بلغ عدد الخبرات التي قام بها المختبر العمومي للتجارب والدراسات، بعد تسجيل مجموعة انهيارات في منازل المدينة القديمة بالدارالبيضاء، في الآونة الأخيرة، حوالي 2000 خبرة، صنفت إلى حد الآن 300 منزل آيلة للسقوط في خانة الخطر، جرى إخلاؤها من قاطنيها. وقال كمال الديساوي، رئيس مقاطعة سيدي بليوط، إن السلطات في المدينة القديمة أمام وضيعة استعجالية وكارثية، بوجود دور تهدد حياة قاطنيها في أية لحظة، مشيرا إلى أن هناك برنامجا استعجاليا لمواجهة هذه الإشكالية، تسهر عليه لجنة محلية تضم مصالح العمالة، ومقاطعة سيدي بليوط، والجماعة الحضرية للدارالبيضاء، ووزارة الإسكان، والوكالة الحضرية للدارالبيضاء، وشركة "صوناداك". وأوضح الديساوي، في تصريح ل"المغربية"، أن اللجنة المحلية أوكلت إلى خبراء المختبر العمومي للتجارب والدراسات، مهمة إجراء خبرات حول المنازل، مهمتها تحديد الدور الآيلة للسقوط، ودرجة الخطورة فيها، مشيرا إلى أنه جرى تصنيف نتائج الخبرات في 3 خانات، خانة (أ)، دور آيلة للسقوط في أي لحظة منذ الآن، ويجب أن تهدم، وأن تعطاها أولوية الأولويات، خانة (ب)، دور آيلة للسقوط لكنها لا تشكل خطرا محذقا في الوقت الراهن، خانة (س)، دور آيلة للسقوط يمكن صيانتها وتدعيمها. وأبرز كمال الديساوي أن منهجية اللجنة تتوخى دارسة علمية للوضعية، إذ تبين لحد الآن من خلال أزيد من 2000 خبرة أنجزت، وجود قرابة 300 منزل تشكل خطرا على قاطنيها، وأضاف "انطلاقا من نتائج الخبرة، تعمل اللجنة على صياغة قرارات للهدم، أو التذكير بقرارات الهدم في ما يخص الدور التي سبق وأن صدرت في حقها، موقعة من قبل رئيس مجلس الجماعة الحضرية للدارالبيضاء، ووالي جهة الدارالبيضاء بتفويض من وزير الداخلية، ثم التبلغ بشكل استعجالي إلى المعنيين بالأمر، ويطلب منهم مغادرة المنزل لأن حياتهم توجد في خطر، ويصبح أمر تنفيذ إخلاء المنازل موكولا إلى السلطات المحلية". وذكر رئيس مقاطعة سيدي بليوط أن الأسر المعنية بقرارات الهدم، وإخلاء المنازل بشكل استعجالي، وجدت نفسها أمام خيارين في انتظار إعادة إيوائها، الأول، إما أن تتدبر سكنا مؤقتا بمعرفتها لدى الجيران أو العائلة، والثاني هو السكن المخصص لها من قبل اللجنة بمدرستين وملعب جرى تجهيزها لهذا الغرض. وشدد كمال الديساوي على أن الأولوية في إعادة الإيواء تعطى للأسر التي صنفت منازلها في خانة الخطر وأخلت منازلها، مشيرا إلى أن اللجنة عبأت لهم قرابة 250 شقة، إذ تسلمت 120 أسرة شققها، في حين أن 120 أسرة أخرى بصدد استكمال الإجراءات البنكية والإدارية، بعدما أجرت القرعة في ما بينها. وأفاد الديساوي أن اللجنة المحلية تعمل على تعبئة شقق أخرى، إذ التزمت شركة "صوناداك" بتوفير قرابة 350 شقة قبل متم السنة الجارية، مشيرا إلى أنه داخل الأسوار، عبأت شركة إدماج سكن هي الأخرى، قرابة 100 شقة في إطار برنامج المدينة القديمة، الموكول أمر تدبيره إلى الوكالة الحضرية. وشدد كمال الديساوي على أن البرنامج الاستعجالي الذي تباشره اللجنة المحلية سيحل بعض المشاكل الآنية، ولن يحل الإشكالية في عمقها، التي تهم حوالي 20 ألف أسرة في المدينة القديمة. وأكد الديساوي أن هذه الإشكالية لا يمكن حلها على الصعيد المحلي، من قبل المقاطعة أو العمالة، بل تتطلب استراتيجية من قبل الحكومة، لحل إشكالية الدور الآيلة للسقوط على صعيد الدارالبيضاء ككل، حيث توجد 72 ألف أسرة، أزيد من 30 ألف أسرة منها تقطن في درب السلطان، و20 ألفا في سيدي بليوط. وأعلن الديساوي أن الآليات التي خلقت لحل هذه الإشكالية في المدينة القديمة أبانت عن فشلها، لأنه منذ ربع قرن لم ينجز مشروع المحج الملكي، إذ أنه من أصل 12500 أسرة كانت محصية سنة 1989، للترحيل في إطار هذا المشروع، لم يرحل سوى حوالي 3000 أسرة منها، وبالتالي إذا أردنا حل الإشكالية بالوتيرة التي تسير بها شركة "صوناداك"، فسننتظر قرنين من الزمن، وهو أمر غير مقبول. واقترح رئيس مقاطعة سيدي بليوط خلق وكالة حضرية للتجديد العمراني، تمنح لها الوسائل القانونية، من خلال منحها صلاحيات نزع الملكية في حالة النزاعات وتشكيل المنزل حالة خطر على قاطنيه، بالإضافة إلى منحها، أيضا، الوسائل البشرية الكفيلة بالاهتمام بهذا المشروع، وكذا الموارد المالية الضرورية لذلك. وبعد أن أعلن أن الجماعة الحضرية للدارالبيضاء غير قادرة على حل إشكالية الدور الآيلة للسقوط، شدد كمال الديساوي على أن الأمر يتطلب تدخل الدولة، لأن هذه الأخيرة تتوفر على كافة الوسائل الضرورية لذلك، وعلى رأسها الموارد المالية، التي تأتيها من الضريبة على الإسمنت التي تذهب إلى صندوق السكن الاجتماعي. وأضاف قائلا "كما يقال وداوني بالتي كانت هي الداء، يجب أن نعالج مشكل الدور الآيلة للسقوط بالضريبة على الإسمنت، مادام الإسمنت هو الذي يتسبب في قتل قاطني الدور الآيلة للسقوط".