شهدت مدينة آسفي، خلال ثلاثة أيام، فعاليات الملتقى الجهوي الأول، الذي نظمه المجلس العلمي المحلي بآسفي، بتنسيق مع المجالس العلمية بالجهة، تحت شعار "جهة دكالة عبدة.. تراث وإشعاع"، بمشاركة نخبة من العلماء والباحثين والمثقفين على الصعيد الوطني والجهوي. وبهذه المناسبة، أكد عبد الله بندهيبة، والي جهة دكالة عبدة عامل إقليمآسفي، أن هذه المبادرة "تندرج في إطار سعي هذه المجالس إلى العناية بتراثنا الديني الحضاري المتميز، الذي يمتد في عمق التاريخ ليشع نوره على حاضرنا ومستقبلنا ترسيخا لمبادئ الاعتدال والوسطية". وتوجه إلى العلماء والفقهاء، ضيوف مدينة آسفي، حاضرة المحيط والضاربة في أعماق التاريخ، قائلا "إن الاقتراب من محراب المفكرين العلماء، مؤرخين كانوا أم دارسين، يجعل المرء يشعر برهبة داخلية، لأنه في خضم هذا المحراب تتوالى الأفكار والآراء، التي تقود إلى قراءة واستنطاق معالم الماضي وتأمل طبيعة الحاضر واستشراف المستقبل. وأوضح المتحدث أن جهة دكالة عبدة، التي اختارت مجالسها العلمية المحلية، أن يتناول ملتقاها الأول التراث، الذي مازال إشعاعه وضاء، ساهمت عبر حقب تاريخية مختلفة مساهمة كبيرة في نشر العقيدة الإسلامية والدود على الوحدة الروحية للأمة المغربية المجيدة، مشيرا في هذا الإطار إلى الشيخ أبي محمد صالح، الذي أنشأ رباطا بمدينة آسفي، وكان يجهز قوافل الحج إلى الديار المقدسة كل سنة ويؤمن طريقها. إلى جانب الفقيه الفلكي عبد الله بن ساسي الآسفي، ومحمد بن عبد العزيز الآسفين وأحمد بنحيدة بن عبد الله الكراوي الآسفين والعلامة القاضي محمد بن الطيب بنهيمة، والعلامة محمد بن العبدي. ومن بين أعلام هذه الجهة ذكر الوالي كذلك، الشيخ سيدي شاكر الذي استوطن منطقة "احمر" وأنشأ بها رباطه لتدريس أصول الفقه والسنة وإيواء الوافدين، وغير بعيد عن هذا الرباط ، كانت توجد المدرسة الأميرية لمدينة الشماعية التي كان يدرس بها الأمراء القرآن الكريم ويتعلمون الرماية وركوب الخيل. وأضاف من جهة أخرى، أنه لا يستقيم الحديث عن قبيلة دكالة دون الإشارة إلى الشيخ أبي شعيب الدكالي، الذي كان إماما وخطيبا ومفتيا ومدرسا بأرض الحرمين الشريفين وتتلمذ على يديه عدد كبير من طلبة العلم قبل أن يستقر بمدينة فاس على عهد السلطان مولاي حفيظ، حيث قام بنشر قيم الدين الإسلامي الصحيحة، كما أن هذا الإشعاع الديني، يضيف بنذهيبة، ظل وضاء بفضل مساهامات الوالي الصالح مولاي عبد الله أمغار والوالي مولاي بوشعيب الرداد والوالي سيدي بنور. من جهته، أوضح رئيس المجلس العلمي المحلي لآسفي عبد الرزاق الوزكيتي، في كلمته الافتتاحية، أن الملتقى الأول يجلي أمانة العلماء التي صممت أن تخرج من المحيط الضيق وألا تبقى مجالسهم جزرا مهجورة، لتنطلق مؤسسة العلماء بجهة دكالة عبدة في تلمس مصادر التراث الديني والعلمي للمنطقة باحثة عن أعلام الجهة وصلحائها ومراكزها العلمية وزواياها الصوفية السنية وآدابها وفنونها ومظاهر التسامح الديني فيها، ما يشكل بادرة علمية لا غنى عنها في إنضاج البحث العلمي الجهوي، الذي يعد رافدا من روافد البحث العلمي المغربي بشكل عام. وأبرز أن مثل هذه الملتقيات تكون مناسبة لاستحضار تجارب السلف الصالح ومساهمتهم في بناء المغرب بناء معرفيا وروحيا وماديا.