يتطلع الاتحاديون إلى أن يكرس مؤتمرهم الوطني التاسع الانتقال من الشرعية التاريخية، التي عملت بها قيادة الحزب منذ انشقاقه عن الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، إلى الشرعية الديمقراطية، التي تعتمد على قوة المرشح للقيادة في الإقناع ببرنامج يوضح الآفاق السياسية والتنظيمية للحزب. بالمقابل تعالت الأصوات المطالبة المجلس الوطني بمراجعة قاعدة انتخاب المؤتمرات والمؤتمرين الذين يأتي الحسم في لوائحهم في مرحلة متأخرة عن تقديم الترشيحات للكتابة الأولى للحزب. وعلمت "المغربية"، لدى عدد من قياديي الاتحاد، أن "حرب التقاطبات" السياسية اشتعلت في الفروع والأقاليم حول دعم المرشحين الخمسة لقيادة الحزب، إذ هناك من يدعم فتح الله ولعلو، باعتباره الأقدر على النهوض بأوضاع الاتحاد في مرحلة ما بعد المؤتمر الوطني التاسع، الذي سينعقد أيام 14 و15 و16 دجنبر المقبل، وآخرون يفضلون إدريس لشكر للقيادة لأنه يعرف كيف ينسج التحالفات مع حلفاء الحزب التاريخيين، وطرف ثالث يدعم لحبيب المالكي، لأنه يتميز بالحنكة السياسية والعمل بهدوء لخدمة الحزب، وهناك جزء من الشبيبة الاتحادية يفضل إحداث القطيعة مع الوجوه القديمة، وهم الذين يدعمون محمد الطالبي، المرشح الخامس لقيادة الاتحاد، خلفا لعبد الواحد الراضي. ورغم اختلاف الاتحاديين حول اسم كاتبهم الأول في المرحلة المقبلة، إلا أنهم يتفقون على ضرورة دمقرطة هياكل الحزب، وتيسير عملية الانتقال من الشرعية التاريخية إلى الشرعية الديمقراطية. ويركز إدريس لشكر في حملته على مبدأ انتقال الاتحاد من الشرعية التاريخية إلى الشرعية الديمقراطية، مقدما نفسه بأنه يمثل القيادة الميدانية القريبة من كل الاتحاديين. ويدعم لشكر في تصوراته حسن الدرهم، الذي قد يضمن للشكر دعم أغلب فروع الصحراء له. وأفاد قيادي اتحادي، فضل عدم ذكر اسمه، في تصريح ل "المغربية"، أن لشكر يضرب ألف حساب للمفاجأة التي يمكن أن يحدثها له ولعلو، إن هو تمكن من إقناع أعضاء اللجنة الإدارية ببرنامجه، الذي ركز فيه على ضرورة "إعادة بناء اتحاد حقيقي، من أجل العودة بالاتحاد إلى موقعه الريادي في العمل السياسي الملتزم بقضايا الشعب المغربي". ويعتبر ولعلو أن إعادة البناء ستجري عبر تأكيد ارتباط الحزب بالهوية الاتحادية، والعمل على تحيين أسسها ومرتكزاتها، مبرزا أن على الحزب أن يسترجع مواقعه في نصرة القضية النسائية، والارتقاء بمكانة الشباب، وتمكين أجيال جديدة من تحمل المسؤولية داخل الحزب وداخل المؤسسات المنتخبة والهيئات النقابية والنسيج الجمعوي. ويعتمد ولعلو على ضرورة تعبئة كل الاتحاديين، ووضع حد لمظاهر التناحر الداخلي، وأهمية بناء أداة حزبية عصرية قادرة على تتبع متطلبات العمل السياسي المنتظم، وترجمة القرارات والتحركات النضالية في مختلف مجالات التواصل مع مكونات الشعب، وتعبئة الشرائح الاجتماعية والفعاليات النضالية والفكرية والمهنية. بالمقابل، يرى الحبيب المالكي، المرشح الثالث للكتابة الأولى، أن ترشحه مساهمة في إغناء النقاش حول القيادة وإعادة الاعتبار للفكر وللأسس الثقافية للعمل السياسي، ملتزما، في برنامجه، بضرورة المساهمة في وضع خط سياسي واضح يستجيب لمتطلبات المرحلة. ويرى أن المؤتمر المقبل سيكون من أجل التجديد وإعادة البناء، وأنه سيشكل فرصة لإعادة البناء على أسس احترام الديمقراطية الداخلية في إطار التنافس المسؤول. وفي تشخيص لواقع الاتحاد الاشتراكي، دعا أحمد الزايدي، المرشح الرابع لكتابة الأولى، إلى إعادة بناء الحزب الذي "يعيش لحظات وهن مقلقة جدا". مقدما، في أرضية برنامجه، صورة لحزب "يعيش أزمة عميقة تعتبر الأخطر في تاريخه"، وتتمثل في "فقدان الثقة في أجهزة الحزب، وشلل المبادرات السياسية، وضعف الإرادة في إطلاق الحوار أو التفكير بشأن التطور السياسي والتنظيمي للحزب". ويحدد "تجليات الأزمة في العجز عن إنتاج القيم الفكرية والأخلاقية، وتزايد النزعة الوصولية، واستشراء الثقافة المحافظة في الممارسات الحزبية، وغياب قيادة من جيل جديد، تشتغل حول مشروع حاشد للتحديث والتحول الديمقراطي". ولتجاوز الأزمة، يعرض الزايدي بعض الحلول، منها أن على الاتحاديين أن يتبنوا مشروعا متجددا، وأن ينتصروا لقيم التحديث والديمقراطية والتقدم والعدالة والإنصاف، والوضوح الإيديولوجي، وتمكنهم من إنجاح مصالحة حقيقية مع المجتمع، وإحداث تقارب بين جميع القوى التقدمية بالانفتاح على العائلة الاتحادية، والعمل على بناء وحدة العائلة اليسارية.