فقد المغرب في شخص المصطفى ساهل٬ الذي توفي، أول أمس الأحد، في الرباط٬ رجل دولة مرموقا ودبلوماسيا كبيرا كرس حياته لخدمة بلاده بروح وطنية عالية وتفان مشهود له. ويعد الراحل٬ الذي ولد سنة 1946 في أولاد فرج (الجديدة)٬ إحدى الشخصيات البارزة للدولة٬ التي وضعت منذ ريعان شبابها المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار٬ خدمة للورش الكبير لجلالة المغفور له الملك الحسن الثاني٬ المتمثل في بناء مؤسسات الدولة٬ وللمشروع الطموح لصاحب الجلالة الملك محمد السادس من أجل توطيد دولة الحق والقانون. وتميز المسار المهني لهذا الموظف السامي بالتفاني في خدمة المصلحة الوطنية، خلال تقلده مختلف المناصب والمسؤوليات الرفيعة٬ ومنها منصب مدير عام صندوق التجهيز الجماعي٬ وعضو المجلس الإداري للصندوق العربي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية٬ ومنصب وزير الصيد البحري والملاحة التجارية (1995-2001)، ثم منصب والي جهة الرباط- سلا- زمور- زعير ما بين 2001 و2002. كل ذلك بوأ الراحل مكانة متميزة بالإدارة الترابية٬ وهو المسار الذي توج بتقلده منصب وزير للداخلية بين 2002 و2006. ولدى تقلده هذا المنصب٬ أبان الراحل مرة أخرى عن كفاءة في تكريس المفهوم الجديد للسلطة٬ وخدمة المصلحة العامة لجعل مؤسسات الدولة تكتسي مزيدا من المصداقية والحياد. ووفاء منه لمبادئه٬ سرعان ما فرض المصطفى ساهل نفسه كإحدى الشخصيات البارزة في الدبلوماسية المغربية. ومكنته شخصيته الكاريزمية وقدرته على التحليل من شغل منصب مهم، هو منصب السفير الممثل الدائم للمملكة المغربية لدى الأممالمتحدة. كما عين بعد ذلك سفيرا للمملكة في فرنسا٬ قبل أن يصاب بالمرض. ولم يفتأ الراحل٬ طوال حياته المهنية٬ التدرج في تولي المسؤوليات٬ حرصه الوحيد في ذلك خدمة وطنه وملكه٬ كما أبان عن ذلك خلال مساره المهني المتميز والفريد وتعامله مع مجريات السياسة٬ إذ اتسم عمله بطبعه الهادئ وبتحليه بنكران الذات. ولا ريب أن تعيينه يوم خامس أكتوبر 2011، من قبل جلالة الملك مستشارا في الديوان الملكي٬ يعكس لوحده قيمة هذا الرجل الذي شق طريقه بنجاح في دواليب الدولة. لقد كان المسار المهني للراحل عبرة قيمة في الريادة والمثابرة في تدبير الشأن العام٬ ما مكنه من أن يكون نموذجا للأجيال الصاعدة.