صراخ وأدخنة ونيران تشتعل، وأشخاص يركضون هنا وهناك، صفارات إنذار تشتغل وإغماءات، أصوات سيارات الإسعاف وسيارات الوقاية المدنية لحمل المصابين وتقديم المساعدات الطبية، أشخاص مصابون في الرأس، دماء وطوق أمني وصراخ... (أيس برس) لا يتعلق الأمر بأحداث أحد أفلام "الأكشن"، أو عرضا مسرحيا، بل وقائع لحوادث يفترض حدوثها داخل مطار محمد الخامس. إنها تمارين لاختبار مخطط تدبير الحالات الطارئة داخل المطار، جرت صباح أمس الثلاثاء بمطار محمد الخامس، بتنسيق مع كافة الفاعلين المعنيين بسلسلة سلامة العمليات المطارية. يعتبر برنامج الحالات الطارئة بالمطارات«SAFEXO 01» أول تمرين من نوعه بالمغرب، ويتعلق بسلامة الطيران المدني، إذ يرتكز بصورة أساسية على محاكاة بعض الحالات الطارئة بالمطار. ويأتي هذا التمرين بعد خمسة تمرينات للأمن، نُظمت بالمطارات المغربية. الكل متأهب، رجال إطفاء، وأطباء وممرضون، وسيارات إسعاف، ورجال الدرك الملكي، والسلطات المحلية والوطنية، وأطر المكتب الوطني للمطارات، التمرين الأول داخل محطة الخروج بالمطار، والتمرين الثاني داخل مركز البضائع، والثالث داخل الطائرة، ثم استقبال عائلات المسافرين، لتنفيذ خطة السيناريو، الذي يستند إلى سلسلة من الأحداث المتلاحقة والمعروفة حصريا من طرف الفريق المكلف بالإعداد لتقييم مخطط الطوارئ الموضوع بهذا المطار، بغية تحسينه وتطويره. هذه العملية، التي أشرفت على الإعداد لها جميع مصالح المطار لتقييم إجراءات السلامة داخل هذه المنشأة، لمدة تزيد عن ثلاثة أشهر، كما قال المنظمون، شارك فيها أكثر من 400 شخص لتمثيل وقائع الأحداث والتدخلات المرتبطة بمصاريف داخلية غير مكلفة، خاصة أن من أجروا هذه التمارين هم أطر يعملون داخل المكتب الوطني للمطارات، والوقاية المدنية، والدرك الملكي، والأمن الوطني، ومصلحة التطبيب، وبإشراف أزيد من أربعة عشر مراقبا تابعوا عمليات التدخل عن كثب. التمارين، التي انطلقت من بهو محطة الإركاب، كانت عبارة عن حريق تسبب فيه عاملان ونشب في مطعم، وجرى الإبلاغ عنه قبل أن تزيد حدته في دقائق، لينطلق استعمال وسائل الإطفاء الخاصة بالمطار، في انتظار حضور رجال الوقاية المدنية لإنقاذ كل من كانوا عالقين بمرافق المحطة، كما وصلت سيارات الإسعاف في صورة أقرب إلى وقائع حقيقية لنقل المصابين نتيجة الحريق. كان الحدث الثاني ضمن مشاهد التمرين بمطار محمد الخامس، قبالة مخزن للبضائع بالمحطة الجهوية، حيث ارتكب أحد المستخدمين خطأ بصبه الماء على مادة خطيرة مشتعلة غير قابلة للإطفاء، ما تسبب في إصابته بحروق وإغماءات وسط زملائه، لتتدخل كل الأجهزة من جديد، بعد تنسيق سريع ودقيق لمحاصرة الحريق. بعد ذلك، انتقل ممثلو مشاهد التمارين إلى النقطة الثالثة، حيث تسرب غاز سام بداخل طائرة، اضطر ربانها إلى العودة والهبوط بالمطار بعد مدة قصيرة من الإقلاع باتجاه مطار أكادير. وبمجرد وصول الطائرة، شرع فريق القيادة في إنزال المسافرين عبر سلم الطوارئ الخلفي، ومغادرة الطائرة المهددة بالانفجار في أي لحظة. كما حضرت إلى المكان فرق التدخل السريع التابعة للأجهزة المشاركة في عملية السلامة، من أجل التدخلات اللازمة. قال إبراهيم لخليفي، مدير قطب الاستغلال المطاري بالمكتب الوطني للمطارات، إن المغرب يمتلك إمكانات متطورة في مجال السلامة في ما يخص الطيران المدني، موضحا، في تصريح ل"المغربية"، أن التدخلات من هذا النوع تحترم المعايير الدولية على مستوى فعالية منظومة القيادة لمختلف المتدخلين، والتنسيق مع المصالح الخارجية، والتعامل مع الضحايا، وكذا الملاءمة بين مساطر وقواعد التدخل لمختلف المصالح والشركاء المعنيين. من جهتها، أبرزت كريمة بنعدرية، رئيسة قطاع التخطيط والتقييم بالمكتب الوطني للمطارات، أن هذا التمرين عرف مشاركة أكبر عدد ممكن من موظفي وأطر المكتب على مستوى المطارات المغربية، من أجل تمكينهم من الاستفادة من هذا الاختبار، وكذا تعزيز إمكاناتهم في مجال التدخل السريع في حالات الطوارئ.