تلقي الكاتبة والناقدة المغربية زهور كرام من 14 إلى 19 نونبر الجاري، بجامعة ميشيغان الأميركية، مجموعة من المحاضرات حول الإبداع والنقد المغربيين، وعن الحركة الثقافية بالمغرب، التي بدأت تشهد في السنوات الأخيرة تحولا كبيرا، وتراكما نوعيا يساهم فيه الأفراد بشكل كبير، وليس المؤسسات الرسمية أو غير الرسمية في البلد. الكاتبة زهور كرام الكتابة والأدب والنقد ستكون هي النوافذ الرئيسية، التي سيطل بها المغرب على الجمهور الأميركي، الذي لا يعرف إلا النزر القليل عن الإبداع والأدب بالمغرب، خاصة أن الجهات الرسمية والدبلوماسية المغربية، لا تعير للشأن الثقافي كثير اهتمام، وتعطي الأولوية للسياسة والاقتصاد، وتظل الثقافة والأدب هي آخر اهتماماتها، رغم أنها هي البوابة الرئيسية والفعالة لتغيير العديد من الصور النمطية عن المغرب. لم تسع الكاتبة زهور كرام من أجل الحصول على هذه الدعوة، ولكن كتاباتها وحضورها الإبداعي والنقدي المشرف على مستوى العالم العربي، هو الذي خول لها هذه الفرصة، وجعل مايكل بونر، رئيس قسم الدراسات الشرق أوسطية بجامعة ميشيغان، كما ذكرت في تصريح ل "المغربية"، يوجه لها الدعوة، خاصة أن هذا الباحث يعد من المتحمسين لمشروع سلسلة محاضرات عن الكاتبة العربية بالقسم، الذي يشرف عليه بجامعة ميشيغان، والذي سبق أن استضاف مجموعة من الكتاب العرب من بينهم الشاعر السوري أدونيس. وأشارت إلى أن الدعوة الموجهة إليها تقف وراءها، أيضا، وجدان الصايغ، الكاتبة العراقية وأستاذة مادة كاتبات عربيات بقسم الدراسات الشرق أوسطية بجامعة ميشيغان. وأضافت زهور كرام أن برنامج هذه الزيارة الأميركية سيشمل محاضرات مع الطلبة حول تجربتها في الكتابة، ولقاءات مع رؤساء أقسام الدراسات الشرق أوسطية حول الأدب والثقافة بالمغرب، ومحاضرات أخرى حول الدراسات النسوية، وأمسية شعرية بمشاركة الطلبة، يقرأ فيها شعراء عرب قصائدهم، وتقدم فيها الكاتبة زهور كرام نماذج من الشعر المغربي، إذ ستطلع الجمهور الحاضر على التحولات التي عرفتها الكتابة الشعرية بالمغرب، خاصة مع الثورة الرقمية، والربيع العربي، إضافة إلى المحاضرة العامة الكبرى بجامعة ميشيغان، التي سيحضرها جمهور كبير، وستكون حول الكتابة الأنثوية بالمغرب، وقضايا الكتابة النسائية العربية. وأوضحت كرام "بقدر ما اندهشت لهذه الدعوة، خاصة أنني لم يسبق لي أن انفتحت على الجامعات الأمريكية، بقدر ما اعتبرتها فرصة لخلق تواصل علمي وثقافي مع المتلقي الأمريكي. كما اعتبرتها تجربة مهمة بالنسبة لي للانفتاح على التجربة الأمريكية، بعدما تحددت معظم علاقاتنا مع التجربة الفرنسية"، مشيرة إلى أنها تتعامل مع هذه الدعوة العلمية بمسؤولية كبيرة، لأنها لا تعتبرها مجرد دعوة لإلقاء محاضرات عن تجربتها في الكتابة والإبداع، والحديث عن الكتابة النسائية المغربية والعربية، ولكنها تتعامل معها بنوع من المسؤولية، مادامت ترى فيها حوارا ثقافيا وعلميا، وحوارا حول المفاهيم والتصورات والصور، وحوارا من أجل التواصل والتحليل، وحوارا حول التجارب في الكتابة والتعبير، وفي الرؤية والتبليغ. واعتبرت كرام هذه الزيارة الأكاديمية فرصة لتقديم الثقافة والأدب المغربيين، والحديث عن الحالة الثقافية المغربية، التي تشهد تعددا وتنوعا كبيرين، يعكسان طبيعة المغرب الفسيفسائي. وقالت "لا أعتبر الرحلة العلمية تخص فقط تجربتي مع الكتابة والإبداع، ومساري في البحث العلمي الأكاديمي، إنما هي دعوة للإبداعية المغربية، وللكاتبة المغربية. لهذا، أعتبر هذه الزيارة مهمة حضارية عبرها أتشرف بالتعريف بواقع التفكير النسائي المغربي، وبطبيعة الإبداع المغربي، وأيضا فرصة لاستحضار الجامعة المغربية، خاصة جامعة ابن طفيل بالقنيطرة، التي أنتمي إليها، إلى جانب تقديم صور جديدة عن الأنا المغربي والعربي، الذي يحضر هناك عبر كليشهات مستنسخة". وأوضحت كرام أن زيارتها متعددة الأهداف، ومتنوعة الأفاق، تبدأ من تجربتها في الكتابة لتنخرط في واقع الكاتبة المغربية، ثم وضعية الأدب المغربي، ولهذا كما قالت، فهي عندما تستحضر مختلف آفاق هذه الزيارة تشعر بمسؤولية كبيرة، وتتحمس أكثر لكي تشرف بلدها، كامرأة كاتبة وباحثة جامعية، ومواطنة مغربية، آمنت بالكتابة، باعتبارها أجمل زمن للانتماء، فجاءت الكتابة أجمل فضاء بالنسبة إليها للسفر إلى الآخر. وأضافت كرام أنها ستحرص، خلال هذه الزيارة، على طرح مسألة الترجمة، خاصة ترجمة الإبداع المغربي إلى اللغة الإنجليزية، حتى يصل الصوت المغربي إلى الآخر، مادام المغرب لا يتوفر على مؤسسات تهتم بترجمة الإبداع المغربي إلى لغات العالم. تعد الكاتبة زهور كرام من أبرز الأسماء المغربية في المجال النقدي المغربي، ساهمت من خلال الدرس الجامعي في تكوين العديد من الطلبة والطالبات، وفي إعطاء البحث الجامعي دفعة قوية، من خلال عقدها لشراكات بحثية وجامعية مع مختلف الجامعات، كان آخرها جامعة بتركيا، كما ساهمت في تعزيز الكتابة النقدية بمجموعة من الدراسات المتميزة حول الكتابة النسائية، والإبداع الروائي والقصصي في العالم العربي، مثل دراستها، التي تحمل عنوان "السرد النسائي العربي مقاربة في المفهوم والخطاب" 2004، وبيبليوغرافيا المبدعات المغاربيات بالاشتراك مع الباحث محمد قاسمي 2006، ودراسات حديثة حول الثقافة الرقمية بالعالم العربي، هذا إضافة إلى مجموعة من الكتابات الإبداعية، التي دشنتها بروايتها "جسد ومدينة" سنة 1996، و شذرات ونصوص "سفر في الإنسان" 1998، وكتاب "في ضيافة الرقابة" 2001، ورواية " قلادة قرنفل" 2004، والمجموعة القصصية "مولد الروح" 2008.