قررت تنسيقية المكاتب المحلية لكليات الطب والصيدلة وطب الأسنان، التابعة للنقابة الوطنية للتعليم العالي، خوض "إضراب وطني إنذاري" في المراكز الاستشفائية الجامعية، باستثناء أقسام الإنعاش والمستعجلات، بعد غد الأربعاء، مصحوبا بوقفات احتجاج، مع مقاطعة امتحانات الدورة الأولى في كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان. وقالت مصادر من التنسيقية المذكورة، ل"المغربية"، إن القرار يأتي بسبب "وجود ازدواجية في خطاب وزارة الصحة، بطرحها اقتراحات تعجيزية داخل اللجنة المشتركة، التي تضم ممثلي وزارة الصحة وممثلي وزارة التعليم العالي وممثلي النقابة الوطنية لأساتذة التعليم العالي، موازاة مع التزام الأساتذة الباحثين بالحوار مع باقي مكونات اللجنة، لإيجاد حل للمشكلة التي فرضها قرار وزير الصحة بمنع اشتغال أساتذة الطب في القطاع الخاص". وتحدثت المصادر عن أن أعضاء التنسيقية مستاؤون من تصريحات وزير الصحة، التي تؤكد حسمه في موضوع المنع، بينما الحوار مستمر مع أعضاء اللجنة المشتركة، ما يعتبره الأساتذة "استفزازا لهم، ودليلا على عدم التزام الوزارة بالجدية في التعامل مع هذا الملف". وأفادت مصادر نقابية متطابقة من كلية الطب بالدارالبيضاء، فضلت عدم الكشف عن أسمائها، أن من "أشد النقط التي أثارت استياء الأساتذة الأطباء، اتصال وزارة الصحة بالمصحات الخاصة وبمؤسسات التأمين الصحي لرفض كل الوثائق الموقعة باسم أساتذة الطب، بالموازاة مع فتح الحوار بين الجهات المعنية لتوفير صيغة توافقية لنظام التوقيت TPA". وقالت المصادر نفسها إن الأساتذة الأطباء "يرفضون مقترحات الوزارة، الرامية إلى السماح للأساتذة الأطباء بعلاج وجراحة مرضاهم داخل المستشفى العمومي بمقابل مادي، لما فيه من مساس بمصلحة المريض الفقير، الذي لن يحظى بالوقت والجهد الكافيين لتكفل أفضل بصحته، سيما أن المستشفيات تشهد خصاصا في عدد الممرضين والأطباء ونقص المعدات، واكتظاظ المرضى، وتباعد مواعيد الفحص والجراحة". وأشارت المصادر إلى أن النقابة الوطنية للتعليم العالي تعتبر هذا الوضع "خطيرا، لما يصاحبه من استقالة عدد كبير من الأساتذة أو إحالتهم على التقاعد، ما سينعكس سلبيا على التكوين والتأطير في كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان والمراكز الاستشفائية، في الوقت الذي تنهج الحكومة مبادرة تكوين 3300 طبيب". وذكرت المصادر أن الأساتذة الباحثين "يتشبثون بحقهم في العمل بنظام الوقت الكامل المعدل، المعروف اختصارا ب TPA، مع دعوة الحكومة إلى تطبيق القانون المنظم لهذا المجال، سيما مقتضيات المادة 56 من قانون 10-94 التي تؤكد حق الأساتذة بالاشتغال بهذا النظام في المصحات الجامعية"، مبينين أن "عدم إنجاز المصحات الجامعية، المنصوص عليها في القانون المذكور، هو مسؤولية الدولة ولا يمكن وضعه على عاتق الأساتذة الباحثين". وذكرت المصادر أن الأطباء الأساتذة يعتبرون العمل بنظام الوقت الكامل المعدل "حقا من حقوقهم، ومكسبا للأساتذة الباحثين في الطب والصيدلة وطب الأسنان، والوسيلة الواقعية، عبر العالم، لتثبيت هذه الأطر في القطاع العام"، داعين الإدارة إلى تحمل مسؤوليتها في "التجاوزات التي عرفها العمل بهذا النظام، بسبب تخلفها عن المراقبة وعن تحيين القوانين". وكانت الحوارات بين أعضاء اللجنة المشتركة أسفرت عن "تأكيد الحكومة، ممثلة في الوزارة الأولى، على استمرار أساتذة كلية الطب في العمل في المصحات الخاصة، وفقا لنظام TPA، إلى غاية 31 دنبر الجاري، الموعد المحدد لتقديم الشكل النهائي بخصوص إعمال هذا النظام أمام أستاذة الطب". وسبق للحكومة، خلال أحد اجتماعات مجلسها، أن قررت منع أطباء القطاع العام من الاشتغال في القطاع الخاص، تحت طائلة تعرض المخالفين لعقوبات زجرية، تشمل المصحات الخاصة المشغلة، بناء على تقارير لجن تفتيش خاصة، ستشرع في مهمتها، خلال الأسابيع الثلاثة المقبلة، لمراقبة مدى تطبيق المقتضيات الجديدة. وجاء القرار، عقب فترة قصيرة من إصدار وزير الصحة، دورية وزارية، ذكر فيها بالقوانين المعمول بها في الوظيفة العمومية، والقوانين المنظمة لمزاولة مهنة الطب في القطاع العام، القاضية بعدم السماح للأطباء بالجمع بين العمل في المستشفى العمومي والعيادات والمصحات الخاصة، وفقا للفصل 15 من ظهير 1958 المنظم للوظيفة العمومية.