تواصل قوات المجلس الوطني الانتقالي هجومها لطرد آخر القوات الموالية للعقيد معمر القذافي من سرت، لكنها تتقدم ببطء بسبب المقاومة الشرسة لقوات الزعيم الليبي المخلوع في مسقط رأسه سرت (360 كلم من طرابلس). مقاتل موال للمجلس الانتقالي الليبي يطلق النار في سرت (أ ف ب) من جهته، قال رئيس المجلس الوطني الانتقالي، مصطفى عبد الجليل، إن "المعارك الجارية في سرت حاليا شرسة وغالبا ما تكون المعارك الأخيرة الأكثر قساوة". وتابع عبد الجليل، في مؤتمر صحفي مشترك مع وزيري الدفاع البريطاني والإيطالي، عندما تصبح سرت تحت سيطرتنا سنعلن تحرير ليبيا. وبتحرير سرت نكون قد سيطرنا على كل الموانئ البحرية". وأضاف "أن مقاتلينا يواجهون قناصة يتمركزون في نقاط مرتفعة داخل سرت، والبارحة فقط سقط لنا 15 قتيلا و180 جريحا"، مطالبا المجتمع الدولي بتقديم المساعدة للعناية بالجرحى. وفي هذه الأثناء، أعلن مسؤول كبير في البنتاغون أن قيادة الحلف الأطلسي تعتبر أن القذافي فقد السيطرة على القوات الموالية له، وعلى وشك الانهزام في مسقط رأسه سرت. وقال هذا المسؤول، في تصريح صحفي، إن ضباطا في الحلف الأطلسي أبلغوا وزير الدفاع الأمريكي، ليون بانيتا، بهذه المعلومات، خلال اجتماع، جمع الطرفين في نابولي، الجمعة الماضي، مضيفا أن القذافي "لم يعد له فعليا أي سيطرة على القوات العسكرية الموالية له". واعتبر هذا المصدر أن مصير معركة سرت سيحدد بشكل كبير مستقبل الهجمات الجوية، التي يقوم بها الحلف الاطلسي، مؤكدا أن "المجلس الوطني الانتقالي قادر على السيطرة على كامل البلاد، إلا أنه ما يزال بحاجة إلى تحسين قدراته التنظيمية". وبعدما شنوا ما أطلقوا عليه "الهجوم النهائي" على سرت تحت غطاء مدفعي وصاروخي كثيف، فإن مقاتلي المجلس الانتقالي لم يتمكنوا من إحراز تقدم كبير، بسبب المقاومة الشرسة من كتائب القذافي. وكان القيادي في المجلس الانتقالي، ناصر ابو زيان، قال، الجمعة الماضي، لوكالة فرانس برس "نحن نحاصرهم (قوات القذافي) في وسط المدينة في منطقة لا تزيد مساحتها عن بضعة كيلومترات مربعة". لكن مع تقدم مقاتلي المجلس الانتقالي في أحياء المدينة أمطرتهم كتائب القذافي بوابل من قذائف الهاون ونيران المدافع الرشاشة ورصاص القناصة ما أوقف زخم الهجوم، لكن دون أن يمنع المهاجمين من السيطرة على مجمع سكني ضخم يضم حوالي 700 وحدة سكنية غرب وسط المدينة. لكن مقاتلي السلطة الجديدة، الذين تقدموا من الجهة الشرقية لسرت تمكنوا، بعد ظهر السبت، من السيطرة على هذا الشارع الرئيسي الطويل، الذي يتحكم بالمدخل الجنوبي للمدينة، وواصلوا تقدمهم باتجاه المواقع، التي ما تزال تحت سيطرة كتائب العقيد الفار. ويصل الطريق بين قلب المدينة ومركز واغادوغو للمؤتمرات باتجاه الجنوب. وقال قائد العمليات في الموقع "سيطرنا كذلك على مدرسة، ونحن نتقدم داخل حي الموريتانيين، باتجاه وسط المدينة، لكننا اضطررنا لإبطاء تقدمنا لوجود عائلات عالقة في المنطقة وخشية حصول إطلاق نار بين الثوار أنفسهم عن طريق الخطأ". فمع احتدام المعارك وتضييق الخناق على المدافعين يصبح المهاجمون، الذين يتقدمون من عدة محاور على مقربة من بعضهم البعض ما يعرضهم لنيران رفاقهم وهذا ما حصل بالفعل حيث تلقى مقاتلون من قوات المجلس الانتقالي اوامر بوقف القصف المدفعي والصاروخي، لأن نيرانهم أصابت رفاقا لهم كانوا يتقدمون على بعد بضعة كيلومترات. وعلى الصعيد الإنساني، ما يزال وضع المدنيين حرجا، وقالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن "آلافا من المدنيين ما يزالوا محاصرين في سرت"، ولا يوجد سوى عدد قليل من الأطباء في مستشفى ابن سيناء الرئيسي في المدنية.