كشف جمال بودومة، معد ومقدم البرنامج الكوميدي "الأخبار يجيبوها التاليين" عن أن برنامجه قدم، منذ سنتين للقناة الثانية، وأنه لم يكن مقترحا لشهر رمضان، بل القناة هي التي رأت فيه عملا مناسبا لرمضان وأشار إلى أنه رغم توقيته غير المناسب وعرضه فقط ثلاث مرات في الأسبوع، فإنه حظي بنسبة تتبع محترمة. وأوضح بودومة في هذا الحوار مع "المغربية" أن الفكاهة، التي يقدمها لا تقوم على الضحك على عيوب الناس وبؤسهم، وعلى "تعواج" الكلام. * ألم تخش المغامرة بدخول مجال الفكاهة في هذا الشهر، خاصة أنها لا تسلم من انتقاد الجمهور؟ ** البرنامج لم يكن مقترحا لشهر رمضان، بل قدم للقناة الثانية، منذ سنتين، كمشروع برنامج أسبوعي، يبث خلال الموسم، والقناة هي التي اقترحت علينا إنجازه في رمضان. على كل حال، السؤال ليس هل البرنامج صالح لرمضان أم لا؟ بل هل البرنامج جيد أم لا، في رمضان أو في غير رمضان؟ "الأخبار يجيبوها التاليين" مشروع يقف وراءه فريق عمل متكامل ويحمل فكرة جديدة، لذلك لا أرى في إنجازه مع القناة الثانية أي نوع من "المغامرة" بالمفهوم الذي تحدثت عنه، سواء في رمضان أو في غير رمضان. * الأخبار بالمقلوب طريقة فضلتها لتناول مجموعة من المواضيع الاجتماعية والثقافية بالمغرب، فما دواعي هذا الاختيار؟ ** فكرة "الروبورتاجات المفبركة" التي ينهض عليها البرنامج لم نخترعها نحن، بل موجودة في عدد من القنوات العالمية، مثل برنامج " Groland" في "كنال بلوس"، أو "Le vrai journal"، الذي كان يقدمه كارل زيرو على القناة نفسها. وهي فكرة يمكن أن نضعها في خانة "السهل الممتنع"، لأنها تبدو سهلة لكن إنجازها معقد، يتطلب سيناريو ومخرج وكاستينغ من نوع خاص...إلخ، أهم شيء أن هذه الفكرة في النهاية تصل إلى المشاهد، ويمكن أن تنتزع منه ابتسامة أو ضحكة أو تربكه أو تجعله يشك، وهذه ردود فعل نراهن عليها أكثر من رهاننا على الضحك، المهم ألا يكون المشاهد مجرد مستهلك بل يشارك في إنتاج العمل، وهذا الأسلوب الساخر يسمح له بأخذ مسافة مع المواضيع المعالجة وتأملها، وهي مواضيع غاية في الجدية، مثل سقوط الصوامع، ومشكلة القراءة، والمدرسة العمومية، والمخدرات... * ما قدمته في هذا العمل لقي استحسانا من طرف البعض، لكن البعض الآخر لم يستسغه فألحقه بما يقدمه عبد الخالق فهيد، ومحمد الخياري، فما ردك، خصوصا أنك تراهن على الفكاهة الذكية؟ ** لا يمكن أن نرضي الجميع، لكن رهاننا على المشاهد الذكي وعلى نشر روح جديدة من السخرية في التلفزيون تتحدث عن مشاكل المغاربة، بعيدا عن الخطابات المباشرة وعن الكليشيهات الفجة. هناك شريحة واسعة من المغاربة وجدت أن البرنامج مختلف، وأرقام المشاهدة تدل على أنه حظي بنسبة تتبع محترمة رغم التوقيت الذي يبث فيه، ورغم برمجته ثلاث مرات في الأسبوع فقط، والإعلان عنه بشكل محتشم جدا، حتى أنك لا تكاد تعثر على أي إشارة إليه في موقع القناة الثانية، كما أن وصلته الإشهارية بثت مرات معدودة، منذ بداية رمضان، بخلاف برامج أخرى. * بالمناسبة، ما هو تعريفك للفكاهة الذكية، وما شروط تقديمها وتداولها في المغرب؟ ** أن نكون جديين في سخريتنا، هذه هي الفكاهة الذكية. بمعنى أن يكون وراء العمل فكرة متماسكة واحترافية في كل مراحل الإنجاز، وألا تضحك من عيوب الناس ومن بؤسهم، وألا تعتمد على "تعواج" الوجه والكلمات كي تضحك المشاهدين، وأعتقد أن الجمهور المغربي ذكي بطبعه، يكفي أن يفتح التلفزيون المجال لهذه الروح الجديدة من السخرية، كي يتعود عليها المشاهد ويطالب بالمزيد. * لماذا انتقلت من الكتابة الصحفية ومن العمود الساخر، إلى السخرية عبر التلفزيون؟ ** التلفزيون يسمح لك بأن تجرب السخرية بلغة أخرى مختلفة، ويتيح لك، على الخصوص، أن تتواصل مع قاعدة أكبر من الناس. أما الكتابة فهي الهواء، الذي أتنفسه، ولا أستطيع أن أعيش دونها.