وجدت النتائج النهائية للانتخابات التشريعية، التي جرت الجمعة بالمغرب، صدى واسعا في العديد من وسائل الإعلام العربية والدولية، التي وصفت استحقاق 25 نونبر بالحدث التاريخي، الذي أبان عن أن الديمقراطية في المغرب بلغت مرحلة النضج وأنه خلاف التنبؤات المتشائمة لبعض الجهات، كانت لمشاركة المغاربة في هذه الانتخابات دلالات سياسية قوية عكستها النتائج المعلنة، التي أفرزت قوى سياسية جديدة وعبرت عن جنوح المغاربة إلى التغيير لكن عبر صناديق الاقتراع، وليس بواسطة العنف والعنف المضاد. وفي هذا السياق، سجلت وسائل الإعلام الايطالية مناخ الشفافية والهدوء الذي طبع أجواء الاقتراع في المغرب، والتقدم الملحوظ، الذي حققه حزب العدالة والتنمية. وأجمعت وكالات أنباء وصحف وقنوات تلفزيونية ومواقع إخبارية، استنادا إلى شهادات وتصريحات مراقبين وفاعلين سياسيين من مختلف المشارب، على اعتبار الاقتراع انتصارا للديمقراطية بالمغرب وقفزة إضافية تعزز البنيان الصلب الذي يرسيه المغرب من خلال تفعيل إصلاحات طموحة سياسية ودستورية. وأبرزت يومية "إل صول 24 أوري"، في هذا الصدد، أن هذه الانتخابات تبشر "بعهد جديد" بالنسبة للمغرب حيث الأحزاب السياسية والبرلمان مدعوون للاضطلاع "بمسؤولية جسيمة" طبقا لمقتضيات الدستور الجديد، الذي أقره استفتاء فاتح يوليوز. وبعد أن لاحظت الارتفاع النسبي في نسبة المشاركة في الاقتراع (40،45 في المائة) مقارنة مع مثيلتها المحققة في 2007 (37 في المائة)، اعتبر كاتب المقال أن هذه النسبة تشكل "إشارة إخفاق" لأولئك الذين دعوا إلى مقاطعة الانتخابات. وتوقفت الصحيفة التي استعرضت النتائج المحققة حتى الآن من قبل مختلف الأحزاب المتبارية عند فوز حزب العدالة والتنمية بوصفه "حزبا سياسيا بتاريخه الخاص، اضطلع بدوره الخاص داخل المعارضة البرلمانية ويحترم الدستور ومبادءه وقواعد اللعبة الديمقراطية". وأكد الكاتب أن هذا الحزب لا صلة له بالتاريخ السياسي لحركات أخرى قد ينحو البعض إلى حسابه عليها. وكتبت "إل صول 24 أوري" أن العدالة والتنمية أعرب عن استعداده، بلسان أمينه العام، عبد الإله بنكيران، لتشكيل "حكومة ائتلاف" تشارك فيها أحزاب سياسية أخرى. ورصدت، في هذا السياق، تصريحات رئيس الحكومة (والأمين العام لحزب الاستقلال) المنتهية ولايته، عباس الفاسي، التي عبر فيها عن استعداد حزبه للمشاركة في حكومة من هذا القبيل. ولاحظت الصحيفة أن العدالة والتنمية يدرك جيدا المسؤولية، التي تنتظره. صحيح أنه، في برنامجه المكون من 118 صفحة، يشير إلى العدالة وبعض الإحالات على الهوية الإسلامية، لكن الأمر يتعلق قبل كل شيء بمخطط مفصل للتنمية ومكافحة الفساد. ووجدت الانتخابات التشريعية المغربية صداها، أيضا، في صحف أخرى مثل "لا ريبوبليكا"و "كورييرا ديلا سيرا". كما حظيت الاستحقاقات باهتمام وكالات "أنسا"، "تي.إم نيوز"، و"إل فيلينو"، على غرار القنوات التلفزيونية مثل "راي نيوز" ومواقع إلكترونية إخبارية، مثل "إيطاليا غلوبال". الإعلام الروسي: الانتخابات في المغرب أفرزت معطى جديدا من جهته، كتب الموقع الإخباري الروسي "إلكتروني غورود"، أول أمس الأحد، أن "الانتخابات التشريعية، التي جرت في المغرب، مرت في أجواء ديمقراطية وأفرزت معطيات سياسية جديدة". وأضاف الموقع، في مقال بعنوان "الانتخابات البرلمانية في المغرب مرت في أجواء هادئة"، أن "المراقبين الدوليين والمغاربة أجمعوا على أن الانتخابات البرلمانية، التي جرت في المغرب، كانت شفافة وديمقراطية، كما أن الأحزاب المغربية عامة قادت حملتها في جو هادئ ومسؤول، وأعرب خلالها الناخبون المغاربة بحرية عن اختياراتهم وتطلعاتهم وانتظاراتهم". وأبرز أن "نجاح الانتخابات يعزز أبعاد الإصلاحات الدستورية، التي بادر إليها المغرب الصيف الماضي، والتي يرجى منها تعزيز مؤسسات البلاد وتوسيع مجال الحريات والحقوق ومنح مزيد من الصلاحيات للسلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية وضمان حرية الصحافة والتعبير". ورأى الموقع أن "فوز حزب العدالة والتنمية الإسلامي المعتدل بالمرتبة الأولى، حسب النتائج الأولية المعلنة، يعكس الأجواء الديمقراطية التي مرت فيها الانتخابات في المغرب، وهو ما قد يفتح للمعارضة المغربية الباب لترؤس الحكومة وتدبير الشأن العام ومباشرة الإصلاحات ذات البعد الاقتصادي والاجتماعي". كما رأى الموقع الروسي أن ارتفاع نسبة المشاركة في هذه الانتخابات مقارنة مع النسبة المسجلة في انتخابات 2007، يعطي الدليل على أن دعوات مقاطعة الانتخابات في المغرب لم تلق الآذان الصاغية، كما تعكس أن القاعدة الناخبة المغربية تسعى إلى التغيير في تدبير الشأن الحكومي عبر صناديق الاقتراع. الإعلام الإسباني : انتخابات مرت في أجواء الشفافية من جهته، أكد الموقع الإخباري الإسباني "أونبرميسيا"، الذي خصص ملفا خاصا عن الانتخابات بالمملكة، أن الاستحقاقات التشريعية المغربية جرت بشكل طبيعي وبشفافية. وقالت "أونبرميسيا"، التي أوفدت إلى المغرب مبعوثا خاصا لتغطية هذا الموعد الانتخابي، إن هذا الرأي يتقاسمه مع 300 ملاحظ دولي كانوا بعين المكان، وكذا الصحافيين الذي قدموا من جميع أرجاء العالم. وأبرز الموقع أن "جميع المراقبين الدوليين، الذين استطلعهم المبعوث الخاص للموقع الإسباني، أوضحوا الجو الطبيعي السائد يوم الانتخاب والعمل السليم لمكاتب التصويت". وينطبق الأمر على حالة يوسف بودانسكي (الولاياتالمتحدة)، الذي عبر عن "ارتياحه التام" لعملية التصويت. وأكد الملاحظ الأمريكي أن الجو الطبيعي الملاحظ، والسلوك السليم لجميع الأشخاص المتدخلين، وغياب الضغط حول مراكز الاقتراع، جعلت من المسلسل الانتخابي يمر في ظروف عادية. كما يشاطر وجهة النظر هذه قسطنطين ديغيراطو، نائب رئيس "أورو ديفانس رومانيا"، الذي أكد للموقع الإسباني أن "كل ما جرى ملاحظته في مكاتب التصويت يتماشى مع معايير مسلسل انتخابي طبيعي". الصحف الهندية: انتخابات تشريعية تاريخية في المغرب أبرزت الصحف الهندية، الصادرة أول أمس الأحد، سير العملية الانتخابية في المغرب، مؤكدة أن المملكة شهدت انتخابات تشريعية "تاريخية" في ظل دستور "ديمقراطي جديد". وكتبت صحيفة "هندوستان تايمز" أن هذه الانتخابات التشريعية "التاريخية" تشكل خطوة مهمة نحو تكريس المسلسل الديمقراطي، الذي انخرط فيه المغرب، مذكرة بالإصلاحات الدستورية الشاملة والعميقة، التي باشرها جلالة الملك محمد السادس. وأضافت الصحيفة في مراسلة لمبعوثها إلى الرباط أن هذه الاستحقاقت الانتخابية في المغرب "تعد الأولى من نوعها بعد إقرار الدستور الجديد، الذي استجاب بموجبه جلالة الملك محمد السادس لنبض شعبه"، مضيفة أن هذا الاقتراع يمثل خطوة مهمة على درب الانتقال الديمقراطي بالمملكة. واعتبرت "هندوستان تايمز" أن المغرب "يشكل، بفضل مجتمعه المنفتح، نموذجا للعديد من الدول العربية". ومن جانبها، اعتبرت صحيفة "تايمز أو إنديا" أن الانتخابات تكتسي أهمية بالغة بالنسبة للمغرب والمنطقة العربية برمتها، التي هزتها ثورات واحتجاجات الشارع، مطالبة بالمزيد من الديمقراطية. وأضافت الصحيفة أن نسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية الحالية بلغت 45 في المائة من أصل 13,5 مليون ناخب، وهو ما يمثل "تقدما ملموسا" مقارنة مع الانتخابات السابقة، التي سجلت 37 في المائة. من جانبها، أبرزت عدد من الصحف الهندية، من ضمنها صحيفة "ذا هندو"، بعض المعطيات التقنية الخاصة بالانتخابات التشريعية في المغرب، والمتعلقة بعدد الناخبين والمنتخبين والأحزاب السياسية المشاركة في الاقتراع والمقاعد المتنافس عليها ، مشيرة إلى أن النتائج الأولية تؤكد فوز حزب "العدالة والتنمية " بهذه الاستحقاقات. صحيفة مالية: الديمقراطية المغربية بلغت مرحلة النضج بدورها، أولت صحيفة (الفجر) المالية المستقلة اهتماما للتطورات المهمة، التي حققتها الديمقراطية المغربي خلال العشرية الأخيرة، والتي مكنت من إجراء الانتخابات التشريعية، الجمعة الماضي، في جو من السلم والحرية. وأكدت الصحيفة، في مقال تحت عنوان "مملكة تنجز تغييرات جذرية"، أن الانتخابات التشريعية ليوم 25 نونبر "تندرج في سياق الانتقال الديمقراطي المغربي، الذي يبدو أنه بلغ مرحلة النضج، والذي أصبح لمكتسباته تأثير على سلوك مختلف الفاعلين". وبعدما استعرضت حصيلة الإصلاحات السوسيو- اقتصادية والسياسية "المتعددة"، التي عرفها المغرب خلال السنوات الأخيرة، أبرزت الصحيفة أن هذه الإصلاحات الهيكلية "تستلزم وقتا كبيرا على مستوى النتائج"، مضيفة أن التأثيرات "الإيجابية" للانتقال الديمقراطي "يجري استشعارها بشكل تدريجي، خاصة على مستوى عيش المواطن المغربي". وسجلت اليومية المالية أنه على عكس غالبية البلدان العربية، التي عرفت اضطرابات اجتماعية، جرت المظاهرات بالمغرب في جو من الحرية والسلم، واقتصر دور قوى الأمن في حماية النظام العام، موضحة أنه من بين الخصوصيات الأساسية للنظام السوسيو- سياسي المغربي هناك "التفاعل البنيوي بين الشعب المغربي والملكية، التي تعتبر رمز الوحدة الوطنية". كما أبرز كاتب المقال عملية مراجعة الدستور، الذي جرت الموافقة عليه بواسطة الاستفتاء، مذكرا بالإصلاحات التي أطلقها جلالة الملك محمد السادس، ومن بينها ترسيخ مفهوم جديد للسلطة أعطى دفعة جديدة للعلاقات بين الإدارة والمواطنين، وإصلاح مدونة الأسرة، التي كرست المساواة بين الجنسين وكرامة المرأة، ومراجعة قانون الحريات العامة سنة 2002، ومدونة الشغل سنة 2003، وقانون الأحزاب السياسية سنة 2006، فضلا عن قانون الجنسية سنة 2007. وأبرزت الصحيفة أن "مجموع هذه التدابير تستجيب للمعايير الدولية في مجال الممارسة الديمقراطية"، مضيفة أن الشق الخاص بالتنمية البشرية اعتبر بمثابة ورش "أساسي" في إطار هذه الدينامية الإصلاحية، من خلال المبادرة الوطنية للتنمية البشرية. فاينانشل تايمز: المغرب "نموذج فريد" للإصلاحات الديمقراطية بالعالم العربي كتبت اليومية البريطانية "فاينانشل تايمز"، أول أمس الأحد، أن المغرب يشكل "نموذجا فريدا" في مجال تفعيل الإصلاحات الديمقراطية ضمن سياق عربي يتسم بانعدام الاستقرار السياسي. وقالت الصحيفة إن "الملاحظين يتابعون عن كثب التطورات التي حققها المغرب، كنموذج فريد لبلد عربي اختار الإصلاحات الديمقراطية ضمن سياق إقليمي يطبعه انعدام الاستقرار السياسي"، مشيرة إلى أن معدل المشاركة في اقتراع الجمعة، الذي بلغ 45 في المائة، يبقى "مرتفعا جدا مقارنة مع الاستحقاقات الفارطة". ونقلت، من جهة أخرى، عن بوب راي، قائد حزب ليبيرالي كندي، شارك في لجنة الملاحظين الدوليين، قوله إن الانتخابات جرت في جو تطبعه "الشفافية" . وكانت الصحيفة كشفت، يوم الجمعة المنصرم، أن الملاحظين اعتبروا أن التطورات السياسية التي يشهدها المغرب يمكن أن تشكل نموذجا بالنسبة للمنطقة، مشيرة إلى أن المملكة، باعتبارها بلدا يقيم علاقات اقتصادية متينة مع أوروبا، "مختلف في العديد من الجوانب عن باقي بلدان المنطقة". باحث أسترالي: استحقاقات كذبت التنبؤات المتشائمة بدوره، أعرب الأسترالي غريغوري إر. كوبلي، رئيس "جمعية الدراسات الاستراتيجية الدولية"، يختص بتحليل نظم المعلومات في مجال الدفاع والسياسة الخارجية، عن "ارتياحه الكامل للشفافية" التي طبعت هاته الاستحقاقات. كما أشاد بحسن سير عملية التصويت و"السلوك السليم" للأحزاب السياسية المتنافسة. كما اهتم موقع "أونبرميسيا" بنسبة المشاركة التي ميزت اقتراع يوم الجمعة المنصرم. وأوضح أن "45 في المائة نسبة المشاركة تكذب التنبؤات التي طبعها التشاؤم والتي توقعت انخفاضا في نسبة المشاركة"، مؤكدا أن "الناخب المغربي نقض هذه التوقعات المتشائمة أو العدمية والتي تظهر بعض الجهل بالمجتمع المغربي".