أجمع المثقفون والكتاب المغاربة على ضرورة الاحتفاظ بجائزة المغرب للكتاب، الجائزة اليتيمة التي تتوج الكتاب والمبدعين سنويا في المغرب بنسالم حميش وزير الثقافة (خاص) ودعوا إلى ضرورة مراجعتها وتوسيع أصنافها حتى تستجيب لتطلعات المثقفين والكتاب المغاربة، والرفع من قيمتها، حتى لا تظل في عداد المكافأة، وتعطي صورة حقيقية عن الحراك الثقافي والفكري، الذي يشهده المغرب. وأكد هؤلاء المثقفون، الذين استقت "المغربية" آراءهم، رفضهم للسياسة التي تنهجها وزارة الثقافة، على عهد الوزير بنسالم حميش، الذي حاول "الإجهاز" على جائزة المغرب للكتاب، المحدثة سنة 1974 على عهد وزير الدولة المكلف بالشؤون الثقافية امحمد أبا حنيني، من خلال مشروع مراجعتها، وتحويلها من جائزة سنوية إلى جائزة تمنح مرة كل سنتين، وهو المشروع الذي تراجع عنه الوزير، في بيان أخير له، بعدما أصدر اتحاد كتاب المغرب بيانا يشجب فيه مشروع مقترح وزير الثقافة لتعديل الجائزة، وتقليص أصنافها إلى ثلاثة بدل خمسة، دون استشارة المثقفين والكتاب، ولا الإطارات الثقافية التي تمثلهم. لم يقف اتحاد كتاب المغرب عند هذا الحد، بل كشف في بيان آخر محاولة وزارة الثقافة تغليط الرأي العام، وتكذيبها لما نشرته الصحف الوطنية بخصوص تعديل قانون جائزة المغرب للكتاب، ولما جاء في بيان اتحاد كتاب المغرب السابق، واعتبرته "تزييفا للحقيقة ومغالطة جديدة من الوزارة للرأي العام". وأضاف اتحاد كتاب المغرب في البيان نفسه، الذي توصلت "المغربية" بنسخة منه، أنه على إثر البيان الذي أصدره الاتحاد "بادر وزير الثقافة إلى عقد اجتماع مع بعض المثقفين، مع تغييب تام لاتحاد كتاب المغرب مرة أخرى، مع أنه هو الجهة المعنية بإثارة القضية، بغاية التشاور معهم في ما أثاره الاتحاد، بخصوص مقترح الوزير القاضي بتعديل قانون الجائزة المذكورة. وأسفر هذا الاجتماع، الذي لم تجر الإشارة إليه عمدا في البيان، الذي أصدرته وزارة الثقافة أخيرا، إلى رفض أغلبية المجتمعين تعديل القانون المذكور، وتمكنوا بالتالي من إقناع الوزير بالعدول عن قراره". من جهته عبر الكاتب مبارك ربيع، أحد المثقفين الذين استشار معهم وزير الثقافة بخصوص تعديل الجائزة، عن تشبثه بجائزة المغرب للكتاب، وبانتظامها السنوي، داعيا، في تصريح ل "المغربية" إلى مراجعتها والذهاب بها إلى الأحسن والتعدد والأرقى، خاصة أنها جائزة لا تحمل اسم شخص معين، بل هي جائزة تحمل اسم المغرب، عكس الجوائز العربية المشخصنة. وأكد ربيع على ضرورة الرفع من قيمتها، لأن ما يرصد لها من ميزانية "لا يدل على اهتمام المغرب بالثقافة، والرفع من شأن المثقفين والكتاب". الشيء نفسه عبر عنه الكاتب والباحث السوسيولوجي أحمد شراك، الذي رأى أن قيمة الجائزة اليتيمة في المغرب "لا تفي بالغرض، ولا تعكس وضعا اعتباريا للكاتب بالمغرب، فقيمتها تساوي سيارة اقتصادية صغيرة، وهي في هذه الحالة ليست جائزة، بل مكافأة"، مشيرا إلى أن تبخيس الجائزة رغم تراكماتها، يعكس عقلية المسؤولين والنخبة تجاه المنتوج الثقافي والثقافة بالمغرب، التي تعد شيئا ثانويا ومحتقرا في الغالب. وتساءل شراك عن قيمة الجائزة، التي تحمل اسم الدولة المغربية، ومجموعها لا يتجاوز نصف مليون درهم، وقال إنه تبخيس واضح للمنتوج الثقافي المغربي، الذي يشهد تجاهلا من طرف الخواص، الذين نعتهم ب "البورجوازية الرثة"، مستعيرا تعبير فرانس فانون، لأنهم ينفقون أموالهم، برأيه، على العقارات والبذخ، ولا يلتفتون للمنتوج الثقافي، والرأسمال الرمزي للأمة، على عكس ما نلحظه في دول الخليج. وأشار شراك إلى ضرورة مراجعة أصناف الجائزة وتوزيعها من جديد، واقترح أن تتوزع جائزة العلوم الإنسانية إلى جائزتين، جائزة الفلسفة والعلوم الإنسانية، وجائزة الاقتصاد والعلوم الاجتماعية، مثلما جرى توزيع جائزة الإبداع إلى جائزتين واحدة خاصة بالشعر، وأخرى خاصة بالسرود. أما بخصوص التعديلات التي كان الوزير ينوي إجراءها على الجائزة، فرأى فيها شراك أمرا غريبا، خاصة أن "الكاتب بنسالم حميش كان ترشح لجائزة المغرب للكتاب، وكان يصبو إليها، ولم يحصل عليها للأسف، ولربما هذا رد فعل نفسي لمحاولة حذفها انطلاقا من الشعار المعروف "علي وعلى أعدائي". وإذا كان وزير الثقافة يفكر بهذا المنطق، فوداعا للثقافة والمثقفين، ومن حسن حظ الثقافة في المغرب أن الوزير وغيره في هذه الحكومة سيرحلون بعد أيام". للإشارة، عرفت جائزة المغرب للكتاب، التي أحدثت سنة 1974 على عهد وزير الدولة المكلف بالشؤون الثقافية امحمد أبا حنيني بهدف تتويج أعمال مغربية حول حضارة المغرب والبحث العلمي والإنتاج الأدبي والفني المغربي، بعض التعديلات خلال مسارها التاريخي، حتى أصبحت تقليدا سنويا تدشن به وزارة الثقافة افتتاح المعرض الدولي للنشر والكتاب، الذي ينظم في شهر فبراير من كل سنة. وجرى الرفع من قيمتها في عهد وزير الثقافة الأسبق محمد الأشعري من 50 ألف درهم إلى 70 ألف درهم، وفي عهد الوزيرة السابقة ثريا جبران إلى 120 ألف درهم، كما جرى إحداث جائزة جديدة خاصة بالمصنفات الشعرية إلى جانب جائزة خاصة بالسرديات.