دخلت المعلمة الرياضية التي يعود تاريخ تأسيسها إلى سنة 1917، مرحلة الاحتضار منذ حوالي 10 سنوات، وأصبح الملعب الذي احتضن عدائين حققوا شهرة عالمية، ورفعوا راية المغرب في حلبات دولية، يهدد سلامة المارة بالليل. وفي انتظار تنفيذ ما جرى تداوله من إصلاحات بميزانية قدرت حسب بعض المهتمين بالشأن الرياضي، بمليار سنتيم، يتمرن أبطال المستقبل في حلبة مسها الإهمال، وفي غياب مرافق ضرورية بما فيها الماء الصالح للشرب. "المغربية" زارت الملعب وعاينت تجمعات المتسكعين بمحيطه، كما شاهدت عن قرب إغلاق المستودعات وتراكم الأزبال في عدد من مرافقه، بما فيها الفضلات، بسبب غياب المراحيض، كما علمت من مصادر مطلعة أن هناك مبادرات لإصلاح هذا الفضاء الرياضي من طرف مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة، في إطار البرامج التي ستهم قريبا حديقة الألعاب ياسمينة وساحة نيفادا. على مقربة من خط الترامواي بشارع الحسن الثاني، وعلى بعد بضعة أمتار من ساحة نيفادا بالدارالبيضاء، يطل ملعب حديقة الجامعة العربية "كازابلانكيز"، حيث يجلس بعض المنحرفين والمتسولين القرفصاء، يطلبون المساعدة من المارة. من وراء سياج حديدي يعلوه الصدأ يظهر فضاء شاسع مكسو بعشب متناثر، وعلى حلبته يركد بعض الرياضيين في صورة تذكر بالماضي الذهبي الذي تختزنه ذاكرة هذه المعلمة التاريخية، التي حيث كانت نقطة انطلاقة عدائين مغاربة شقوا طريقهم في عالم الشهرة. تعد هذه المعلمة، حسب عزيز زدموت، الذي يشتغل مدربا في ألعاب القوى، ل"المغربية"، "أهم فضاء لاستقبال الرياضيين البيضاويين من جميع الشرائح، ودون مقابل مادي، إذ يستغل فضاءه حاليا براعم من أحياء الولفة، وعين السبع، والرحمة، والمعاريف، وبوركون، وسباتة، لصقل مواهبهم والتمرن على التباري في ملتقيات محلية ووطنية ودولية، غير أن الإهمال الذي مسه يهدد بقتل نشاط العديد من العدائين الذين يرغبون في التمرن في حلبته". كما يتمرن في حلبة هذا الملعب، الذي لا يتوفر على المعدات الضرورية، ولا مستودعات، ولا مراحيض، ولا ماء صالح للاستهلاك، رياضيون ينتمون إلى بعض أندية ألعاب القوي بالعاصمة الاقتصادية. ولا يستجيب الملعب، حسب زدموت، لحاجيات جميع العدائين، لأن طاقته الاستيعابية محدودة، إذ من الممكن أن تكون هناك اصطدام بين الرياضيين خلال حالات الاكتظاظ. وللرفع من مستوى الأنشطة الرياضية يجب توفير البنيات التحتية، التي تشجع على الإقبال عليها من طرف الشباب، حسب زدموت، الذي أكد على ضرورة ترميم جميع المرافق، بما فيها الجنبات والأسوار، إلى جانب خلق مستودعات، وكل ما يرافقها من معدات لتوفير الظروف الملائمة للعدائين المغاربة. الفتيات بلا مستودعات في غياب مستودع للملابس، تغير الفتيات بدلاتهن الرياضية أمام أنظار المارة وزبناء المقاهي، قرب سور قصير تتناثر بجانبه الأزبال والفضلات، تنبعث منها رائحة كريهة تخنق الأنفاس. ويعد هذا المكان "المستودع" المليء بالنفايات العضوية وقنينات بلاستيكية مليئة بالبول، شاهد على قمة التهميش الذي يعرفه فضاء كازابلانكيز، ووصمة عار بالنسبة للمهتمين بقطاع الرياضة، والشغوفين بتكوين جيل من الأبطال. ولا يمكن للمواطن العادي أن يستوعب أن الفضاء نفسه قدم للمغرب نخبة من الأبطال، الذين اكتسحوا حلبات العالم، وبالمقابل فاز هؤلاء الأبطال بميداليات ذهبية واحتلوا الصدارة في ملتقيات عالمية. في الواجهة المقابلة للسور القصير حيث تغير الفتيات ملابسهن وبدلاتهن الرياضية، كانت سهام الأزرق، بطلة المغرب في دفع الجلة والرمح موسم 2012، تقوم بحركات تسخينية على أدراج الملعب، إلى جانب بعض الشباب الذين يستعدون للمشاركة في ملتقيات رياضية وطنية ودولية. قالت الأزرق ل"المغربية" إن وضعية الملعب تدعو للقلق، وأن ترميمه سيشجع لا محالة على الإقبال على التمرن في حلبته. كما تحدثت الأزرق عن المشاكل التي تتعرض لها الفتيات من قبل المتسكعين والمنحرفين، مؤكدة ضرورة توفير الحماية لرواد كازابلانكيز، وللرياضيين عموما، تشجيعا لهم على مواصلة التمرن والتدريب. وأكدت البطلة المغربية على ضرورة توفير أجهزة ومعدات رياضية، لأنها تساهم في الرفع من اللياقة البدنية، وتعزز من قدرات الشباب على خوض سباقات وطنية ودولية. وفي هذا الصدد، قال محمد معزاوي، بطل سابق ورئيس الجمعية الرياضية للسباق على الطريق والمارطون، إنه سمع أن هناك ميزانية تقدر بحوالي مليار سنتيم لإصلاح هذه المعلمة التاريخية، وتجهيزها ب 6 ممرات وإعادة الحياة إليها من جديد، حتى ترقى إلى مواصفات ملاعب ألعاب القوى الدولية".