كريمة غانم شابة مغربية، متخصصة في التواصل والإعلام التنموي، وباحثة في الحكامة و التدبير العمومي. ساعدتها تجربة أكثر من 10 سنوات خبرة في برامج الشباب والمجتمع المدني، لتمثل المغرب في عدد من الملتقيات الدولية، وتقدم تلك الصورة النموذجية للشباب المغربي الكفء، والقادر على المشاركة في بناء المغرب الحديث. شاركت كريمة غانم في برنامج السفراء الشباب القياد في العالم العربي المنعقد بالولايات المتحدةالأمريكية سنة 2003، وفي مؤتمر الأممالمتحدة للشباب في2011، بنيويورك، مساهمة بذلك في التعريف بالمغرب وقضاياه، وتجربته كبلد له مكوناته الثقافية، واللغوية، والجغرافية. ولا تتوانى في كل المحافل التي تحضرها في تقديم النموذج المغربي، في ما يخص حقوق المرأة وتكافؤ الفرص، ومناقشة السياسات العمومية الموجهة للشباب والمجتمع المدني. انتخبت، أخيرا، رئيسة للجمعية المغربية للتنمية والدبلوماسية الموازية. وحصلت من طرف مؤسسات دولية على شهادات تشريفية وتقديرية لروح الابتكار والتدبير لمجموعة من المشاريع، التي تهم الشباب والمجتمع المدني. عن هذا المسار ودور الشباب في التنمية والديبلوماسية الموازية تتحدث كريمة غانم في هذا الحوار: - أنت اليوم رئيسة للجمعية المغربية للتنمية والدبلوماسية الموازية .. ما هي مهمة هذه الجمعية بالضبط؟ - على اعتبار الخطوات الطموحة والمبادرات الجادة، التي أطلقها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، في خطابه ليوم 9 مارس 2011، الذي يتضمن فتح إصلاحات جوهرية وعميقة تأسس لمغرب جديد متفاعل مع قضاياه السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية، والتنموية المندمجة، اتحدت إرادة مجموعة من المغاربة العاملين في المنظمات المغربية والأجنبية، المعتمدة بالمغرب، المتخصصة في قطاع التنمية والدبلوماسية، لتأسيس "الجمعية المغربية للتنمية و الدبلوماسية الموازية"، ووضعت بين أهدافها دعم المشروع المجتمعي بشأن الإصلاحات الدستورية، ومرتكزات خطاب 9 مارس، إضافة إلى تثمين مجال الدبلوماسية الموازية، التي تخدم القضايا الوطنية للبلاد. الجمعية تهدف أيضا، إلى تثمين العلاقات بين المغرب ودول صديقة عبر الدبلوماسية الثقافية، تعرف بالمغرب وقضاياه وتساهم في تطوير العلاقات الثنائية بين الشعب المغربي، وشعوب دول أخرى. وتعطي الجمعية أيضا أولوية لخدمة قضايا الشباب والمجتمع المدني، وتخليق الحياة العامة، والمساهمة في الحملات التحسيسية والتوعوية، حول مجموعة من القضايا عبر الإعلام العمومي والبديل. - كيف كانت مشاركتك في المؤتمر الدولي حول الدبلوماسية الثقافية المنعقد في كل من جنيفوبرلين أخيرا؟ بمعنى آخر، هل من إضافة نوعية لرصيدك وتجربتك في مجال التواصل؟ - أولا، كل مشاركة هي تجربة نوعية في حد ذاتها، وهذا يرجع إلى اختلاف المواضيع وطبيعة المشاركين، ومكان انعقاد المؤتمر. وهذا التنوع الموضوعاتي والثقافي يخلق لك رغبة في الاكتشاف، والمعرفة والحوار، والتواصل، ثم تبادل الخبرات والتشبيك. أهم شيء تعلمته من خلال المؤتمر هو أن الدبلوماسية الموازية لها عدة أبعاد، المدنية والبرلمانية والثقافية والتنموية إلى غيرها. وكل بعد له إستراتيجيته، وطريقة اشتغاله. كما كانت لنا الفرصة للالتقاء بالعديد من السفراء، والبرلمانيين، والوزراء للعديد من الدول الأوربية والأسيوية والإفريقية، هذا بالإضافة إلى مسؤولين بمنظمة الأممالمتحدةبجنيف، الذين تحدثوا عن أهمية الدبلوماسية الثقافية في تعزيز التنمية المستدامة. وأعطى المؤتمر أهمية كبرى لدور المجتمع المدني في تثمين ثقافة الحوار والسلام والتسامح بين شعوب العالم، عبر الدبلوماسية الثقافية. أما في ما يخص القطاع الخاص والمانحين الدوليين، فكان التركيز على أهمية التقريب بين ثقافة هذه المقاولات والمؤسسات من أجل تطوير برامج مستدامة يكون محورها تنمية قدرات المؤسسات الحكومية وغير الحكومية المحلية لامتلاك هذه المشاريع من أجل ضمان استمرارها. المؤتمر كان فرصة للتعريف بالمغرب، من خلال طرح بعض الأمثلة عن تجربة المغرب في مجالات متعددة. وقد قدمت لمداخلة حول الأدوار الجديدة للمجتمع المدني بعد الربيع العربي ودستور 2011، في الجزء المتعلق بالقيادات الشبابية بالبرنامج. كما كانت لي الفرصة للتباحث مع مؤسسة الدبلوماسية الثقافية حول إقامة بعض المشاريع المشتركة مع المؤسسة بالمغرب، في أواخر 2012 أو أوائل 2013، ولاقى ذلك ترحيبا من المؤسسة، خصوصا أنها مقبلة على تنظيم أول مؤتمر مشترك بين ألمانيا والمغرب، في برلين في غشت المقبل. وبما أن الدراسات و الأبحاث في مجال الدبلوماسية الثقافية شبه منعدم، سوف أعمل أولا على نقل التجربة إلى المغرب، ودراسة إمكانية تطبيقها وملائمتها مع الخصوصية المغربية. - ما هي الفكرة التي تقدمها كريمة غانم في الملتقيات الدولية عن المرأة المغربية وحقوقها، وتكافؤ الفرص؟ - مسار الحركة النسائية بالمغرب تجربة متميزة، يمكن لمجموعة من الدول، خصوصا العربية، الاستفادة منها، و يتجلى ذلك في المنهجية التي اتبعتها في فتح قنوات الحوار والتواصل مع المؤسسات العمومية، في الترافع حول حقوق المرأة، والضغط عبر أساليب متعددة، لتحقيق مجموعة من المكتسبات، أهمها مراجعة مدونة الأسرة، وقانون الجنسية، وأيضا من خلال تشجيع مشاركة النساء في الانتخابات البرلمانية والجماعية، وإحداث لجان تكافؤ الفرص بالجماعات الترابية، وتجربة النساء المقاولات، وسياسات إدماج النساء لخلق مشاريع مدرة للدخل عبر القروض الصغرى إلى غير ذلك. وأرى أن أهم مكسب حققته الحركة النسائية هو مصادقة البرلمان على ميزانية النوع، التي أعتقد أنها التجربة الأولى في العالم العربي. هذه هي المعطيات والانجازات، التي أسعى أن أقدمها في أي مؤتمر أو ملتقى دولي، وأجد أنها تلقى اهتماما كبيرا من قبل المتتبعين من المشاركين، الذين غالبا ما أواصل معهم النقاش، أثناء الاستراحة أو بعد الجلسات للمزيد من التوضيحات. - كيف تقيمين أداء الشباب المغربي من حيث المهارة القيادية؟ وما هي إمكانياته حتى الآن لمساهمة فعالة في التنمية؟ - أظن أن الدينامكية التي خلقها المجتمع المدني ساهمت بشكل كبير في بروز العديد من القيادات الشبابية المغربية، التي أصبحت تقود مشعل التغيير، ولها إمكانية تدبير فعال لمشاريع التنمية. لكن الإشكالية أن هذه المهارات لا تمتد إلى جل الفاعلين في المجتمع المدني. بحيث ترتبط فقط ببعض الفعاليات. أظن أنه من المهم إيصال المعرفة، وتنمية قدرات المجتمع المدني، كمؤسسات وكأفراد، ليساهموا في التنمية المحلية. - كنت المغربية الوحيدة من بين 600 شاب من دول العالم ضمن مؤتمر الأممالمتحدة السنوي للشباب في نيويورك، العام الماضي.. كيف استطعت إيصال صوت الشباب المغربي، وترك بصمته داخل هذا المؤتمر؟ - كنت أتمنى أن يكون هناك العديد من الشباب المغاربة في المؤتمر، لكن رغم أنني المشاركة المغربية الوحيدة ممثلة آنذاك "المنتدى المتوسطي للشباب"، لكني ساهمت في التعريف بالمغرب، وبالحراك المجتمعي الذي عرفته المملكة، خصوصا قبل دستور 2011، وتحدثت عن المبادرات المدنية في مجال الترافع، فضلا عن مشاركة الشباب في تقديم مقترحات لتعديل الدستور وغيرها. ولاحظت اهتماما كبيرا تجلى في العديد من الرسائل التي تلقيتها، سواء في ما يخص معرفة التطورات في مجال المرأة أو الشباب، أو المجتمع المدني، أو التعبير عن إمكانية حدوث شراكات مستقبلية. كما ساهمت مع قيادات شبابية عربية في تأطير ندوة حول دور الوسائط الاجتماعية في اندلاع الربيع العربي، وتأثيرها على الشباب، وكان صداها إيجابي جدا كذلك. - ما هي الرسالة التي تحاولين تبليغها دائما، للشباب المغربي أولا، ولشباب العالم بشكل عام، خلال مشاركاتك في كل هذه المنتديات والمحافل الدولية؟ - أريد دائما أن يكون الشباب هو التغيير، أن ينطلق من نفسه أولا، لكي يستطيع أن يعكس ذلك على الآخرين، أن يعمل وفق مبادئ لكي يحقق التغيير الايجابي، هذا الأخير يتطلب جهدا وصبرا، لأنه لا يأتي بسرعة. أريده أن يبتعد عن الانتهازية، وأن لا يحاول الوصول على حساب الآخرين، وأن يبتعد عن الاتكالية، أن تكون له روح المبادرة و الابتكار، ورؤيا واضحة لما يريد أن يحقق، وأن لا يستسلم، لأن مسافة الألف ميل تبدأ بخطوة، أن يتشبث بهويته ووطنه، وموروثه الثقافي مع انفتاحه على ثقافات أخرى، وتشبثه بقيم التسامح والسلام والحوار الثقافي، و قبل كل شيء أن يطلب العلم، ويكون نفسه لكي يتمكن من المساهمة في تطوير بلده. بالنسبة لشباب العالم، أقول لهم أن ينفتحوا أيضا على الشباب المغربي والعربي، و أن يبدلوا جهدا أيضا لتعلم لغاتنا، واكتشاف ثقافاتنا، كما نفعل نحن معهم. إن لدينا طاقات ومؤهلات شابة ليس كما يقرؤون في كتب المستشرقين، أو ما يشاهدون ويسمعون عن طريق الإعلام. أطلب منهم أن يشاركوا في برامج التبادل الثقافي مع الدول العربية، رغم أنها قليلة مقارنة مع البرامج الأوروبية والأمريكية، لكي يتمكنوا من تصحيح المغالطات التي لديهم عن العرب والمسلمين بصفة عامة، و أن يتعرفوا عن قرب على التنوع الثقافي والديني في البلدان العربية، هذا بالإضافة إلى إمكانية الاستفادة من خبرات الشباب العربي في مجالات متعددة، كما يمكنهم أن ينقلوا تجاربهم الغنية إلى الشباب العربي، بهدف إمكانية تطبيقها وملائمتها مع الخصوصيات الثقافية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية للبلد المستفيد.