بوادر لعنة أخرى تلاحق وزير الثقافة بنسالم حميش على بعد أسابيع فقط من انتهاء عمر الحكومة الحالية. فبعد غضبة المثقفين والكتاب والمسرحيين والموسيقيين عليه واحتجاجهم أمام باب وزارته مطالبين برحيله، جاء الدور، مرة أخرى، على الكُتاب الذين ثاروا ضد مقترح له يقضي بمراجعة جائزة المغرب للكتاب بتقليص أصنافها وتأخير منحها إلى سنتين عوض كل سنة. وفيما يتحدث اتحاد كتاب المغرب عن اعتزام حميش إخراج مقترحه إلى أرض الواقع، أكد مصدر من الوزارة أن هذا الأمر ليس سوى مقترح مطروح للنقاش. وقال عبد الرحيم العلام، رئيس اتحاد كتاب المغرب، إنه في الوقت الذي كان فيه المثقفون ينتظرون من بنسالم حميش أن يختم مساره كوزير للثقافة خلال الولاية التي ستنتهي قريبا، بقرار أو مشروع يبرهن فيه على سعيه إلى "الإصلاح الثقافي" وخدمة المثقفين والفنانين.. " يفاجئنا باقتراح مشروع نص، تمنح بموجبه جائزة المغرب للكتاب كل سنتين بدل كل سنة، فضلا عن تقليص أصناف الكتابة والتعبير المتبارى فيها، من خمسة أصناف إلى ثلاثة". واعتبر العلام في تصريح ل"هسبريس" أن هذا القرار الذي اتخذ بدون استشارة الأطراف المعنية، وخصوصا اتحاد كتاب المغرب"، مضيفا أنه إذا ما تم تنفيذه، "فذلك سيشكل ضربة أخرى حقيقية للثقافة الوطنية وللفكر والإبداع المغربيين"، مستثقلا أن يحدث ذلك من قبل "شخص مبدع وكاتب يفترض فيه أن يكون أكثر المسؤولين حرصا على الدفاع عن الثقافة والمثقفين"، إذ، يضيف العلام، أنه في الوقت الذي منح فيه الدستور الجديد حيزا مهما للثقافة وشرفها بمجلس وطني احتل المرتبة الأولى في الدستور، من بين المجالس العليا الأخرى، نجد أن وزير الثقافة لازال، للأسف، يسير ضد رغبة الإصلاح التي تبناها الشعب المغربي. وصدر عن المكتب التنفيذي لاتحاد كتاب المغرب بلاغ عبر فيه عن رفضه لهذا التعديل، على اعتبار أنه "يمس بأحد مكتسبات المغرب الثقافية، ويتنافى مع المكانة المتقدمة التي منحها الدستور الجديد للثقافة والمثقفين في التعاقدات السياسية والاجتماعية لبلادنا". ودعا البلاغ إلى "ضرورة الحفاظ على هذه الجائزة اليتيمة للوزارة، ومراجعة حيثيات منحها نحو الأفضل، باعتبارها المكسب الثقافي والتحفيزي الوحيد للكتاب والمبدعين والباحثين المغاربة من قبل الدولة". وطالب أعضاء المكتب التنفيذي الوزير بالعدول عن قراره وإجراء استشارات واسعة مع الأطراف المعنية، وذلك "اعتبارا للدينامية الثقافية الإيجابية التي تعرفها بلادنا في مختلف مجالات الإبداع والمعرفة، والتي تستحق أكثر من جائزة سنوية، وأكثر من تقدير واعتبار". وأشار ذات البلاغ إلى أن أعضاء الاتحاد ليسوا ضد تطوير هذه الجائزة والرفع من قيمتها وإشعاعها. ولم تستطع "هسبريس" أخذ وجهة نظر الوزير بنسالم حميش في هذا الموضوع، بسبب تواجده في عطلة خارج أرض الوطن. غير أن مستشاره الإعلامي، البشير الزناكي، نفى أن تكون هناك أية ترتيبات أو إجراءات لإصدار قانون إطار جديد لجائزة المغرب للكتاب، مشيرا إلى أن هذا الأمر ليس سوى "مجرد فكرة ما فتئ يصرح بها الوزير منذ توليه هذا المنصب". ووفق الزناكي، فإن حميش يرى أن الوضع الثقافي المغربي حاليا "لا يصنع كل سنة زخما كافيا يتناسب مع ما ينبغي أن يكون لجائزة المغرب للكتاب من شحنة معنوية قوية". واعتبر الوزير –على لسان مستشاره- أن إرجاء منح الجائزة إلى سنتين عوض سنة "من شأنه أن يعطي للمرشحين فرصا أكثر من الناحية العددية والإبداعية"، وهو ما اعتبره الاتحاد في بلاغه "إجهازا على المكاسب الثقافية الوطنية، تلك التي عمل وزراء ثقافة سابقون على خلقها وتطويرها..". أما عن سبب تقليص أصناف الكتابة والتعبير المتبارى فيها، فمرده حسب المستشار الإعلامي لوزير الثقافة أن العديد من الجوائز "مكرورة" مثل جائزتي الترجمة والسرديات والمحكيات، "لذلك اقترح الوزير تجميعها في صنف واحد". ورد الزناكي في تصريح ل"هسبريس" على ما جاء في بلاغ اتحاد كتاب المغرب بالقول "إنه ليس هذا مجال صراعات إضافية واختلاف متجدد مع الأطراف المعنية"، نافيا كون الوزير يتخذ قرارات أحادية بدون الاستشارة مع الأطراف المعنية، مؤكدا في هذا الصدد أن وزارة الثقافة مستعدة للحوار مع جميع الأطراف. وكان حميش محل خلافات عديدة مع الفاعلين في المجال الثقافي والمسرحي بالمغرب منذ مجيئه إلى الوزارة، كان آخرها غضبة المسرحيين عليه بعد اقتراحه إعادة النظر في طريقة الدعم الممنوح للمسرح، الأمر الذي دفع 60 فرقة مسرحية إلى مقاطعة المهرجان الوطني الأخير للمسرح، الذي نظم في مدينة مكناس.