دعا الوزير المنتدب في الشؤون الخارجية والتعاون٬ يوسف العمراني٬ أول أمس الثلاثاء بنيويورك٬ إلى تعزيز الجهود الدولية المبذولة لمكافحة الإرهاب، في إطار مقاربة شاملة وتشاورية. وقال الوزير، خلال جلسة نظمت بالأممالمتحدة حول موضوع "مقاربة شاملة لمكافحة الإرهاب"٬ "إن الحل الجماعي لهذه الظاهرة يمر بالضرورة عبر مقاربة شاملة للاستراتيجيات المعتمدة على مقاربات وطنية وإقليمية ودولية". وبعد أن ذكر بالطبيعة "البالغة التعقيد والمتعددة الأبعاد" للإرهاب٬ الظاهرة التي ينبغي مكافحتها في إطار توافق مجدد وتعاون ناجع٬ أبرز العمراني التجربة المغربية في مجال مكافحة هذه الظاهرة. واعتبر الوزير٬ الذي أشاد بالجهود المتواصلة التي تبذلها الفرقة الخاصة لمكافحة الإرهاب التابعة للأمم المتحدة والرامية إلى تنسيق الدعم الدولي لمكافحة هذه الظاهرة٬ أنه "ينبغي على الأممالمتحدة مضاعفة جهودها لملاءمة طرق مكافحة هذه الإرهاب مع الأوجه الجديدة لهذه الظاهرة٬ وتنويع شراكاتها مع المنظمات الإقليمية والمحلية". ودعا العمراني٬ الذي أبرز "استعداد المغرب لمتابعة المحادثات حول جميع المقترحات الرامية إلى تعزيز انسجام وتنسيق ونجاعة الجهود التي تبذلها الأممالمتحدة لمكافحة الإرهاب"٬ إلى إيجاد طرق أفضل من أجل التفاعل مع مبادرات متعددة الأطراف منخرطة بقوة في مكافحة الظاهرة . وأضاف أن "المغرب وضع مقاربة شاملة ومتعددة الأطراف لمكافحة الإرهاب تجد أصلها في التزامه المبكر بالإسهام في حفظ السلام والأمن على كافة المستويات". وأوضح أن هذه الاستراتيجية تنبع من "التزام المملكة بقيم التسامح وحقوق الإنسان والحريات الأساسية وسيادة القانون". وتنسجم استراتيجية المملكة أيضا٬ حسب الوزير٬ مع استراتيجية مكافحة الإرهاب التي وضعتها الأممالمتحدة والميثاق الأممي٬ بالإضافة إلى القرارات المهمة للأمم المتحدة والآليات القضائية الدولية التي يشكل المغرب جزءا منها". واعتبر العمراني أن "المقاربة التفاعلية" للمغرب ترجمت بنجاح في التدابير الوقائية الصارمة٬ بالموازاة مع نظام قضائي لمكافحة الإرهاب ومبادرات وطنية ترمي إلى حل مختلف العوامل الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي تؤدي إليه". وأضاف أن الالتزام الصارم للمملكة لصالح الإصلاحات الديمقراطية التي لا رجعة فيها٬ إضافة إلى التنمية البشرية كأولوية مشتركة٬ تضمن للمغرب "أفضل حماية من انتشار التطرف والعنف". وبالرجوع إلى قضية الساحل٬ لاسيما الوضع في مالي٬ ذكر الوزير بأن "المغرب حذر بشكل متواصل المجتمع الدولي من تردي الوضع في منطقة الساحل التي ماتزال تواجه تحديات متعددة الأبعاد ومعقدة ومترابطة". وقال إن "الساحل اليوم يوجد في مقدمة الملفات المطروحة على الساحة الدولية بسبب الأنشطة الأخيرة للجماعات الإرهابية والمتطرفين، الذين يهددون استقرار وأمن دول منطقة الساحل وغرب إفريقيا والمغرب العربي"٬ معربا عن أسفه ل"تباطؤ الرد الدولي" إزاء الانزلاق المتدرج لشمال مالي في قبضة الجماعات الإرهابية. وأكد أن "ثلثي مالي توجد حاليا بين أياد العناصر الإرهابية٬ التي لا تفتأ تتعزز بالنظر إلى تباطؤ رد المجتمع الدولي". وأضاف أن "المغرب ساند بشكل كامل دعوة الحكومة المالية المشروعة لتلقي مساعدة خارجية لمكافحة هذه العناصر الإرهابية، ويوجد حاليا دعم مهم يقدمه الشركاء الثنائيون لهذه الدولة"٬ داعيا الأممالمتحدة إلى "تسريع وتكثيف جهودها لمساعدة حكومة مالي وضمان انتشار سريع للبعثة الدولية لدعم مالي تحت قيادة إفريقية". وقال إن "الدعم الثنائي والتعبئة السريعة للموارد والدعم اللوجستي للبعثة الدولية لدعم مالي صارت ضرورية اليوم أكثر من أي وقت مضى". وعلى الصعيد الإقليمي٬ جدد العمراني دعوة المغرب إلى وضع إطار مستديم للحوار والتعاون والتضامن حيز التنفيذ٬ يجمع كل دول الساحل والمغرب العربي، من أجل وضع مقاربة شاملة وناجعة للوضع المقلق بمنطقة الساحل". وأكد أنه "يجب وضع الحسابات السياسية الضيقة جانبا والتفكير في المسؤولية المشتركة والتعاون المندمج والشراكة البناءة"٬ مضيفا أن "الإرهاب ينبع من مجموعة من العوامل المعقدة والمترابطة٬ سياسية واقتصادية واجتماعية٬ ولمكافحته لا ينبغي إهمال الحاجة إلى مكافحة الأسباب الخفية التي تؤدي إلى هذه الظاهرة عبر النهوض بإصلاحات سياسية والتنمية البشرية٬ والقضاء بذلك على الظلم الاجتماعي٬ وإيجاد حل للنزاعات الإقليمية". وتابع بالقول إنه من أجل "إيجاد حلول مستدامة لهذه الظاهرة٬ ينبغي مقاربتها بشكل شامل لا يعتمد فقط على التدابير العسكرية والبوليسية"٬ معتبرا أن"الأممالمتحدة ينبغي أن تظل الإطار المركزي للمضي قدما في مكافحة الإرهاب". وأضاف أن المغرب "على اقتناع كذلك بأن الاستراتجيات الوطنية لمكافحة الإرهاب ينبغي أن تدمج التعاون الإقليمي والمحلي الناجع، باعتبار أن "المقاربات الشاملة لمكافحة الإرهاب خلفت آثارها في كل الأماكن التي تم تبنيها وتنفيذها فيها". وقال إن "المغرب الوفي لقيمه ومبادئه٬ سيظل شريكا فاعلا ومنخرطا بشكل كامل مع الأممالمتحدة وكافة أطراف المجتمع الدولي في الجهود المبذولة على مستوى العالم لمكافحة هذه الظاهرة"٬ مجددا التأكيد على "إرادة المغرب المتواصلة في هذا المجال". وخلص الوزير إلى التأكيد على "إرادة المغرب المتواصلة في مجال مكافحة الإرهاب عبر وضع استراتيجية شاملة ومتعددة الأبعاد يجتمع بداخلها ويتكامل البعد الأمني والتقدم الديمقراطي والمجهود التنموي والإبداع الثقافي والفكر المستنير٬ في احترام لسيادة القانون وتساوي الجميع أمامها٬ وتحت سلطة القضاء٬ مذكرا بالتوجيهات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس في مجال مكافحة الإرهاب.