دعا صاحب الجلالة الملك محمد السادس٬ الحكومة إلى نهج مقاربة تقوم على الإصغاء والتشاور مع كافة الفاعلين المعنيين بهدف خلق مناخ مؤسساتي تنافسي سليم يكفل التطوير المتناغم لقطاع التمويل الأصغر، ويساعد على الاندماج التدريجي لهذا القطاع ضمن المنظومة المالية الشاملة (ماب) وأكد جلالة الملك٬ في الرسالة السامية التي وجهها إلى المشاركين في أشغال الملتقى الدولي حول التمويلات الصغرى بالمغرب، الذي انطلقت أشغاله، صباح أمس الخميس، بالصخيرات٬ على ضرورة العمل بقوة على دعم الإرادة المعبر عنها من لدن الفاعلين في مجال التمويل الأصغر على الصعيد الوطني٬ من أجل الإسهام في تحقيق التنمية في المغرب عموما وإنعاش قطاع التشغيل الذاتي على وجه الخصوص. كما دعا جلالة الملك في هذه الرسالة٬ التي تلتها مستشارة جلالته زليخة نصري٬ مختلف المتدخلين الوطنيين والدوليين إلى مواصلة دعمهم للفاعلين في مجال التمويل الأصغر٬ لتمكينهم من مواجهة التحديات وكسب الرهانات الأساسية المطروحة٬ في خضم عالم دائم التحول والتغيير٬ مبرزا جلالته أهمية انخراط النظام المالي الوطني والدولي في عملية مواكبة القطاع٬ لاسيما في هذه الظرفية الاقتصادية الصعبة٬ بالنظر إلى أن العمل على تمويل مشاريع مدرة للدخل وكفيلة بإحداث مناصب للشغل٬ لاسيما لفائدة النساء والشباب٬ من شأنه الإسهام في تخفيف الأعباء التي تثقل كاهل السكان المحرومين. وبعد أن ذكر بأن الهدف من هذا المنتدى هو٬ بالأساس٬ تقديم محاور الرؤية الاستراتيجية الجديدة للتمويل الأصغر بالمغرب في أفق 2020، أوضح جلالة الملك أن من مزايا هذه الاستراتيجية٬ "التي نتمنى أن تشكل محطة جديدة على درب توطيد مجال التمويل الأصغر في المملكة٬ أنها تقدم رؤية جديدة لهذا القطاع بوصفه فاعلا مؤثرا في محاربة الفقر وإقصاء الفئات المحرومة من التمويل. وهي تدعو إلى اعتماد برنامج طموح من شأنه تعزيز مكانة المغرب باعتباره نموذجا مرجعيا بالمنطقة في ما يتعلق بالتمويل الأصغر الذي يخلق أنشطة مدرة للدخل ومناصب الشغل". وأشار جلالة الملك إلى أنه بفضل انخراط الفاعلين الجمعويين ومساهمات الممولين الدوليين٬ وكذا التشجيعات والمساعدات المالية القيمة التي توفرها الدولة٬ فإن هذا النشاط الذي أحدث قبل عشرين سنة بمبادرات من نشطاء المجتمع المدني٬ أصبح اليوم يشكل أحد المكونات الأساسية للمشهد المالي الوطني٬ حيث يساهم٬ من خلال استجابته للحاجيات المالية للمعوزين٬ في توسيع نطاق الإدماج المالي ليضم كافة السكان المعنيين. "لقد أصبحت مجهودات المغرب٬ يقول صاحب الجلالة٬ في هذا المجال٬ معترفا بها جهويا ودوليا٬ بل وتمثل مصدر إلهام لعدد من الدول النامية بما فيها البلدان العربية والإفريقية"٬ مؤكدا٬ في هذا الصدد٬ أن المملكة المغربية على استعداد لوضع خبرتها ودرايتها في هذا المجال رهن إشارة البلدان الشقيقة التي تجمعها بها علاقات عريقة٬ قوامها الصداقة والتعاون. وأضاف أن تحقيق الأهداف المسطرة في خطة العمل العشرية لمن شأنه أن يعزز قطاع التمويل الأصغر ويضمن استمراريته٬ مشددا على أن "تحقيق هذه الأهداف يتطلب أن نضع في الاعتبار المبادئ الأساسية التي ساهمت في نجاح هذا النشاط٬ والذي يظل هدفه الأسمى هو محاربة الفقر والهشاشة". ودعا جلالة الملك إلى ضرورة مراعاة البعد الإنساني في عملية تحديد الاحتياجات المالية٬ بغية توسيع دائرة الفرص والاختيارات المتاحة المطروحة أمام المواطنين المغاربة٬ نساء ورجالا٬ وكذا أهمية خلق تفاعل كبير بين مختلف البرامج الموجهة إلى السكان المعوزين٬ تحقيقا للمزيد من التكامل والنجاعة في ما بينها٬ مبرزا جلالته النتائج الملموسة التي حققتها المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في مجال محاربة الفقر والتهميش والهشاشة٬ علما أن الأنشطة المندرجة في إطارها تشمل تمويل عدد من الأنشطة المدرة للدخل الكفيلة بخلق فرص للشغل. وفي ما يلي نص الرسالة الملكية السامية التي تلتها مستشارة صاحب الجلالة، زليخة نصري: "الحمد لله وحده٬ والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه. حضرات السيدات والسادة٬ يطيب لنا أن نتوجه إلى منتداكم الأول المنعقد بالمغرب حول التمويل الأصغر٬ مرحبين بالمشاركين فيه مغاربة وأجانب٬ الذين بحضورهم هذا الملتقى٬ يجسدون ما نشاطرهم إياه في إيلاء قطاع وطني بالغ الاهتمام٬ لاسيما وهو يساهم في التنمية البشرية بشهادة وتقدير الجميع على الصعيد العالمي. وإننا بإضفاء رعايتنا السامية على هذا المنتدى٬ إنما نؤكد الأهمية البالغة التي نوليها شخصيا لهذا النشاط ذي التوجه الاجتماعي٬ الذي ينسجم انسجاما تاما مع السياسة التي نقودها بعزم وحزم٬ لمحاربة الفقر والهشاشة وتفعيل قيم التآزر والتضامن وتمكين المغاربة قاطبة من سبل العيش الكريم. كما نعبر عن تهانئنا لمختلف المتدخلين الذين ساهموا في تنظيم هذا المنتدى الذي يتوخى٬ بشكل خاص٬ تقديم محاور الرؤية الاستراتيجية الجديدة للتمويل الأصغر في أفق 2020 بالمغرب. ومن مزايا هذه الاستراتيجية٬ التي نتمنى أن تشكل محطة جديدة على درب توطيد مجال التمويل الأصغر في المملكة٬ أنها تقدم رؤية جديدة لهذا القطاع، بوصفه فاعلا مؤثرا في محاربة الفقر وإقصاء الفئات المحرومة من التمويل. وهي تدعو إلى اعتماد برنامج طموح من شأنه تعزيز مكانة المغرب باعتباره نموذجا مرجعيا بالمنطقة في ما يتعلق بالتمويل الأصغر الذي يخلق أنشطة مدرة للدخل ومناصب الشغل. وبفضل انخراط الفاعلين الجمعويين ومساهمات الممولين الدوليين٬ وكذلك التشجيعات والمساعدات المالية القيمة التي توفرها الدولة٬ فإن هذا النشاط الذي أحدث قبل عشرين سنة بمبادرات من نشطاء المجتمع المدني٬ قد أصبح اليوم يشكل أحد المكونات الأساسية للمشهد المالي الوطني٬ حيث يساهم٬ من خلال استجابته للحاجيات المالية للمعوزين٬ في توسيع نطاق الإدماج المالي ليضم كافة السكان المعنيين. لقد تم قطع أشواط هامة في هذا القطاع ضمن مسلسل بناء نشاط حديث وفعال٬ وذلك عبر إضفاء المهنية والنهوض بالجهاز الإنتاجي٬ فضلا عن مختلف الإجراءات الهادفة إلى تعزيز الأنشطة المدرة للدخل وتشجيع المبادرة الفردية. لقد أصبحت مجهودات المغرب في هذا المجال معترفا بها جهويا ودوليا٬ بل وتمثل مصدر إلهام لعدد من الدول النامية بما فيها البلدان العربية والإفريقية. وفي هذا الصدد٬ فإن المملكة المغربية على استعداد لوضع خبرتها ودرايتها في هذا المجال رهن إشارة البلدان الشقيقة التي تجمعها بها علاقات عريقة٬ قوامها الصداقة والتعاون. حضرات السيدات والسادة٬ إن تحقيق الأهداف المسطرة في خطة العمل العشرية لمن شأنه أن يعزز قطاع التمويل الأصغر ويضمن استمراريته. غير أن تحقيق هذه الأهداف يتطلب أن نضع في الاعتبار المبادئ الأساسية التي ساهمت في نجاح هذا النشاط٬ والذي يظل هدفه الأسمى هو محاربة الفقر والهشاشة. ومن هذا المنطلق٬ يتعين أن يظل القطاع وفيا لمهمته الأصلية ألا وهي دعم وتمويل ومواكبة أصحاب المشاريع المدرة للدخل في أوساط الساكنة المحرومة. كما يتعين مراعاة البعد الإنساني في عملية تحديد الاحتياجات المالية٬ وذلك بغية توسيع دائرة الفرص والاختيارات المتاحة المطروحة أمام المواطنين المغاربة٬ نساء ورجالا. إن فعالية تدخلات القطاع تمر حتما عبر استيعاب أفضل لحاجيات الساكنة المعنية ومتطلباتها٬ مما يسمح بتحديد أنجع للمستفيدين المحتملين وتنويع الخدمات المعروضة وطرق توزيعها٬ خاصة من خلال اعتماد وسائل التكنولوجيا المبتكرة. وعلى صعيد آخر٬ تجدر الإشارة إلى أن الاستمرار في تعبئة كافة الفاعلين المعنيين بالتنمية البشرية يعتبر مطلبا أساسيا في أفق تحقيق تلك الأهداف٬ شأنه في ذلك شأن الإسراع في عملية إضفاء طابع المهنية على القطاع٬ بغية الرفع من نجاعته والسير به نحو اعتماد أفضل للممارسات المالية. ومن جهة أخرى٬ فإنه من الضروري الحرص على خلق تفاعل كبير بين مختلف البرامج الموجهة إلى السكان المعوزين٬ تحقيقا للمزيد من التكامل والنجاعة في ما بينها. ونود في هذا الصدد٬ إبراز المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي تحققت بفضلها نتائج ملموسة في مجال محاربة الفقر والتهميش والهشاشة٬ علما أن الأنشطة المندرجة في إطارها تشمل تمويل عدد من الأنشطة المدرة للدخل والكفيلة بخلق فرص للشغل. وفي نفس السياق٬ يتعين على السلطات العمومية العمل على إضفاء المزيد من التنسيق بين النشاط المرتبط بقطاع التمويل الأصغر والسياسة الوطنية للتنمية الاجتماعية والسياسات العمومية القطاعية. كما نهيب بالحكومة نهج مقاربة تقوم على الإصغاء والتشاور مع كافة الفاعلين المعنيين بهدف خلق مناخ مؤسساتي تنافسي سليم يكفل التطوير المتناغم لقطاع التمويل الأصغر ويساعد على الاندماج التدريجي لهذا القطاع ضمن المنظومة المالية الشاملة. لذا٬ ينبغي العمل بقوة على دعم الإرادة المعبر عنها من لدن الفاعلين في مجال التمويل الأصغر على الصعيد الوطني٬ من أجل الإسهام في تحقيق التنمية في بلادنا عموما وإنعاش قطاع التشغيل الذاتي على وجه الخصوص. كما ندعو مختلف المتدخلين الوطنيين والدوليين إلى مواصلة دعمهم للفاعلين في مجال التمويل الأصغر٬ لتمكينهم من مواجهة التحديات وكسب الرهانات الأساسية المطروحة٬ في خضم عالم دائم التحول والتغيير. وهنا تكمن أهمية انخراط النظام المالي الوطني والدولي في عملية مواكبة القطاع٬ لاسيما في هذه الظرفية الاقتصادية الصعبة٬ ذلك أن العمل على تمويل مشاريع مدرة للدخل وكفيلة بإحداث مناصب للشغل٬ لاسيما لفائدة النساء والشباب٬ من شأنه الإسهام في تخفيف الأعباء التي تثقل كاهل السكان المحرومين. حضرات السيدات والسادة٬ إننا ننوه بانعقاد هذا المنتدى الدولي الأول للتمويل الأصغر بالمغرب٬ واثقين أن هذا اللقاء سيشكل فضاء لتبادل الآراء والتفكير بشأن القضايا التي تطرقنا لها في هذه الرسالة٬ بما فيها الرهانات الكبرى التي ينطوي عليها قطاع التمويل الأصغر٬ وكذا آفاقه المستقبلية ونجاعة الأنشطة المرتبطة به واستمراريتها٬ فضلا عن الدور الذي يضطلع به القطاع لتحقيق تنمية بشرية مستدامة. وإذ نرجو لضيوفنا في هذا الملتقى مقاما طيبا٬ فإننا ندعو للجميع بكامل التوفيق والنجاح في أشغالهم. والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته".