على طول الطريق الساحلية لشاطئ عين الذئاب، يلفت انتباه الزوار مجسم ضخم لشخصية كرتونية، مقتطفة من حكايات "ألف ليلة وليلة" يتعلق الأمر بسندباد أو "السندباد البحري"، الذي اعتاد الجميع الأطفال في كل مرة تطأ فيها أقدامهم المنطقة، أخد صور تذكارية بجانبه، وهو يرتدي سترته الصفراء العجائبية، إلا أن إقفال حديقة الألعاب سندباد، التي توجد خلفه، أثر سلبا على جاذبيته. "المغربية" زارت الحديقة المهمشة، لتكتشف بجانب أقفاص الحيوانات المهجورة، حالات لعمال أنهكهم الغبن والنسيان. "باقين مادارو معانا والو"، جملة أصبحت لصيقة بأفواه مجموعة من العمال بحديقة الألعاب سندباد، بسبب ما لحقهم من إهمال، يعزوه أغلبهم لمسؤولين تناوبوا على تسيير الحديقة، يماثل إهمال مختلف مرافق الحديقة الحيوية من ألعاب ومقاهي ومحلات لبيع المثلجات، ما عجل بإقفالها أمام دهشة واستغراب زوارها. أحد عمال الحديقة، فضل عدم ذكر اسمه، قال ل"المغربية"، إن العمال المتبقين بها يشتكون الغموض الذي يلف مستقبلهم، بعدما سهروا لسنوات عديدة على جعل الحديقة رمزا سياحيا يجلب العديد من زوار مدينة الدارالبيضاء. فمنذ رحيل المسؤول الأول عبد القادر أنوار، بسبب مشاكل مهنية بينه وبين مسؤولين بارزين، والمالك الأول لشركة «الراحة» المستغلة لفضاء حدائق الألعاب، منذ سنة 1996، أصبحت الحديقة تتخبط في العديد من الأزمات، التي سرعت بإقفالها، وشردت عمالها. ويضيف المصدر نفسه، أن مشغلهم السابق أنوار كان يؤدي لهم أجورهم بانتظام، ويسدد اقتطاعاتهم بشكل منتظم إلى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. فقط25 لعبة بالحديقة المدخل الرئيسي لحديقة الألعاب سندباد، التي تبلغ مساحتها 8 هكتارات، مغلق، والسياج المحيط بها أصبح صدئا، فتح بعض الشباب جزءا منه قصد دخول البحيرة، لاصطياد الأسماك الموجودة بها والسباحة، حتى أن منهم من اختار اصطحاب عشيقته إلى المكان للاختباء عن عيون السلطات والفضوليين تحت أشجار الكاليتوس، ليستمتع بزقزقة عصافيرها غير المبالية بما يحدث. خراب هنا وهناك، ألعابها الخمسة والعشرون تهاوت معظمها على الأرض بسبب غياب الصيانة والصدأ، الذي طالها بفعل الإهمال، بعدما كانت تستقطب العديد من الزوار، مقاه مقفلة، ألوان بناياتها أصبحت باهتة، وروائح تزكم الأنف تنبعث من مرافقها الصحية، حتى طيور البط، التي اختارت من نهرها مكانا للعيش والتكاثر به نالت قسطا من هذا الإهمال، شأنها شأن بعض العمال المتبقين بالحديقة من حراس وحدائقيين لا حول ولا قوة لهم. بقايا حديقة الحيوانات غير بعيد عن حديقة الألعاب، توجد مقهى أموكار المقفلة منذ سنين، بعدما كانت هي الأخرى تستقطب العديد من الزبناء، وعلى طول مساحة الغابة، التي تبلغ نحو 70 هكتارا، تقع حديقة الحيوانات، التي ظلت لسنين تستقبل العديد من الزوار البيضاويين، للتمتع برؤية مختلف الحيوانات، التي كانت تزخر بها، من أسود وغزلان وقردة..، أصبحت اليوم مجرد شبح مرعب لحديقة لطالما كانت الوجهة المحببة لسكان الدارالبيضاء، وحتى بعض المدن القريبة، حيث جرى تخريب معظم الأقفاص، وتصريف عمالها من دون مستحقات، بعدما تفانوا في خدمتها ما يقارب العشر سنين، ولعل الرابح الأكبر من عملية الإفراغ، التي شهدتها الحديقة هو القرد، الذي ما يزال يسكن الغابة مخلفا رعبا بين الزوار. يقول حميد.ب، أحد العاملين السابقين بالحديقة ل "المغربية"، إنه يأمل في العودة إلى العمل بالحديقة بعدما عمل بها أكثر من عشر سنوات ويتحصر على الطريقة التي جرى الاستغناء عنه بها دون تعويضات، رغم أنه مازال لحد الآن يحتفظ بسندات تثبت مدة عمله بالحديقة. وبالنظر للأهمية الكبرى، التي تكتسيها غابة السندباد، التابعة لتراب مقاطعة أنفا، إضافة إلى موقعها الإستراتيجي داخل العاصمة الاقتصادية، هناك حديث عن إعادة هيكلتها وإنجاز مرافق سياحية وسكنية، باستثمار يقدر ب2.2 مليار درهم، الذي يدخل في تهيئته كل من ولاية الدارالبيضاء والمندوبية السامية للمياه والغابات والمركز الجهوي للاستثمار و«كونسورسيوم». تبقى الإشارة إلى أن وجود مجموعة من أحياء دور الصفيح بالمنطقة من شأنه أن يعطل المشروع، الذي جرت المصادقة عليه قبل شهور، أبرزها كاريان شنيدر، والمسعودي.