أطلق وزير الصحة، الحسين الوردي، الجمعة الماضي، حملة طبية ضخمة متعددة التخصصات، ستهم عددا من البلدات المعزولة، التي تعاني قساوة الطقس على مستوى إقليم ميدلت. وتهدف هذه القافلة التي تنظمها على مدى ثلاثة أيام وزارة الصحة، في إطار مخطط عملها للفترة ما بين 2012 و2016، وبرنامجها الهادف إلى محاربة تأثيرات موجة البرد٬ بشراكة مع الجمعية المغربية الطبية للتضامن والمجتمع المدني٬ بالأساس٬ إلى تلبية احتياجات السكان القرويين المعزولين، في ما يخص العلاجات المتخصصة وتعزيز الأنشطة الوقائية والعلاجية والترويجية على مستوى القرى النائية بهذا الإقليم، الذي يغلب عليه الطابعان القروي والجبلي. وفي هذا الإطار، تم وضع وحدتين طبيتين قارتين بقرى أنفكو وأكوديم تسهران على تقديم خدمات في مجال الطب العام والمتخصص (طب الأطفال وطب النساء والتوليد) وطب الأسنان٬ إضافة إلى الاختبارات التكميلية (الفحص بالأشعة والاختبارات البيولوجية)، وكذا توزيع الأدوية. كما أحدثت وحدتان استشفائيتان بالمستشفى الإقليمي لميدلت٬ وبالجماعة القروية أكوديم، وضعت وحدة طبية متنقلة مهمة٬ تضم ثلاث وحدات خاصة بالجراحة وطب العيون والاكتشافات البيولوجية والإشعاعية. وستحل وحدة متخصصة في قياس النظر ومعالجة اختلالاته بقرى أنفكو (الجمعة) و أكوديم (السبت) وتونفيت (الأحد). وجرت تعبئة حوالي 14 سيارة إسعاف والعديد من السيارات رباعية الدفع لنقل المرضى في حالات الطوارئ من أكوديم وأنفكو إلى الوحدة الاستشفائية الموجودة بتونفيت، أو إلى المستشفى الإقليمي بميدلت. بدورها٬ حظيت الصحة المدرسية باهتمام خاص، إذ وضع المنظمون رهن إشارة التلاميذ فريقا متنقلا سيؤمن الزيارات الطبية الروتينية والكشف عن ضعف البصر لدى التلاميذ. ووضعت وحدة للنظارات بالجماعة القروية تونفيت لتمكين الأشخاص المعنيين من الاستفادة من النظارات بعين المكان. وبخصوص برامج الصحة٬ تتكلف المجموعات المحلية بالأنشطة المرتبطة بالتلقيح ومتابعة الحمل والتخطيط العائلي والنظافة٬ في حين، يتكفل عدد من المنشطين بتقديم توضيحات وعروض وفقرات تحسيسية حول موضوع التربية الصحية. وفي ما يتعلق بالموارد البشرية٬ جرت تعبئة فريق طبي يضم أزيد من 225 مهنيا، ينتمون إلى قطاع الصحة٬ 95 منهم تابعون للمندوبية الإقليمية للقطاع بميدلت٬ وتوزيعهم على مختلف النقط التي وضعها بالبلدات المعنية. وأكد وزير الصحة٬ الحسين الوردي٬ في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن هذه الحملة تنظم في إطار الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وتندرج في إطار "سياسة جديدة، تهدف إلى تقريب الخدمات الصحية للمواطنين لاسيما الموجودين بالعالم القروي والمناطق المعزولة. وأوضح الوردي أن مشاكل قطاع الصحة لا يمكن أن تحل من طرف الوزارة وحدها٬ بمعزل عن المجتمع المدني والقطاع الخاص العامل في هذا المجال. وأكد أن اختيار إقليم ميدلت لحملة بهذا الحجم له ما يبرره٬ موضحا أن الأمر يتعلق بمنطقة معزولة، لاسيما خلال فترة الشتاء التي تصبح خلالها ظروف عيش السكان أكثر صعوبة. وفي ما يخص الخدمات الطبية، أشار الوزير إلى أن السكان سيستفيدون، على مدى ثلاثة أيام، من جميع أنواع الاستشارات والتحاليل الطبية والتدخلات الجراحية، التي ستؤمنها بعين المكان وحدات طبية متنقلة. وأضاف أن كمية كبيرة من الأدوية وضعت رهن إشارة السكان بأزيد من 3,5 ملايين درهم٬ موضحا أن المستشفى الإقليمي بميدلت توجد به كمية من هذه الأدوية تقدر قيمتها بحوالي 3 ملايين درهم٬ بينما جرت تعبئة الكمية المتبقية والمقدرة قيمتها بحوالي 500 ألف درهم، من قبل المنظمين بمناسبة هذه الحملة. وأوضح الوردي أن هذه الحملة تندرج في إطار برنامج لمبادرات مماثلة، سيهم مختلف الجهات التي تعاني العزلة٬ وأن الوزارة منكبة على وضع مستشفيات متنقلة ستنشر بعدد من المناطق النائية، من أجل تلبية احتياجات السكان في مجال الصحة، مشيرا إلى أن "الاستراتيجية الجديدة، المتمثلة في اعتماد المستشفيات المتنقلة مردها كذلك إلى نسب الاستشفاء٬ ونسبة إقبال المواطنين على المستشفيات والمراكز الصحية القارة بالجهات التي لا تتجاوز 1,5 في المائة٬ وهذا ما يوضح أهمية مثل هذه المبادرات". لذاك، يقول الوردي، يتعين على المستشفى أن يتنقل في اتجاه سكان المناطق النائية٬ موضحا أنه ليس من الطبيعي ترك المناطق المعزولة دون منشآت طبية. من جهتهم٬ أشاد عدد من المواطنين القاطنين بالبلدات والقرى التي اختارتها القافلة لتقديم خدماتها بها٬ في تصريحات لوكالة المغرب العربي للأنباء٬ بهذه المبادرة التي تتزامن مع فصل الشتاء الذي يعاني السكان فيه كثيرا جراء صعوبة الولوج إلى الخدمات الطبية٬ لاسيما في فترة تساقط الثلوج. وأجرى الوزير، الذي كان مرفوقا بعامل الإقليم٬ علي خليل٬ والسلطات المحلية، ورؤساء المصالح الخارجية، وأطر الوزارة٬ جولة بمختلف المناطق التي جرت تهيئتها بمناسبة هذه الحملة ببلدات تونفيت وأكوديم وأنفكو٬ إضافة إلى المستشفى الإقليمي لميدلت. وأجرى الوزير، خلال هذه الجولة، لقاءات مقتضبة مع السكان، استمع خلالها لانتظاراتهم والمشاكل التي يعانونها.