تحت شعار "بخطى نبيلة"، تحتضن مدينة فاس، من 18 إلى 22 أكتوبر الجاري، فعاليات الدورة الخامسة من المهرجان الدولي للرقص التعبيري، المنظم من طرف جمعية بابل للثقافة والفن أحد عروض المهرجان السابقة (خاص) بمشاركة فرق من المغرب، وفرنسا، وبلجيكا، وهنغاريا، وفنلندا، والجزائر. وتتميز الدورة الخامسة من هذا المهرجان، الذي يصر منظموه على الاستمرار رغم قلة الدعم وغياب الإمكانيات اللازمة، بالإعلان عن بنك للمعلومات المتعلقة بالرقصات المغربية، الذي سيكون من مهامه تجميع كل الرقصات الحية والمهددة بالاندثار وتوثيقها بالصورة المتحركة والثابتة، وأرشفة البحوث، التي جرى إنجازها حولها، بهدف تأسيس ذاكرة كوريغرافية، وتيسير السبيل لكل الباحثين في هذا المجال من المغاربة والأجانب، وحماية التراث الكوريغرافي المغربي من التبدد والانقراض. في هذا الصدد، ذكر عزيز الحاكم، مدير المهرجان، في تصريح ل "المغربية" أن فكرة إعداد بنك للمعلومات تولدت لدى منظمي المهرجان وأصدقائهم، في الجلسة التقييمية للدورة الماضية من المهرجان، ولقيت استحسانا من طرف الجميع، خاصة أن المغرب يفتقر إلى ذاكرة لرقصاته. وأوضح الحاكم أن يوم 19 أكتوبر الجاري، سيخصص المهرجان لقاء للإعلان عن هذا البنك، الذي سيغذى في البداية بما تتوفر عليه الجمعية من وثائق وصور عن الدورات الخمس للمهرجان الدولي للرقص التعبيري، وبمجموعة من الدراسات والبحوث، والأقراص، والديفي ديات، والتسجيلات المتوفرة حول الرقصات المغربية الصوفية الروحانية، والرقصات الشعبية والحديثة، في انتظار تكوين خلية عمل من طرف أصدقاء المهرجان، وتخصيص موقع إلكتروني لهذا الغرض. وأشار الحاكم إلى أن المغرب يتوفر على ألف رقصة، لكنها متناثرة وعرضة للضياع، ما دامت الجهات الوصية على القطاع، وعلى رأسها وزارة الثقافة، لم تقم بواجبها في هذا الإطار، فلحد الساعة، كما قال، لا توجد مؤسسة أو أكاديمية في المغرب خاصة بالرقص، وفي المقابل نجد بلدانا إفريقية فقيرة وتعيش على وقع الحرب باستمرار، لها جامعات متخصصة في الرقص، بل إن كيطوهاتها تعتني بالرقص وتوليه الأهمية اللازمة. ولهذا السبب، ذكر الحاكم أنه يعول في مساعدته على تحقيق هذا البنك المعلوماتي الخاص بالرقصات المغربية، على الجهات الدولية، لأنها جدية وعملية، ولها غيرة على البحث وعلى التراث، أكثر من بعض الجهات المغربية، وتمنى أن تستجيب وزارات الثقافة، والشباب، والسياحة، والتعليم، والأكاديميات، لهذا المشروع، لأنه سيمكن من الحفاظ على هذا الكنز بالمغرب وتطويره. وأوضح الحاكم أن بنك المعلومات سيكون عمليا وفي الميدان، وأن القائمين عليه سيحملون كاميراتهم، وسيتنقلون في مختلف المناطق المغربية من أجل التوثيق للرقصات، لجعل بنك المعلومات نافذة مرئية لهذا الفن التعبيري بالمغرب. واعتبر الحاكم أن المهرجان الدولي للرقص التعبيري بفاس، حدث فني يسعى إلى الانفتاح على عالم الرقص، من خلال إعادة اكتشاف ثراء وإبداعات الرقصات الوطنية والدولية، عن طريق إبراز لغة الجسد، مؤكدا أن الهدف من هذا الحدث هو "خلق فضاء للتلاقي والتلاقح وتبادل المعارف والخبرات بين الفنانين الكوريغرافيين المغاربة والأجانب، وجعل الرقص التعبيري واجهة للشباب الموهوب، في مجال الإبداع المتجدد، ومناسبة للمتعة والتكوين". وأضاف الحاكم أن جمعية بابل للثقافة والفن أنشأت هذا المهرجان، منذ سنة 2007، لإتاحة الفرصة لهواة الرقص والمهتمين وعامة الناس كي يستمتعوا بأجمل الفرجات الكوريغرافية المحلية والعالمية، والتفكير، أيضا، في "الوسائل الكفيلة بتطوير رقصاتنا التقليدية والتراثية، والرقي بها من مستوى العفوية إلى مرتبة التعبير بالحركات والإشارات عن مكنونات الجسد، بلغة كوريغرافية خاصة"، مشيرا إلى أنه من خلال الجمع بين الرغبة في تعريف الجمهور بمميزات الرقص المعاصر، وخصوصيات الرقص التقليدي، يسعى المهرجان إلى "مد الجسور بين ما هو أصيل وما هو حديث في مجال الرقص، انطلاقا من الحاجة الماسة إلى نشر ثقافة الجسد، بما هي مؤشر حضاري على علو شأن الثقافة بصفة عامة، في عالم تزداد فيه الحاجة يوميا إلى لغة تواصلية تتجاوز إطار المقروء والمكتوب". وبما أن المغرب، كما قال الحاكم، بلد "الألف رقصة ورقصة" كان من الضروري التفكير في فضاء مناسب لاستحضار مجموع الرقصات التقليدية والتراثية المغربية، إلى جانب أحدث التجارب الكوريغرافية العالمية، بغية إطلاع فناني العالم على غنى رقصاتنا وتنوعها. وإلى جانب الرقصات الفردية لبلدان معينة، أو المشتركة بين بلدين أو أكثر، التي ستقدم بالمركب الثقافي الحرية بفاس، والتي ستشمل الرقص الشرقي الشعبي والمعاصر، والباليه، والطانغو، وغيرها من الرقصات، يتضمن برنامج الدورة الخامسة من المهرجان الدولي للرقص التعبيري بفاس، مائدة مستديرة في موضوع "أناقات الجسد" من تأطير الباحث المغربي إدريس كثير، ومشاركة الباحثين: ألان وبابيط غازو من فرنسا، وأنيك بايول من بلجيكا، وفيدا فيراغ من هنغاريا، وأحمد مسعاية، وهند بنعلي من المغرب، ومحترفات للرقص كل يوم من العاشرة صباحا إلى منتصف النهار، إضافة إلى معارض فنية في التشكيل والصورة بمشاركة الفنانين عبد المالك العلوي، وعزيز أزغاي، والباز الوزاني. سيفتتح المهرجان يوم 18 أكتوبر الجاري، بالعرض الكوريغرافي الفرنسي "مجرى حياة، مسار نساء" لفرقة "ثيما دانس"، وستقدم في الأيام الموالية مجموعة من العروض الكوريغرافية هي: "أميرة الماء" لمحترف "كامي دانس" من المغرب، و"مقاومات" لتجمع الفنانين الشباب من المغرب والجزائر، و"صور" لفرقة أستوديو الرقص الحديث من هنغاريا، وسيختتم المهرجان يوم 22 أكتوبر الجاري، بالعرض الكوريغرافي "نزهات شرقية" لفرقة "رقص الروح" من بلجيكا، وفينلندة، والجزائر.