير الحداثي والديمقراطي، الذي انخرط فيه المغرب".