احتفل العالم أمس باليوم العالمي للمرأة، وكان احتفالنا به في المغربية ذا طابع خاص، ولا يسعني إلا أن أقدم باقة ورد لكل النساء المهمشات اللواتي يعشن خلف جبال الأطلس المتوسط والأطلس الكبير، ولا يعرفن أن ثامن مارس هو يوم عالمي للاحتفال بالمرأة، ومناسبة للاعتراف بعطاء النساء في مجالات عديدة. تحية إجلال وتقدير للمرأة المغربية القروية، التي عانت الكثير، ومازالت تعيش ظروفا صعبة، دون أن يفكر أحد من المسؤولين في الاعتراف بعملها. نساء عصاميات يشتغلن أكثر من الرجال، لا يعرفن الملل ولا الكلل من العمل داخل البيت ووسط الحقول، المعلقة فوق سفوح الجبال. نساء يشتغلن أربعا وعشرين ساعة دون أجر، ولا يطالبن بتعويض عن الساعات الإضافية، لا يعرفن شيئا عن مدونتي الشغل والأسرة، يعشن بعفوية وتلقائية، ولا يلتفتن إلى عقارب الساعة، ويجهلن كل شيء عن حقوقهن الشرعية والقانونية. نساء متزوجات منذ أكثر من 30 سنة دون عقود زواج، وبلا بطاقات التعريف الوطنية، وليست لديهن دراية عن الحملة التحسيسية الوطنية لتوثيق ثبوت الزوجية، التي أشرف عليها وزير العدل السابق، محمد الناصري، بتنسيق مع وزارة الداخلية، تفعيلا لمقتضيات المادة 16 من مدونة الأسرة المتعلقة بتوثيق عقود الزواج. نساء منسيات، يشمرن على سواعدهن منذ بزوغ الفجر، ويقطعن مسافة ساعتين لحمل الحطب ورعي الغنم، ولا يعدن إلى البيوت الطينية إلا عند غروب الشمس، بينما الرجال "يسلخون" الوقت في لعب النرد وتدخين "السبسي". آثرت أن أشرك في الاحتفال نساء قرية إمي أونولاون، ودواوير تاسكيوالت، وأيت عفان، وإشباكن وإمزري، المحاصرات بالثلوج منذ حوالي ثلاثة أشهر خلف جبال الأطلس الكبير، ونطالب الضمائر الحية، من مسؤولين، وفاعلين جمعويين، بالالتفات إلى هؤلاء النساء وانتشالهن من براثن الجهل والتهميش. مهما قلنا عن هؤلاء النساء، فلن نفيهن حقهن، هن أمهات فقدن أجنتهن خلال مرحلة المخاض، بسبب غياب المراكز الصحية والتطبيب، ومنهن من قطعن مسافة أزيد من 200 كيلومتر على ظهور البغال، ومنهن من وضعت رضيعها على سفح الجبل. نساء فقدن أجنتهن وأخريات فارقن الحياة في طريقهن إلى المستشفى الإقليمي بورززات، دون أن تتحرك وزارة الصحة لبناء دار للمولدة، لإنقاذ حياة الأم والطفل. يبقى الاحتفال الحقيقي بعيد المرأة، هو أن تنتقل النساء الفاعلات والمسؤولات في مجالات عديدة، ويحملن معهن مشاريع لهؤلاء النساء المهمشات، ولتحسيسهن بدورهن في المجتمع، وبواجب الدولة والمجتمع تجاههن.